الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:39 AM
الظهر 12:43 PM
العصر 4:22 PM
المغرب 7:25 PM
العشاء 8:46 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

وثيقة عقوبة.. جواز مقيّد

الكاتب: بسام زكارنة

جواز السفر في أصله وعدٌ بالحرية بطاقة عبور إلى العالم ورمزٌ لحق الإنسان في التنقل والعيش بكرامة لكنه بالنسبة للفلسطيني ليس سوى قيد إضافي وثيقة تُضاعف العزلة بدل أن تُبدّدها وتغلق الأبواب بدل أن تفتحها ومع ذلك يحمل هذا الجواز بين طياته رمز العزة والشموخ الوطني ومقدمة لدولة يسعى لها شعب بأكمله فهو هويته المعترف بها عالمياً وعلامة صموده أمام الاحتلال ومنارة للأمل في وطنه المشتّت.

في مؤشرات العالم يُصنَّف الجواز الفلسطيني بين الأضعف في قائمة تكاد تُقصيه عن معظم العواصم والمطارات، أحد عشر بلداً  فقط تسمح بالدخول بلا تأشيرة فيما أكثر من مئة وستين دولة تشترط قيوداً مسبقة هكذا يصبح السفر للفلسطيني رحلة تبدأ بالحواجز ولا تنتهي بالحدود رحلة تكتنفها إجراءات مطولة موافقات مسبقة وتدقيق مستمر خاصة في الفضاء العربي بينما يُعامل حامل الجواز الأجنبي بسهولة ومرونة.

المفارقة الأليمة أن هذا الحرمان لا يقتصر على مواجهة الاحتلال المباشر بل يمتد ليصطدم بالقيود داخل الفضاء العربي نفسه و الغريب انه في بلدان عربية وإسلامية كثيرة تُرفع شعارات الدعم لفلسطين وشعبها لكن أبوابها تُغلق عملياً في وجه الفلسطيني بينما تُفتح على مصراعيها للأجانب و يتحوّل الفلسطينيون عند العربي الشقيق إلى “استثناء أمني” يُراقب ويُقيّد ويُستدعى إلى الغرف المظلمة أو المطارات بلا مبرر منطقي دون الاكتراث بالآثار النفسية وتعطيل متطلبات الحياة اليومية من علاج أو تعليم أو عمل.

القيود ليست مسألة ورقية فحسب إنها تنعكس على تفاصيل الحياة كلها حين يُحرم الطلاب من الوصول إلى جامعاتهم والمرضى من العلاج في مواعيدهم المنسقة وتُمنع العائلات من لمّ شملها أو المشاركة في مناسبات فرح أو عزاء يتحول جواز السفر الفلسطيني من ورقة هوية إلى جدار إضافي يضاعف الحصار، كل رحلة كل معبر وكل مطار وكل ساعة انتظار تصبح اختباراً لصبر الفلسطيني وقدرته على الصمود.

هذا الواقع يكشف ازدواجية فادحة: شعارات معلنة عن نصرة القضية وسياسات عملية تزيد من عزل الإنسان الفلسطيني وبين الخطاب والتطبيق فجوة واسعة يسقط فيها حق أساسي من حقوق الإنسان: حرية الحركة.

إنصاف الفلسطيني في هذا السياق لا يحتاج إلى شعارات جديدة بل إلى إجراءات ملموسة وواضحة:

• مساواة في المعاملة على المعابر والمطارات بما يضمن رفع كل القيود غير المبررة.

• إنهاء “الاستثناء الأمني” بلا مبرر وإيقاف أي إجراءات تمييزية بحق الفلسطينيين فقط بسبب هويتهم الوطنية.

 • تفعيل الالتزامات العربية الرسمية المتعلقة بحرية التنقل مع آليات متابعة ومساءلة للتأكد من تطبيقها.

• تسهيلات عاجلة للطلاب والمرضى وأصحاب عقود العمل عبر ممرات خاصة تقلل من البيروقراطية الطويلة وتضمن استمرارية التعليم والعلاج والعمل.

• اعتراف صريح بالجواز الفلسطيني وثيقة سيادية والتأكيد على احترامه دولياً و اقليميا كرمز للهوية الوطنية والكرامة.

• ضغط إعلامي ودولي لتسليط الضوء على معاناة الفلسطينيين بسبب هذه القيود بما يلزم كل  الدول على الالتزام بالمعاملة العادلة.

•تحرك دبلوماسي فلسطيني فاعل من وزارة الداخلية ووزارة الخارجية لمطالبة الدول باحترام حامل الجواز الفلسطيني وحماية حقوقه.

جواز السفر ليس مجرد ورقة بل رمز للكرامة الوطنية وعندما يتحول إلى قيد تصبح الكرامة نفسها مقيدة، رفع القيود عن حركة الفلسطيني ليس منّة من أحد بل استحقاق إنساني وسياسي وامتحان حقيقي لصدق كل خطاب يتغنى بالحرية والعدل.

الفلسطيني يستحق أن يُعامل كما يُعامل أي إنسان في هذا العالم: أن يكون جوازه وثيقة حياة وعزة لا وثيقة عقوبة.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...