الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:22 AM
الظهر 12:46 PM
العصر 4:26 PM
المغرب 7:42 PM
العشاء 9:08 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

الكاوبوي الأمريكي يشهر سلاحه صوب غزة

الكاتب: فادي أبوبكر

مع مطلع تموز/يوليو 2025، روّج البيت الأبيض لما اعتبره "أكثر جولات التفاوض جدية" منذ اندلاع حرب الإبادة في غزة. ورغم ما توحي به هذه التصريحات من رغبة أمريكية في دفع العملية التفاوضية نحو حل يوقف الحرب، فإن خلف هذا الخطاب قد تكمن نوايا تصعيدية مقلقة، خصوصاً مع التصريحات المتشدّدة التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد قرابة الشهر على مفاوضات الدوحة، التي يتّهم فيها حركة حماس بتعطيل المفاوضات، ويقدّم من خلالها دعماً غير مشروط لإسرائيل.
لم يتوقف ترامب عند تحميل حماس مسؤولية تعطيل المفاوضات، بل وجّه دعوة صريحة لإسرائيل كي "تقرر"، في عبارة يُنظر إليها كضوء أخضر للاستمرار في حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة وتصعيدها . كما أعلن ترامب أن الولايات المتحدة قدّمت 60 مليون دولار كمساعدات لإدخال الغذاء إلى غزة. غير أن تصريحاته لم تخلُ من نبرة استعلاء، إذ أعرب عن استيائه من "عدم تلقي الشكر" على هذه الخطوة، وذهب إلى حد التقليل من حجم الكارثة قائلاً: "لا توجد مجاعة في غزة، بل فقط سوء تغذية"، في انفصال تام عن الواقع الذي تظهره التقارير المصوّرة وشهادات المنظمات الدولية التي وثّقت انهياراً إنسانياً شاملاً في القطاع، بما يشمل نقص الغذاء والدواء والمياه والخدمات الأساسية.
ما يُستشف من هذه التصريحات هو محاولة لتقزيم حجم المعاناة وتجميل صورة الدعم الأمريكي، في الوقت الذي تُستخدم فيه المساعدات كأداة من أدوات الحرب والضغط والابتزاز السياسي، وليست استجابة فعلية لاحتياجات النازحين والمحاصرين والجائعين. وبذلك، تتحول المعونة إلى غطاء يُخفي التواطؤ مع السياسات الإسرائيلية، ويبرر استمرار الحصار والتصعيد، في انسجام تام مع رواية الاحتلال.
ومن المرجح أن يكون الحديث الأمريكي عن "جدية" المفاوضات مجرد تمهيد للتخلي عنها لاحقاً، وتحميل الفشل لحركة حماس، ما قد يبرر – في الرؤية الأمريكية – اللجوء إلى أساليب أكثر عنفاً، بل وربما التدخل العسكري المباشر، بحجة "تحرير الرهائن" أو "فرض الاستقرار".
وسط مشاهد المجاعة وانهيار النظام الصحي، وارتفاع الضغط الدولي، أعلنت إسرائيل عن هدنة إنسانية مؤقتة لعدة ساعات، سُمح خلالها بإدخال كميات رمزية من المساعدات. وقد شارك ترامب في الإعلان عن هذه الخطوة التي بدت وكأنها محاولة لامتصاص الغضب العالمي، أكثر من كونها انعكاساً لتحول جوهري في السياسة الإسرائيلية، فالهدف الظاهر هو تحييد الملف الإنساني مؤقتاً، حتى لا يعرقل العمليات العسكرية القادمة المحتملة.
تقود المؤشرات جميعها إلى أن المرحلة المقبلة ستكون حاسمة، وربما دامية. فإذا أخفقت الجولة الحالية من التفاوض، فقد تمضي إدارة ترامب نحو "الحسم" على الطريقة الأمريكية في مشهد يعيد للأذهان نمط "الكاوبوي" الذي يفضّل المواجهة على الحوار.
هكذا تجد غزة نفسها أمام مفترق طرق بالغ الخطورة، حيث لا تبدو بوادر الانفراج قريبة، بل تُنذر الوقائع بجولة أعنف من الحرب، مغلفة بخطاب تفاوضي هش، ومدفوعة بدعم أمريكي لا يقتصر على التصريحات، بل يلامس حدود التواطؤ الميداني الكامل إلى جانب إسرائيل.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...