إسرائيل في اليوم التالي لقرارات الكابينت

رأي مسار

التطورات المتسارعة تحتاج إلى رصدٍ يومي، لأنها تتم على رمالٍ متحركة، بحيث ما يعالج اليوم باتجاه معين، يجري خلافه بعد ساعات، ذلك بحكم ارتباط الحرب بالوضع الداخلي في إسرائيل الذي يتميز بصراعٍ حاد، تحتل غزة مركزه الأول والأكثر تأثيراً.

ولننظر ملياً لما يجري اليوم، حيث يتنامى ويتعاظم طوفان الإدانة الدولية لما تفعل إسرائيل في غزة، من تجويع وتقتيل والاعداد لمواصلة حرب لا مبرر عسكرياً ولا سياسياً ولا أمنياً لاستمرارها، وهذه الإدانة لم تتوقف عند الدول التي دأبت عند انتقاد إسرائيل والتصويت ضدها في المحافل الدولية، بل اتسعت لتشمل دول الغرب جميعاً مع جزءٍ لا بأس به من المكونات الأمريكية الرسمية والبرلمانية والشعبية.

لنرصد الآن ما وصلت إليه قرارات الكابينت الأخيرة بشأن غزة.

قبل أن تُتخذ كان العالم مهيئ لاستقبال قرارات حربيةٍ مباشرة، هدفها احتلال غزة بالكامل، وبعد صدور القرارات تأرجحت التقديرات بين أن تكون اتخذت للتنفيذ الفوري أم أنها للضغط على حماس بغية احراز صفقة تبادل جزئية أو شاملة.

واليوم تتجه التقديرات إلى أن إسرائيل مارست هذا الضغط بإيصال الأمور إلى حافة الهاوية دون التخلي عن استعدادها للذهاب إلى صفقة تبادلٍ جزئية وهذا ما تفضله فيما يبدو، أو كليةً وفق مقترحات الوسطاء الأخيرة.

الخلاصة تتلخص في أن إسرائيل التي ذهبت في قراراتها الحربية إلى الحدود القصوى إنما تضغط على نفسها أكثر مما تضغط على حماس والوسطاء، وإذا ما ألقينا نظرةً على ما يجري داخل إسرائيل من تفاعلاتٍ جرّاء قرارات الكابينت، فإننا نجد تعمقاً للخلاف الداخلي فالموقف الشعبي قلق من تهور الائتلاف ومناوراته المكلفة، التي قد تودي بحياة المحتجزين لو تم تنفيذها، وموقف المستوى العسكري الذي يزداد وضوحاً في التحذير من خطة احتلال غزة بالكامل، وموقف الائتلاف المنقسم بين سموتريتش ومن هم على شاكلته الذين يريدونها حرباً واحتلالاً واستيطاناً لغزة مع ضم الضفة، وبين من يقيم اعتباراً للتداعيات الداخلية والخارجية للقرارات الحربية، ويعمل على تلطيف اللهجة وتأجيل توسيع الحرب والذهاب من جديد إلى صفقة تبادلٍ يجري الحديث عنها بين القطرين والمصريين والأمريكيين.

هذا هو الحال اليوم وقد يحمل الغد تطوراتٍ مختلفة والسبب في ذلك هو أن القرارات في إسرائيل يمليها الصراع الداخلي أكثر من أي اعتبار آخر.