الثورة والمقاومة بين الخيال والخطوات المحسوبة (1/2)

الكاتب: بكر أبوبكر
"من أجل تحقيق هذه الأهداف الكبيرة والتي سنغيّر بها وجه الكون بإذن الله، فنحن في أمسّ الحاجة لدعم مالي مقداره 20 مليون شهريًا ولمدة عامين، أي ما يعادل 500 مليون دولار في العامين، ونحن نثق أننا وإياكم من نهاية هذين العامين أو خلالهما إذا قدّر الله سنجتث هذا الكيان المِسخ، وسنغيّر وإياكم وجه المنطقة، وننهي بحول الله هذه الحقبة السوداء من تاريخ أمتنا".
النص أعلاه يمثل جزء من الرسالة التي أرسلها قادة فصيل "حماس" الفلسطيني محمد الضيف ومروان عيسى ويحيى السنوار في 5/6/2021 الى "الاخ القائد المجاهد" المشار الى أنه قائد فيلق القدس الإيراني، كما نُشرت الرسالة استنادا لوزير الحرب الصهيوني في شهر ابريل/نيسان 2025م. وهي مما يستحق التأمل والتفكر خاصة –بالنسبة لنا-من زاوية طريقة التفكير.
نظريات الطوفان!
مما لا شك فيه أن الحدث المفصلي الكبير في القرن 21 كان فلسطينيا بل واقليميًا وبامتداداته الأكبر أي عالميًا هو ما حدث في 7/10/2023 وماتلاه من فظائع وإبادة صهيونية لشعبنا بما يحق معه اعتبار هذا المفصل بوثائقه مرتبط ببدايات الأشياء أو المواضيع أو الانطلاقات سواء انطلاقات الأفكار، أو انطلاقات الفصائل الفلسطينية ومنها حركة التحرير الوطني الفلسطيني- فتح، أو حماس أو الشعبية أو غيرها، وسنُطلُ هنا بلمحات مقارنة لما صدر مؤخرًا بالرسالة السابقة الإيراد-بتقدير صحته-من حماس 2023 وطريقة الفهم مع ما سبق اعتباره للتنظيمات الاسلاموية وبدايات الفكرة في حركة التحرير الوطني الفلسطيني-فتح
إن صحت الرسالة فإن العامين المذكورين ينتهيان في العام 2023 حيث حصلت الواقعة الكبرى بالمقتلة الصهيونية والإفناء العرقي في غزة.
وبالنقاش لهذه الرسالة أو محاولة فهم طريقة تفكير كاتبيها لا نريد العودة لما حدث بالمباغتة (طوفان الأقصى) أكان إعدادًا عظيمًا وفكرة لامعة ومفاجأة لم يسبق لها مثيل، أم أنه فخ نصبه مجرم الحرب "نتنياهو" للفصيل وقادته؟ أم هو بنفس نسق الاستدراج الأمريكي لصدام حسبن وغزوه الكويت لتدمير نظامه وهو ما كان؟
ولا نريد الاندراج في عقلية المؤامرة التي ترى بالطرفين أي الإسرائيلي و"حماس" خاصة في غزة يعملان معًا ويدعمان بعضهما البعض في سعي حثيث للقبض على السلطة والسلطة فقط لكليهما! كما لا نريد الدخول في فرضية تواطؤ دول التتبيع الابراهامي ضد فلسطين وقضيتها بالكلية أو على الأدنى من الحد ضد فصيل "حماس"، ما تمثل كل الأفكار السابقة محاولات لفهم ما حصل بين الحدين الأقصيين رغم أن الأمور قد لا تقاس بهذه الطريقة أي بالأسود والأبيض فقط! أو بالاستناد للعامل الواحد فقط لتفسير الأحداث المركبة والمعقدة في عصر الهيلمان الإسرا-أمريكي.
الداية ثم أبومرزوق ويوسف والاعتراف أخيرُا!
وفي ذلك أي بالموقف مما حدث في الطوفان أو المباغتة وما تلاها نحيل من يرغب لمراجعة مقال د.احمد يوسف بتاريخ 24/3/2025م حيث كتب تحت عنوان: "الفلسطينيون ليسوا إرهابيين .. يا ترامب: قضيتنا وطنٌ نطلبه أو نموت فنعذرا!! ليقول: "كان السابع من أكتوبر خطأ كبيراً ما كان له أن يحدث لو كان الفلسطينيون يجمعهم إطار قيادي واحد." ويؤكد ثانية بذات المقال "كان السابع من أكتوبر خطأ في القراءة والحسابات وما حدث من تجاوزات، مما أعطى لنتنياهو الذريعة لشنِّ حرب الإبادة الجماعية على الفلسطينيين في قطاع غزة."
ونحيل الى تصريحات د.موسى أبومرزوق من فصيل "حماس" على العربية 26/1/2025م حيث صرّح "أننا لم نحقق بعض من أهداف 7 أكتوبر"، موضحًا أن "هدف الحصول على الدولة الفلسطينية من 7 أكتوبر لم يتحقق، كما أن هدف وقف الاستيطان لم يتحقق أيضاً، وكذلك وقف حصار غزة لم يتحقق”. فيما أكد أن “خسائرنا في الحرب كانت كبيرة"!؟
والى ما سبق قال أبو مرزوق في مقابلته مع صحيفة "نيويورك تايمز" في شهر شباط/فبراير 2025م، إنه "لم يكن ليدعم الهجوم لو كان يعرف الفوضى التي سيخلفها على غزة". وقال: "إن معرفة العواقب كانت ستجعل من المستحيل عليه دعم الهجوم". وقال:"لو كان متوقعا أن يحدث ما حدث، لما كان هناك هجوم 7 أكتوبر"!. وأضاف "سيكون غير مقبول الادعاء بأن "حماس" انتصرت، خاصة بالنظر إلى حجم ما ألحقته إسرائيل بغزة".
إن د.يوسف ود.أبومرزوق من حماس من الذين تجرءوا -ربما قلما يحدث ذلك- واعترفوا بخطأ الحسابات والتقدير في الطوفان، وتحدث الشيخ د.سلمان الداية من غزة أيضًا حول الكارثة والمفاسد والمصالح (شهر/11 2024م) مدينًا ما حصل ومنتقده بشدة حيث أنه "في حال عدم توفر أركان الجهاد أو أسبابه أو شروطه، فيجب الامتناع عنه لتجنب هلاك الأرواح".
ومن غيرهم أشار الداعية الكويتي الشيخ عثمان الخميس (شهر 3/2025م) منتقدًا تصرفات "حماس" كما تحدث القيادي السلفي المصري د.ياسر برهامي (ابريل 2025م) حيث "غيرنا موقفنا من حماس...لقد أخطاوا بالحسابات للدمار الهائل الحاصل ، وإن كانوا غير مقدرين لما سيحصل أخطأوا أيضًا، وان لم يجتهدوا وبنوا على الباطل فهم آثمون"، وهو ما سبق وقلناه أنا وكثير من كُتاب العقل وكنت قد أصدرت كتابًا حول ذلك تحت عنوان: "النقد المحرّم وجريمة التفكير! في ظل العدوان على غزة؟!"