مؤتمر نيويورك... الانكار الإسرائيلي والواجب الفلسطيني

رأي مسار
وصفت وسائل الإعلام الإسرائيلية مؤتمر نيويورك، الذي ترافق مع تنامي الاستعدادات من جانب دول العالم للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وصفته بالتسونامي السياسي.
رد فعل إسرائيل، هو إنكار أهمية المؤتمر ومخرجاته، وهي بهذا الانكار تناقض نفسها حين تصف ما حدث بالتسونامي.
مؤتمر نيويورك الذي سوف يُستكمل على مستوى القمة في أيلول القادم، أثناء انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، يجّسد انطلاقةً يمكن وصفها بالتاريخية، لنقل الدولة الفلسطينية من حالة الشعار إلى حالة العمل الدولي لإقامتها.
ومما له دلالة تاريخية، أن العديد من الدول اختارت منبر الأمم المتحدة لإعلان اعترافها بالدولة، وهو ذات المنبر الذي اعترف بولادة دولة إسرائيل.
الإنكار الإسرائيلي للحقيقة السياسية التي جسّدها مؤتمر نيويورك والذي تجامله أمريكا، يدلّ على أن العالم في واد، وإسرائيل المختبئة وراء الساتر الأمريكي في وادٍ آخر، وما تهديد إسرائيل بضم الضفة أو بعضاً منها، وضم أجزاء من غزة، إلا تعبيراً عن قلة حيلة إسرائيل في مواجهة تسونامي الاعتراف، ومنعه من الاتساع ليصل في وقتٍ ما إلى قبول أمريكي، وهذا يعني سقوط الورقة الأخيرة التي تشهرها إسرائيل كصك ضمانٍ لها في سعيها لمنع لقيام الدولة الفلسطينية.
غير أن المدلول التاريخي والاستراتيجي لتنامي واتساع الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وإن كان يواجه من قبل إسرائيل بالإنكار والمكابرة، فينبغي أن لا ينظر إليه من جانبنا باعتبار قيام الدولة صار أمراً مفروغاً منه.
إن ما حدث في نيويورك وما سيحدث في أيلول القادم يحتاج إلى ورشة عمل نشطة ودائمة من أجل تحويل القرار الدولي من الورق إلى التنفيذ في الواقع، والمسيرة التي ستكون صعبةً بالتأكيد لابد وأن تكون خطواتها الأولى من فلسطين، التي يتعين عليها إثبات جدارةٍ في التأسيس لدولة حديثة ذات نظام سياسي ديموقراطي عصري، يليق أولاً باحتياجات الشعب الفلسطيني، ويقنع العالم بأن قيام دولة فلسطين هو بمثابة إضافةٍ نوعية لكيانات المنطقة، وليس مجرد رقمٍ يضاف إلى أرقام الدول الفاشلة التي تعج بها منطقتنا.
الشعب الفلسطيني داخل الوطن وفي الشتات يمتلك إمكاناتٍ جدية ونوعية، لبناء دولةٍ حديثة ولكي نمكن الطاقات الخلاقة التي يمتلكها الشعب الفلسطيني، فلابد من إنجاز نظامٍ سياسي يمثل فيه كل الفلسطينيين ويرون فيه حاضنةً لآمالهم، وتعويضاً مجزياً لسنوات الحرمان من الدولة.
إن نقطة البداية ينبغي أن تكون من عندنا، وما يتلو ذلك إن أحسنّا التصرف فالعالم لن يقصر فيه.