الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 3:54 AM
الظهر 12:41 PM
العصر 4:21 PM
المغرب 7:54 PM
العشاء 9:27 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

بين فوردو وتل أبيب ، الشرق الأوسط على حافة الجحيم الشامل

الكاتب: مروان إميل طوباسي

في الساعات الأولى من صباح اليوم ، ازداد اهتزاز المعادلة الإقليمية ، مع تصاعد غير مسبوق في وتيرة الحرب بين إسرائيل وإيران . فبينما دوت الانفجارات في قلب تل أبيب وبئر السبع وغيرها ، بما في ذلك استهداف مواقع حساسة مثل مركز البورصة ومواقع عسكرية حيوية وأستراتيجية وقواعد جوية بالنقب ، حرصت أسرائيل اظهارها على انها اعتداء يقتصر فقط على مستشفى "سوروكا" في بئر السبع دون المواقع العسكرية الأخرى التي تم استهدافها بجانب هذا المستشفى من خلال صواريخ إيرانية نوعية ومتطورة ، بالوقت الذي كانت واشنطن تستعد بحسب تقارير اعلامية موثوقة ، لتوجيه ضربة عسكرية نوعية ضد منشأة "فوردو" النووية الإيرانية ، المحصنة على عمق مئة متر في باطن الجبال .

المشهد تجاوز كل المعادلات حتى اللحظة ، فالمرشد الإيراني وفقا لمصادر متعددة ، غادر المشهد التنفيذي ، تاركا القرار الكامل بيد الحرس الثوري بعد تعرض إيران لأعتداءات عدوانية  ضخمة ، في إشارة إلى الانتقال إلى وضعية الحرب الشاملة . 

في المقابل ، يظهر دونالد ترامب رغم ظهوره الضعيف امام نتنياهو ، وكأنه أي ترامب يخوض معركته الأخيرة ، لتثبيت نفسه كقائد لزمن أمريكي جديد قائم على القوة العارية خارج أطر القانون الدولي لحماية المشروع الإسرائيلي .

الضربة المحتملة على منشأة "فوردو"، والتي تتطلب استخدام القنبلة الخارقة عبر قاذفات خاصة إقتربت من المنطقة ، ليست مجرد ضربة عسكرية ، إنها محاولة لكسر عمود إيران ليس النووي فقط وانما كيانها الوطني كدولة ذات سيادة مستقلة ، وإشعال شرارة حرب إقليمية لا يمكن احتواؤها اذا تمت ، تحت حاجة الأمريكي والإسرائيلي المضي قدما في إعادة الهندسة الجيوسياسية للإقليم .  وإذا ما نفذت تلك الضربة ، رغم شكوكي في ذلك نظراً لتداعياتها الصعبة والمختلفة وتحذيرات دول اخرى ، فإن الرد الإيراني لن يقتصر على إسرائيل التي تمتلك مفاعل ديمونا النووي ، بل سيشمل القواعد الأمريكية ومرافق حيوية في الخليج وربما أكثر واوسع ، مما يعني تهديدا حقيقيا بإغلاق مضيق هرمز وتعطيل سلاسل الطاقة العالمية التي ستكون تداعياتها الإقتصادية والحيوية على العالم كارثية . لذلك فان تصعيد التدخل العسكري المباشر رغم وجود اشكال منه اليوم ، يمكن باعتقادي ان يقتصر على محاولات إنزال عسكري لتعطيل منشأة فودرو من خلال تقديم كل أشكال الدعم للعدوان الإسرائيلي .

ان ما يجعل المشهد أكثر خطورة هو أن قرارات الحرب تتخذ الآن خارج المؤسسات الدستورية بالولايات المتحدة ، فتصريحات ترامب المتتالية على "تروث سوشيال" لم تترك شكاً في نواياه بالتصعيد ، رغم تحذيرات من قيادات في الكونغرس مثل بيرني ساندرز وغيره وتفاوت مواقف اعضاء الكونغرس والرأي العام الامريكي . فالحرب الآن تُقاد من منابر التواصل الأجتماعي ، وليس عبر مداولات إستراتيجية ناضجة بالمؤسسات الرسمية والتشريعية الدستورية .

من جانب آخر ، فأن من يمسك زمام القرار في طهران اليوم ليس الطبقة السياسية التقليدية ، بل الجناح العسكري العقائدي ، الذي لا يرى في التهدئة خياراً ، بل يتبنى عقيدة "الانتصار أو الفناء". ومع انتشار صور صواريخ ذات رؤوس متطورة جدا في الإعلام الإيراني ، فإن المنطقة على أعتاب مفاجأت من جانب عقلية الغطرسة الأمريكية الترامبية النتنياهوية أو في مواجهتها والردود عليها ، قد تعيد ترتيب العالم لعقود دون معرفة وجهتها أو تفشل تلك المخططات .

في خضم هذا الجنون الترامبي المتسارع ونظريته بأحلال السلام بمعنى "الاستسلام بواقعه" بالقوة ، او من خلال فرضه من خلال ارسال رسالة عبر استمرار المفاوضات المفترضة غدا حول الملف النووي مع الأوروبيين  . يجب هنا أن نقولها بوضوح ، فلسطين ليست على الحياد لانها تتعرض لنفس منهج تلك الغطرسة من محاولات فرض الاستسلام عليها والتخلي عن حقوقنا السياسية والتاريخية لصالح المشروع الصهيوني . فنحن الضحية الأولى والمباشرة لكل اختلالات النظام الإقليمي والدولي منذ ان نشأت دولة الأستعمار الأستيطاني بالرعاية والحماية البريطانية والأمريكية والغرب عموما ، الامر الذي جعلها كيان توسعي مارق فوق القانون الدولي والشرعية الأممية . من هنا ، لا بد من موقف فلسطيني مستقل يعيد هندسة المشروع الوطني التحرري ، وقد يكون ذلك من خلال الاعلان عن الدولة الفلسطينية تحت الأحتلال بما لها من تداعيات سياسية وقانونية ، الى جانب موقف عربي مستقل ، يتجاوز الخوف والتبعية العمياء ، ويضع حدا لهذا الانزلاق نحو الفوضى الكبرى التي ترغب بها الولايات المتحدة وإسرائيل ضمن استراتيجياتها لفرض التحولات القسرية واستمرار الهيمنة . كما لا بد أن تعيد القوى العالمية حساباتها وعلى رأسها الصين وروسيا امام ذلك ، بما يحمي مصالحها وقضايا السلم والأمن الدوليين ، لأن التصعيد الامريكي واللعب الإسرائيلي بالنار منذ تطوير اشكال عدوان الإبادة والتطهير العرقي بحق شعبنا وضد شعوب المنطقة ، وأمتداده هذه المرة الى إيران قد يشعل أكثر من الشرق الأوسط ، وربما يحرق الأستقرار النسبي نحو المجهول ، رغم أشتعال بؤر توتر مختلفة حول العالم أفتعلتها الولايات المتحدة وإسرائيل والناتو في اطار سياساتهم العدوانية بحق شعوب العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...