الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:37 AM
الظهر 11:23 AM
العصر 2:24 PM
المغرب 4:50 PM
العشاء 6:07 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

نحو نقد مزدوج لـ "الربيع العربي" في السياق الفلسطيني

الكاتب: فادي أبو بكر

عربياً، فإن نظرية العقد الاجتماعي لـ جان جاك روسو لا تنطبق على العديد من الأنظمة العربية، فالشرعية في بعض البلدان العربية أمر يفرضه الواقع السياسي الذي بطبيعة الحال يتحكم به النظام الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية. حيث أن الشعوب تربت على تقبل الانتخابات المزيفة وعلى نتائج 99.9%، والقيادة تعودت على سبات شعوبها. ومن أجل تجديد الشرعيات المزيفة تدخلت قوى الاستعمار وصممت ما عُرف باسم "الربيع العربي" لتحقيق هذه المهمة، وضمان استمرار المنظومات العربية في السياق المطلوب.

فلسطينياً، فقد سجل الشعب على مدى عقود الصراع الطويلة مع الاستعمار الصهيوني ملحمة تاريخية ستبقى مدرسة مهمة للعزة والثورة بمفهومها الحقيقي. حيث كانت القيادة والجماهير الفلسطينية في حالة تكاتف وانسجام كامل إلى حين بروز من يطرح نفسه بديلاً لمنظمة التحرير الفلسطينية، وإلى أن فرضت حالة الانقسام نفسها على الساحة الفلسطينية.

أصبح المجتمع الفلسطيني بفعل الانقسام يعيش أزمة ثقافية حقيقية، تمثلت أبرز أبعادها في غياب الاعتدال الوطني والحوار والانفتاح، الذي يمثل الأساس الذي يبنى من منطلقه الفكر الوطني. حالة الانقسام ربّت الشعب على تداول الكلام المذهبي، وزرعت فيه عدم الثقة بفعل الخطاب الإعلامي التشويهي المتبادل من قبل المستوى القيادي السياسي الفلسطيني بكافة ألوانه، ومن هنا بات هناك عزوف شبابي عن الفعل والممارسة السياسية، وعلى أمل استعادة ثقة المواطن في السياسة، لا بد من تبني رؤى وطرق بديلة.

فلسطين ستتجاوز هذه الأوضاع إذا حدث وفاق وطني ديمقراطي حقيقي، و الاستنهاض الوطني يستدعي الاهتمام بانجازات الشباب المنتمي والمبدع، والمتابعة الجدية لها. ولكن مما لا شك فيه أن ما يسمى بالربيع العربي قد كان له تداعياته على الشباب الفلسطيني من ناحية ثقتهم بأنفسهم وبأهمية وسائل التواصل الاجتماعي كأداة محورية للتعبير عن آرائهم في مختلف المساحات السياسية والاجتماعية وغيرها .. كونها غيرت من مفاهيم القوة التقليدية. حيث أصبح بإمكان عدد من المواطنين أن يشعلوا ثورة من خلال أجهزتهم الخلوية... ثورة بكل ما تعنيه الكلمة.

ويمكن القول أن الشباب الفلسطيني قد تأثروا بالتجربة الشبابية العربية ذات الصلة، فقد استطاعوا اسـتخدام الانترنـت ووسـائل التواصـل الاجتماعـي بقـدرة عاليـة، وهنـاك أمثلـة حظيـت بنـوع مـن الاعتراف العالمـي فـي هـذا الصـدد، فمثـلاً صنّفـت مجلـة التايـمز الأميركيـة، التوأمين منـى ومحمـد الكـرد، ضمـن الشـخصيات المئـة الأكثــر تأثيــراً فــي العالــم للعام 2021. حيث استطاع الأخوين الكرد بأجهزتهم الخلوية وبلغتهم السردية البسطية أن يجعلوا من حي الشيخ جرّاح قضية ذات صدى عالمي، وان ينقلوا الرواية الفلسطينية إلى العالم ويعرّفوا سكّانه ما  معنى أن تعيش تحت الاحتلال.

وهناك نماذج شبابية عديدة مشرّفة في السياق الفلسطيني، تمكّنت من تحقيق اختراق في الرأي العام الدولي في وقت قياسي عجزت عنه الماكينة الدبلوماسية والإعلامية الإسرائيلية، إلا أنها تبقى طارئة وفي إطار ما يمكن تسميته بـ"الفزعات"، خاصة في ظل مواجهة دولة الاحتلال التي أصبحت أحد أهم دول العالم في مجال الامن السيبراني، إلى جانب تواطؤ شركات التواصل الاجتماعي مع الكيان الإسرائيلي في محاربة المحتوى الرقمي الفلسطيني وبالتالي محاربة الرواية الفلسطينية.

صحيح، أن العالم العربي قد اهتزّ في نظامه وتصدّع في كيانه الحضاري، فأصبح يعاني من تعددية شاملة، ولم يعد بإمكانه أن يشكّل وحدة متماسكة يمكن حصرها في منظومة واحدة. إلا أنه وكما يقول عبد الكبير الخطبي في كتابه )النقد المزدوج(: "بإمكان البلدان التي تخضع لسيطرة الغرب – مهما كان شكل تلك السيطرة – من أن تدرك إدراكاً حسن أسس الهيمنة الغربية، وتتخذ طريقها – بعيداً عن كل أصل ووحدة وهمية – نحو سؤال لم يسبق له مثيل".

ولعلّ التوقعات المستقبلية التي قدّمها الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف بأن يشهد عام 2023 انهيار الاتحاد الأوروبي وتقسيم أوروبا، إضافة إلى إندلاع حرب أهلية أميركية وانفصال كاليفورنيا وتكساس إلى دولتين مستقلتين، كلّها أمور واردة الحدوث إذا تم التوجّه نحو السؤال الذي لا سابق له.

وفي الختام،  نضيف على قول الخطبي، بأن هذا الطريق قد يكون غربي المنشأ، كما هو الحال بالنسبة لوسائل التواصل الاجتماعي إذا كان من شأنه أن يقوّض الهيمنة الغربية، فالسحر إذا ما أُجيد استخدامه والتعامل معه يمكن حقّاً أن ينقلب على الساحر.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...