الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 3:58 AM
الظهر 12:37 PM
العصر 4:17 PM
المغرب 7:44 PM
العشاء 9:14 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

ستمائة يوم من حربٍ مفتوحةٍ على الزمن

الكاتب: نبيل عمرو

في السابع من أكتوبر 2023، وبينما كان الإسرائيليون إمّا يواصلون السهر في احتفالات صاخبة راقصة، بيوم كيبور، أو ينامون من التعب، وقع زلزال اسماه منفذوه بطوفان الأقصى.

تلكأ قادة جيش إسرائيل وأجهزة أمنها في الاستيقاظ من النوم وتمكن المهاجمون من قتل المئات وأسر المئات كذلك، وسجل ما حدث على أنه أقوى عمل هز أساسات الدولة العبرية وأكبر خسائر بشرية ومعنوية تكبدتها إسرائيل في ساعات قليلة وداخل حدودها.

بعد الاستيقاظ من النوم وبعد أن كان ما كان، بدأت إسرائيل حرباً أسمتها بالسيوف الحديدية، وبدت من يومها الأول وبيانات القادة على أنها حربٌ انتقاميةٌ ردعيةٌ ثأرية.

ووفقاً لتجارب الحروب الإسرائيلية مع الفلسطينيين والعرب، قدّر أصحاب القرار في إسرائيل أن الحرب وبفعل قوة النار المتفوقة لديهم، ستحسم في أيام أو أسابيع أو أشهر قليلة، ودون استعراض وقائعها يكفي فهم مغزى أنها تكمل أيامها الـ 600، ليواصل عداد الأيام والضحايا عمله بلا توقف، ويتواصل النزف البشري والتدمير المادي والمعنوي بلا هوادة، لتبدو نهاية الحرب أشبه بسراب، كلما ظننا أننا نقترب منها نكتشف في الواقع أننا نبتعد عنها.

الحرب التي ما تزال متواصلة دون ظهور مؤشرات واقعية على قرب انتهائها، هي في الواقع حربٌ مزدوجة، فهي من جهة حربٌ حددت إسرائيل أهدافها المعلنة والمحددة وهي اقتلاع حماس من غزة، واستعادة جميع المحتجزين الأحياء والأموات، وضمان أن لا تطلق من غزة ولو طلقة واحدة إلى الأبد.

أمّا الأهداف الأخرى بعضها معلن، والبعض الآخر يمكن استنتاجه، وهي تغيير خرائط الشرق الأوسط كله، بما يلائم الأجندة الاستراتيجية لإسرائيل، وتوسعها ونفوذها، بما في ذلك التهام الضفة الغربية بالضم والتهجير، وتبديد حلم الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة على الأراضي التي احتلت في العام 1967، إذاً.. هي ليست مجرد حربٍ انتقاميةٍ ردعيةٍ ساحتها غزة، بل حرباً جذريةً على القضية الفلسطينية بهدف تصفيتها وإلغاء حقوق شعبها، والسيطرة عليه حاضراً ومستقبلاً.

وهنا لنحسب الأمور بالمنطق البديهي... فما دامت الحرب على جزءٍ من القضية الفلسطينية في غزة والضفة، وميدانها الرئيسي مئاتٌ قليلةٌ من الكيلومترات المربعة هي مساحة قطاع غزة، وفوقها عملياتٌ عسكرية واقتحاميةٌ لا تتوقف، على مناطق في الضفة الغربية، ما دامت الحرب الراهنة هكذا وهي تدخل يومها الـ 600، فمن أين يأتي نصر إسرائيل النسبي أو المطلق؟

حروب إسرائيل على الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية صار عمرها 77 سنة، والحقيقة الأقوى في هذا كله أن الشعب الفلسطيني ليس فقط بقي على قيد الحياة والفعل، بل هو التحدي الأصعب والذي لا حسم له تواجهه إسرائيل منذ ولادتها وإلى ما لا نهاية.

إنها حربٌ مفتوحةٌ على الزمن، ولم تعد خسائرها حكراً على الشعب الفلسطيني وحلفاءه ومن معه، بل إن خسائر إسرائيل وصلت حدوداً غير مسبوقةٍ في حجمها وعمقها، ولا تقدر فقط بالشواقل والدولارات وكل العملات، بل بما هو أوسع وأعمق من ذلك، بحيث أصاب الضرر الفادح كل جوانب الحياة في إسرائيل ولا مخرج من ذلك.

بين اليوم الـ 600 للحرب على غزة، واليوم الأول لبداية الصراع في منتصف القرن الماضي، رحلةٌ طويلةٌ ودامية، فُرضت على الفلسطينيين، ولكنهم ورغم فداحة ما حلّ بهم لم يستسلموا، بل إن هذه الحرب الطويلة فرضت على الإسرائيليين مستحيل تصفية قضيةٍ أصحابها يعدّون بالملايين، ومعظمهم على أرض الوطن ومن فُرضت عليهم الإقامة خارج الوطن فجذورهم في عمق أرضهم وتطلعهم الدائم نحو العودة إليها وهذا ما لا نقوله نحن فقط، بل يعترف به ويبوح به كثيرون من الإسرائيليين الذين سئموا الحرب، ويواصلون دفع تكاليفها الباهظة.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...