الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:38 AM
الظهر 12:43 PM
العصر 4:22 PM
المغرب 7:26 PM
العشاء 8:47 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

حرباً بلا هوادة ستحرق الجميع

الكاتب: د. نهلة الخطيب - سوريا

أعراس واستعراضات وخطابات رنانة وقرارات غير ملزمة في الأمم المتحدة التي فشلت في احلال السلام في عالم يسعنا جميعاً، فشلت في حفظ السلم والأمن الدوليين وانماء العلاقات الودية بين الدول على أساس المساواة وتحقيق التعاون الدولي وحل المشاكل الدولية وجعل الأمم المتحدة مرجعاً لتنسيق الجهود فيما بينها، حربان شنتهما أمريكا في الشرق الأوسط والشرق الأوكراني كيفما كان مباشرة أو بالوكالة ويسعى ترمب لإيقافهما فقرار السلم والحرب بيده، والأمم المتحدة ثبتت فشلها في كل مرة، فأين الأمم المتحدة من الصراع في أوكرانيا أو الصراع العربي الإسرائيلي؟

العالم يتحرك والأمم المتحدة تعكس طبيعة العلاقات الدولية وموازيين القوى واحتدام الصراعات وتعدد الأزمات، فهناك انطباع أن عندما يتعلق الأمر بدول تدعمها أمريكا تنكفئ الأمم المتحدة، وعندما يتعلق بدول أخرى ربما لاتهم أمريكا كثيراً تترك الأمم المتحدة تتدخل بإشرافها، عندما غزى صدام حسين الكويت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، كان من السهل ترتيب تحالف دولي كبير (149 دولة) بما تعنيه منطقة الخليج، المنطقة الغنية بالموارد النفطية والطاقة، بينما في البلقان في قلب أوروبا تم التأخر كثيراً حتى تم التدخل "ما بين أوائل التسعينات وأخرها" لأن حجم المصالح أقل والتنافسية السياسية ضعيفة، ونرى التناقضات جليه فأمريكا في النيجر ليست على نفس خط فرنسا مثلاً، وفي السودان وليبيا.

في الحرب الأوكرانية حسب القانون الدولي هو غزو موصوف ولكن بما أن روسيا والصين من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن لم تتمكن أمريكا أو لم ترغب من العمل على حشد دولي لمواجهة روسيا، "فما جدوى التدخلات العسكرية المباشرة، بعد تجربتها في العراق وأفغانستان حيث تكبدت أمريكا خسائر بمليارات الدولارات ومئات الضحايا من الجنود الأمريكيين دون أن تحقق أهدافها، وكذلك حربها مع فيتنام وكوريا تكبدت فيها القوات الأمريكية وحلفائها الغربيين هزائم وانكسارات ولم تحقق النصر العسكري المخطط له"، حتى الأمم المتحدة لم تعمل في أوكرانيا فقط حلف الناتو الأمريكي الغربي الذي انخرط في الحرب إلى جانب أوكرانيا، فكان مرهقاً لكل الأطراف فمن يستسلم أولاً!، وعد ترمب ايقاف الحرب خلال24 ساعة فشل، تهديد ووعيد، ومن يستطيع لجم الهيجان الأمريكي الترمبي!.

 لقاء العمالقة حول أوكرانيا تمخض عنه فأراً، لا ترمب ربح ولا بوتين خسر، زيلسنكي لا مكان له بين الكبار، ربما بوتين جاء منتصراً بفك عزلته، عزف على وتر الاستثمارات الأمريكية في روسيا لإغراء ترمب رجل الصفقات واستيعاب غضبه، هو الذي يفهمه فجزء من سياسات ترمب الابن الضال للدولة العميقة يحركها الاقتصاد، ولكن لماذا بوتين يفاوض وهو يحتل خمس الأراضي الأوكرانية، فرض شروطه بالاعتراف الأمريكي بضم المناطق الخمس لروسيا واسقاط زيلنسكي بسبب ولائه للغرب، اقامة حكومة من أوكران ولائهم لروسيا وبذلك تصبح أوكرانيا تحت الوصاية الروسية، وبعد الانتصار الروسي على أوكرانيا ستكثف روسيا وجودها في البحر الأسود وتعيد سطوها على الحدود الغربية وما ورائها واعادة أمجاد القيصر وهيبة الاتحاد السوفييتي، وهذا ما ترفضه أوروبا، حرب أمريكا أو حرب بايدن كما يسميها ترمب تخوضها بالوكالة أوكرانيا، الهدف الأمريكي واضح جداً منها ربما تحقق جزء منه والأولوية الآن للصين، "كبح الصعود الروسي والمنافسة على قيادة العالم وانهاء القطبية بالإضافة إلى أهداف اقتصادية وتقديم نفسها كبديل لروسيا بتوريد الطاقة والسيطرة على الأسواق الأوروبية"، عكس ما تدعيه لنصرة الشعوب والدفاع عن الحقوق والحريات وخير شاهد ما تفعله إسرائيل من قتل وتنكيل وتهجير للشعب الفلسطيني دون أن يحرك لها ساكن.

عالم لا مكان فيه الا للقوي، تصريحات نتنياهو حول رؤية "إسرائيل الكبرى" تعد تدميراً لمنظومة القانون الدولي وتكريساً لمعيار القوة، فهل أصبحت إسرائيل الكبرى واقعاً محتوماً؟، إسرائيل محكومة من تيار ديني متطرف وتواطؤ أمريكي بدا واضحاً، ترمب تعهد بتوسيع إسرائيل لتأخذ مداها التوراتي، فهذا جزء من عقيدة ادارته المكونة من الانجليك المتشددين، ترحيل الفلسطينيين من غزة ومن الضفة يقترب من خواتيمه، تدمير قدرات حزب الله ونزع سلاحه والشعارات حول المعابر وتغيير واقع لبنان السياسي وترتيب لحكم جديد في لبنان ينسجم مع رؤية نتنياهو للمنطقة بما يخدم الحلم الإسرائيلي، ربط الحروب بشهوات نتنياهو وحرصه على التهرب من العدالة الدولية والبقاء في السلطة.

ترمب أراد انهاء كل الملفات قبل توليه السلطة، وعد بوقف اطلاق النار في غزة ولبنان واستطاع أن يجعل ذلك واقعاً لفترة مؤقتة، ولكنه يهدد الشرق الأوسط ويهدد الجميع بالجحيم، وكلنا يدرك ماذا ينتظر المنطقة، اعادة ترتيب الخريطة التي رسمتها سايكس بيكو، ورسم خارطة جديدة تتناسب والضرورة الأمريكية، هو يريد استقرار بالمنطقة بمنظور إسرائيلي، والسعي للقضاء على خصوم إسرائيل، وبهذا تكون إسرائيل أمنة لم يعد التهديد الوجودي يؤرقها، اسقاط أنظمة، ومحو دول من خارطة القوى الفاعلة وانحسارها لصالح إسرائيل وأمريكا، وكل دولة تمتلك قوة عسكرية واقتصادية في الشرق الأوسط هي هدف قادم لأمريكا التي تقود العالم وتملك خيوط الحل في الشرق الأوسط.

دولة إسرائيل الكبرى فقط ولا دول أخرى، لن تكون هناك دولة فلسطينية ولا دولة لبنانية ولا دولة سورية، ولا حتى دولة أردنية، أو دولة مصرية، والمشروع يشمل السعودية لاحقاً، والعرب لن يحميهم التطبيع الكل داخل المشروع الصهيوني، الصهيونية لا تعادي دولة أو شعب أو جماعة بعينها بل هي ترى الحلم الديني بإنشاء كيان عقائدي توراتي، التمادي باللعبة الخطيرة إلى ما هو أبعد فثمة عملية عسكرية ضد إيران لن تنحصر تبعاتها على الطرفين بما تمثله على مستوى الأمن الاستراتيجي لروسيا والصين، وقد لا تكون تركيا بمنأى عن هذا الزلزال ولعبة الخرائط  التي تمس جزء من أراضيها حسب المشروع التوراتي، إذا ما أخذنا بالاعتبار الموقع الجيوسياسي المهم للقارتين الأوروبية والأسيوية والقوة العسكرية التركية، المنطقة كلها داخل المشروع الصهيوني فستكون حرباً بلا هوادة تحرق كل شيء.     

مباهاة استفراد نتنياهو بغزة يحرق إسرائيل وهي على أعتاب عقدها الثمانين وعقدة الزوال في التلمود، الغرب الذي خلق هذا الكيان والذي ربط وجوده بالشرق الأوسط به، يتخلى عنه، هم يدركون مدى الكارثة التي ستحل بإسرائيل مادام ترمب ونتنياهو يقودان العالم، متغيرات لا يحكمها قانون واحد أو نمط مألوف، فالظروف الاقليمية والدولية باتت أكثر تعقيداً، ويبدو أننا أقرب بكثير إلى حافة الهاوية مما كان عليه الأمر من قبل، "ما نشهده الآن هو أكثر من مجرد اختبار لقوة النظام العالمي الذي ظهر بعد الحرب الباردة، انها نهايته"، تخبط وفوضى واضطراب استراتيجي ونظام عالمي يحاول أن يتشكل من جديد، أحادية أمريكية في النظام العالمي وهي القوة العظمى الوحيدة عملياً وستبقى، حلم ترمب الذي يطمح له، بينما روسيا والصين تريد نظام متعدد الأقطاب، ولكن حتى نظام متعدد الأقطاب وفق الروس والصين غير واضح المعالم، فأين هو العالم الآن؟

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...