الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 3:56 AM
الظهر 12:37 PM
العصر 4:17 PM
المغرب 7:46 PM
العشاء 9:17 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

زيارة وزراء الخارجية العرب، حين تصطدم الرمزية بغطرسة الاحتلال

الكاتب: مروان أميل طوباسي

في ظل ما يشهده المشهد الفلسطيني من مآسٍ متواصلة، وفي لحظة يغلفها الدخان والدم ، جاءت المبادرة العربية عبر زيارة مبرمجة لوزراء خارجية عدد من الدول العربية إلى رام الله، محاولةً تبدو متأخرة ، لكنها تحمل دلالة سياسية لا يمكن تجاهلها . فقد أرادت هذه الزيارة أن تعلن أن القضية الفلسطينية ما زالت حاضرة ، وأن منظمة التحرير الفلسطينية ، رغم ما أصابها من ترهل ، ما زالت تحظى باعتراف عربي ودولي ، بوصفها الممثل الشرعي والوحيد لشعب ينزف في الميدان وتُنهك سلطته في الزوايا .

وإن كانت المبادرة عربية اسلامية الطابع ، إلا أن خلفياتها تشير إلى مسارين متوازيين ، لكل منهما منطقه ومقاصده :
الأول ، أنها قد تكون خطوة استباقية في سياق ما يُعرف بمرحلة "اليوم التالي"، التي تلوح بها العواصم الكبرى لما بعد الحرب على غزة . إذ تسعى السعودية، تحديدا ، إلى تثبيت موطئ قدم سياسي في هذه المرحلة ، بعدما سئمت من تعنت إسرائيل ورفضها وقف الحرب ، فبدأت تحرك أدواتها الدبلوماسية ، لعلّها تُقنع الغرب ، والولايات المتحدة على وجه الخصوص ، بضرورة الإعتراف بالدولة الفلسطينية خلال المؤتمر المرتقب في نيويورك بالشراكة مع فرنسا .

أما المسار الثاني ، فيبدو انه محاولة لأحتواء السلطة الفلسطينية داخل إطار إقليمي قيد التشكّل، قد يكون ممهداً لتسوية شاملة أو لتطبيع أوسع . وربما جاءت هذه الزيارة ، أو محاولتها في حال الاصرار على منعها ، بتنسيق غير معلن مع واشنطن ، التي طالما حاولت إعادة السلطة إلى واجهة المشهد ، ولكن على مقاسها وشروطها ، الامر الذي قوبل بالرفض منذ بدايات اعلان صفقة القرن .

غير أن إسرائيل ، كعادتها ، لم تحتاج وقتا طويلا لتُفشل المبادرة وتُسقط ورقة التين عن واقع الأحتلال المتغطرس والهمجي . جاء الرد قاطعا يقول : لا دخول ، ولا زيارة ، ولا أعتبار . وكأنها تقول للعرب جميعا ، ومن فوقهم السلطة الوطنية الفلسطينية ، إن الكلمة الفصل هنا لا تُقال إلا في تل أبيب ، وإن السيادة في الضفة الغربية ليست إلا للمحتل ، وإن أي تحرك سياسيا كان أم رمزيا لا يتم إلا بإذنه .

إن هذا الرد الإسرائيلي لم يكن مجرد إجراء أمني عابر ، بل هو موقف سياسي واضح ، يعكس رؤيتها لما بعد الحرب ، ويُكرس مفهوم السيطرة الكاملة وفق أيديولوجية "الفوقية اليهودية" ومشروع "إسرائيل الكبرى"، الذي لا يرى في الأرض المحتلة سوى مجال حيوي لتوسيع الاستيطان والضم والقضم ، وتقويض الجهود لتجسيد  دولة فلسطين على أرض الواقع .

وإذا كان هذا هو حال مبادرة وزراء الخارجية العرب ، فالسؤال الذي لا بد أن يُطرح هنا هو ، هل سنشهد ردا عربيا يرقى إلى مستوى الإهانة؟
وهل ستعيد السلطة الفلسطينية النظر في استراتيجيتها ، بعدما بات واضحا حجم التهميش الذي يُمارس ضدها من القريب والبعيد؟

ما جرى ، بكل بساطة ، يعيدنا إلى نقطة البدء ، حيث لن يكون هناك أي دور عربي أو دولي فعال ، ما دام الأحتلال لا يدفع ثمنا سياسيا حقيقيا على جرائمه وممارساته . كما أن أي رهان على الإدارة الأمريكية ، التي تسعى لتسويق "أفق سياسي" مرسوم على مقاسات إسرائيل ومشروع الشرق الاوسط الجديد ، لن يؤدي إلا إلى مزيد من التوهان ، خاصة إذا بات الدور العربي مجرد أداة تكميلية لمشروع التصفية ، لا مقاومته .

في أحسن الأحوال ، قد يشكل الموقف الإسرائيلي إحراجا لحلفائه في واشنطن ، الذين يعملون على دفع الدول العربية للمساهمة في ترتيبات ما بعد حرب الإبادة والمحرقة ، من وجهة نظرهم ، ويبحثون عن شركاء إقليميين لإنعاش مسار سياسي واهن . لكن ما يجري على الأرض ، من ردع إسرائيلي واضح لأي تحرك عربي ، يكشف أن هناك تناغما ضمنيا في توزيع الأدوار ، فواشنطن تُلوح بالسياسة ، وإسرائيل تفرض الوقائع بالقوة .

ومن هنا ، تبرز الحاجة الفلسطينية المُلحة إلى استراتيجية جديدة ، تقوم على التحرر من وهم التسويات مع الحركة الصهيونية ، والانفكاك عن منطق التبعية والرهان على "المنقذ الخارجي"، والانطلاق نحو إعادة بناء المشروع الوطني التحرري ، على أسس القرار المستقل بعيدا عن محاولات الأحتواء حتى من قوى إقليمية ، وعلى اسس الوحدة والمقاومة السياسية والشعبية ، ضمن منظمة تحرير تمثل الأطار الجبهوي الوطني الواسع وما تحتاجه من أستنهاض ، ومجلس وطني ومركزي موحد وتمثيلي بالقدر المُتاح لحين أجراء الانتخابات اللازمة ، ورؤية تجمع بين الثوابت وضرورات المرحلة والمتغيرات الدولية .

فحين يسقط القناع عن المبادرات الرمزية ، وتُصفع الكرامة العربية على أبواب رام الله ، لا يبقى أمام شعبنا الفلسطيني سوى العودة إلى ذاته ، إلى وحدته الواسعة لكل مكونات شعبنا  ، إلى مقاومة محاولات التصفية لوجودنا ، فنحن وحدنا من يدفع الثمن ، ونحن وحدنا من نملك مفاتيح التغيير ان توفرت الإرادة التي يجب ان تتوفر .

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...