الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:29 AM
الظهر 12:37 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:22 PM
العشاء 8:44 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

إسرائيل وكابوس الانهيار

الكاتب: فادي أبوبكر

تشير العديد من التحليلات ومرئيات المراقبين والمحللين والباحثين في الشأن الإسرائيلي، إلى جانب متابعات وسائل إلإعلام الدولية وحتى الإسرائيلية، في تقاريرها المختلفة ومقابلاتها الصحفية، في الآونة الاخيرة، إلى أن الكيان الإسرائيلي يعيش حالة من الإنهيار التدريجي، ويؤرقه هذا الكابوس الذي تعززه عدد من العوامل والمتغيرات والمعطيات المحلية والإقليمية والدولية على حدٍ سواء.

- الإحباط السياسي والاقتصادي -

ذكر تقرير أصدره مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، في شهر آب / أغسطس 2022، أن 36 % من السكان الفلسطينيين يعيشون تحت خط الفقر، ما يشير إلى تعمّق الفقر في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وفي هذا السياق فإن الإحباط السائد نتيجة غياب الأفق السياسي، وما يرافقه من الظروف المعيشية الصعبة، والضائقة المالية التي تعاني منها السلطة الفلسطينية، المتأتية من السياسات الإسرائيلية، ستؤدي إلى اتّساع دائرة ردود الفعل، وصولاً إلى انفجار الأوضاع برمّتها. خاصة وأن التمييز الإسرائيلي العنصري في الميدان الاقتصادي والاجتماعي بين اليهود والفلسطينيين في القدس والداخل المحتل عام 1948، يعزّز من امكانية خلق ساحة اشتباك جديدة في قلب الكيان الإسرائيلي كما حصل في عام 2021. هذا فضلاً عن أن تصاعد حدة الاستقطاب في الكيان الإسرائيلي في ظل حكومة بنيامين نتنياهو وسياسة حكومته الخلافية قد يعزز من تلك الاحتمالية.

- تراجع نسبة المستوطنين -

ارتفعت وتيرة المشاريع الاستيطانية بشكل كبير في مقابل منع البناء للفلسطينيين، مع تسلّم الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرّفة أواخر عام 2022. ويأتي هذا التصعيد الاستيطاني، بالتزامن مع المعطيات التي أوردتها دائرة الاحصاء المركزية الاسرائيلية، والتي أظهرت تراجع نسبة المستوطنين في مقابل ارتفاع تركهم المستوطنات والهجرة منها للسكن في المركز والجنوب، وبالتالي عدم تحقيق خطة الخريطة الديموغرافية التي سعت إليها مختلف الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة لضمان أكثرية مطلقة لليهود وأقلية للعرب، وفرض واقع على الأرض يحول دون إمكانية إقامة دولة فلسطينية.

واعتبر سياسيون وخبراء، أن الهجرة السلبية للمستوطنين مؤشراً واضحاً لفشل المشروع الاستيطاني، ودعا بعضهم إلى أن تشمل خطة الاحتجاجات الإسرائيلية ضد الحكومة مواجهة مشروع الاستيطان واعتباره مشروعاً يقضي على الديمقراطية برمتها.

- غياب معادلة ردع اسرائيلية ناجعة -

وصل عدد الشهداء الذين استشهدوا برصاص جيش الاحتلال والمستوطنين منذ بداية العام الحالي 2023 وحتى تاريخ كتابة هذه الورقة، إلى 161 شهيداً. وفي المقابل قُتل21 جندياً ومستوطناً إسرائيلياً في عمليات فلسطينية مختلفة وقعت في جميع المناطق الفلسطينية منذ مطلع العام الجاري. ما يؤكد على تعزّز روح المقاومة والنضال في الثقافة الفلسطينية، حيث وإن كانت المقاومة متفرقة هنا وهناك ولكنها لا تختفي أبداً.

وتعقيباً على العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، في الاسبوع الثاني من أيار/مايو 2023، والذي استهدف فيه الاحتلال بشكل خاص حركة الجهاد الإسلامي، رأى تامير هايمن رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الأسبق، ومدير معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي أن " العملية الإسرائيلية وإن كانت ناجحة على الصعيد التكتيكي، فإنها لم تغير شيئاً على الإطلاق، على المستوى الاستراتيجي".

- تحولات إقليمية ودولية -

شهدت منطقة الشرق الأوسط تحولات دراماتيكية في الأشهر القليلة الماضية، بدءاً من الاتفاق الايراني السعودي تحت رعاية الصين، وحتى عودة سوريا إلى حضن جامعة الدول العربية، ومشاركتها في القمة العربية التي عقدت في مدينة جدة - المملكة العربية السعودية، فيما يبدو أنها ترتيبات وتحرّكات تمهّد لإعادة بناء أسس العلاقات الدولية التي سيقوم عليها النظام الدولي المستقبل متعدد الأقطاب. وتضرب هذه التحولات أساس استراتيجية المواجهة مع التهديد الاممي المزعوم والذي كانت "إسرائيل" تعتمد عليه لبناء علاقاتها مع دول المنطقة.

كما شهد الرأي العام الدولي تحولات إيجابية ملحوظة لصالح القضية الفلسطينية منذ تشكيل الحكومة الإسرائيلية اليمينية الحالية بقيادة بنيامين نتنياهو، حيث أن سطوة اليمين المتطرف على الحكم ، وما يرتكبه من حماقات وإنتهاكات شوّهت صورة الكيان الإسرائيلي أمام العالم إلى درجة لم تعد تجدي بعدها أي عمليات تجميلية لترويج صورته المتمثلة في دور الضحية.

وقد اتّسعت رقعة مقاطعة الكيان الإسرائيلي، من برشلونه، وأوسلو، إلى مدينة لياج البلجيكية وغيرها، وأصبح استخدام مصطلح "الفصل العنصري" دارجاً في الخطاب الأميركي والغربي بعد أن كان من المحرمات في العديد من الدوائر.

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تتمسّك بدعم "إسرائيل" كحليف استراتيجي لها في المنطقة، وأن هذه التحوّلات في الرأي العام الأوروبي والأميركي لا تعني بالضرورة تغييراً فورياً في السياسة الغربية، إلا أنها قد تزيد الضغوط عليها بشكل تدريجي.

ولعلّ إعلان الأمم المتحدة لأول مرة عن إحياء ذكرى النكبة في مقر الجمعية العامة للأمم المتحدة في 15 أيار / مايو 2023 هو استجابة لتحولات الرأي العام الدولي الإيجابية لصالح القضية الفلسطينية، وانتصار أممي للرواية الفلسطينية في مواجهة الرواية الإسرائيلية المزيفة.

- الرهان الإسرائيلي -

كتب نائب رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق حاييم رامون مقالاً في صحيفة معاريف الإسرائيلية بتاريخ 19 أيار/ مايو 2023، تحت عنوان "النظام السياسي الإسرائيلي بأكمله يدعم نفس الاستراتيجية: الحفاظ على التحالف السري مع حماس" ، قال فيه "إنه سيكون كابوساً لحكومة إسرائيل إذا انهارت حماس أو انتهى الانقسام بين الفلسطينيين".

ولعلّ العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، والذي استهدف حركة الجهاد الإسلامي، مع تنحي واضح لحركة حماس عن المشهد، يدلّل على أن استمرار حالة الانقسام، وتقوية حركة حماس على حساب منظمة التحرير الفلسطينية وغيرها من فصائل المقاومة، لهو ذخيرة استراتيجية بجعبة الكيان الإسرائيلي، لمنع تحقيق أهداف المشروع الوطني الفلسطيني وإقامة دولة فلسطينية.

- خاتمة -

تطرح التحولات الإقليمية والدولية، وحالة الإحباط السياسي والاقتصادي، وعدم التفوّق الديمغرافي الإسرائيلي، و القدرة على فرض معادلة ردع ناجعة لنضالات الشعب الفلسطيني، أسئلة مفتوحة حول مستقبل الكيان الإسرائيلي. حيث أن الرهانات الإسرائيلية على استمرار الانقسام الفلسطيني، والدعم الأميركي وغيرها، تفقد أهميتها وتأثيرها تدريجياً لصالح العوامل آنفة الذكر، التي تتفاعل بوتيرة متسارعة ودراماتيكية، لصالح القضية الفلسطينية.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...