“حين تصرخ فلسطين… فاسمعوا نداء البقاء”

الكاتب: بسام زكارنة
في زمن تتهاوى فيه القيم وتتقدّم فيه المشاريع الاستعمارية بثوب الحداثة والديمقراطية الزائفة تبقى فلسطين هي الخندق الأخير والسدّ الذي حال دون سقوط العواصم العربية الواحدة تلو الأخرى.
الإمام المغيّب السيد موسى الصدر رجل المبادئ والكرامة قال يوماً كلمته الخالدة:
“نقبّل أيادي الشعب الفلسطيني الذي حمى الشعوب العربية.”
لم يكن ذلك تعبيراً عاطفياً أو نداء تضامن عابر بل كان اعترافاً استراتيجياً بأن هذا الشعب بصموده، بدمائه، وبقضية لم تسقط رغم التآمر، هو من شكّل على مدى عقود خط الدفاع الأول عن كرامة الأمة وحرية شعوبها.
وفي المقابل قال مجرم الحرب أريئيل شارون للإدارة الأمريكية:
“نحن كإسرائيل نسدّ مكان عشر حاملات طائرات أمريكية في الشرق الأوسط دفاعاً عن مصالحكم و مصالح الغرب "
بهذا التصريح قدّم شارون خلاصة المشروع الصهيوني: إسرائيل ليست فقط دولة احتلال بل قاعدة عسكرية متقدمة لأمريكا و للغرب داخل قلب الأمة العربية ، هي عين الغرب وسوطه في آن ، وجودها الاستراتيجي هو لتطويق العرب لا لحمايتهم ولتنفيذ حلمها القديم-الجديد: “إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات.”
السؤال الجوهري إذن:
إذا كانت إسرائيل تعلم دورها وتؤديه بوضوح فلماذا لا تعي بعض الأنظمة والشعوب العربية أن وجود الشعب الفلسطيني هو بديل عن آلاف حاملات الطائرات التي تحمي أوطانهم وتمنع الغرق الكامل في الهيمنة الصهيونية؟
الشعب الفلسطيني بكل ما يحمله من معاناة لم يدافع فقط عن تراب وطنه بل لقد عرقل المشروع الصهيوني قروناً .
من ثورة 36 و حرب الكرامة و حرب 82 في لبنان و صمود غزة في وجه خمس حروب وانتفاضات الضفة الغربية المتتالية وتشبث اللاجئين بحق العودة ليسوا مجرد مشاهد مقاومة بل استنزاف يومي للمشروع الصهيوني العالمي.
كل شهيد يرتقي في جنين كل منزل يُهدم في طولكرم كل أسير يُنتزع من بين أهله في نابلس كل أمّ تقف بجانب ركام بيتها وهي تردد “الله أكبر”… كلها لحظات تصنع مستقبل العرب.
إسرائيل لا تكتفي بفلسطين.
تريد غزة ثم القاهرة ، تريد نابلس ثم دمشق ، تريد الخليل ثم بغداد.
فلا أحد منكم بمنأى ما دامت أولى القِبْلتين تحت القصف ومسرى نبيكم في خطر و هل المسجد الأقصى للفلسطينيين فقط ؟!.
إن ما يجري اليوم ليس “صراعًا حدوديًا” بل معركة بقاء وإذا خذلتم فلسطين فأنتم لا تسقطونها بل تسقطون آخر حصن لكم وتتركون أوطانكم عارية أمام الذئب القادم من تل أبيب.
إلى الشعوب العربية:
فلسطين ليست عبئاً بل كنزكم الإستراتيجي ، وليست قضية شعب بل مقياس شرف الأمة وحماية لأمنها القومي ، لا تنظروا إليها كأرض محتلة فقط بل كراية إن سقطت تبعتها كل الرايات العربية و الاسلامية.
اليوم تصرخ فلسطين… لا لتُنقَذ بل لتوقظكم قبل أن يفوت الأوان.