الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:06 AM
الظهر 12:32 PM
العصر 4:00 PM
المغرب 6:41 PM
العشاء 7:56 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

فلسطين بين الرمزية والسياسة: من إعلان الاستقلال إلى معركة الشرعية الدولية

الكاتب: د. سناء الشرافي / أبو شنب

 

منذ نكبة عام 1948، ظلّت فلسطين عنواناً لصراع غير متكافئ، وفي خضم هذا الواقع المرير، برزت محاولة مبكّرة لتأطير الكفاح الوطني عبر "حكومة عموم فلسطين" التي أُعلنت في غزة يوم 23 أيلول/سبتمبر 1948 برئاسة الحاج أمين الحسيني، مستندة إلى قرار الجامعة العربية في ذلك الوقت لتشكيل كيان فلسطيني يمثّل الشعب إلا أنها واجهت عقبات حادة أفشلتها، لكنّ الفكرة بقيت حاضرة في الوعي الجمعي والسياسي. وفي عام 1988، أعلن الزعيم ياسر عرفات الاستقلال من الجزائر في ذروة الانتفاضة الأولى، إعلان لم يكن تجسيداً لدولة على الأرض بقدر ما كان تثبيتاً لمنظمة التحرير كمرجعية سياسية واعتراف رمزي فتح الباب لاحقاً لمفاوضات أوسلو.

مرحلة أوسلو بين التنصل الاسرائيلي وخيبة الأمل:

في التسعينيات، بدأ الفلسطينيون ببناء مؤسسات الدولة الوليدة: مجلس تشريعي، قانون أساسي، وزارات وأجهزة أمنية، لكن اغتيال إسحق رابين وصعود اليمين الإسرائيلي أجهضا مسار السلام لتتحول المرحلة الانتقالية إلى مأزق مستمر: لا دولة تحققت ولا الثورة استمرت.

مع بداية الألفية، تكرّرت المحاولات عبر خطة د. سلام فياض عام 2008م، والتي تُوجت بخطاب الرئيس محمود عباس في الأمم المتحدة عام 2012، حيث حصدت فلسطين اعتراف أكثر من 130 دولة، لكن الفيتو الأميركي حوّل الانتصار الرمزي إلى جدار مسدود أمام أي تحول قانوني فعلي ومنح إسرائيل ضوءاً أخضراً للاستمرار في سياسة ضم الأراضي والاستيطان.

اليوم، يتغير المشهد فالاعتراف بدولة فلسطين لم يعد مقتصراً على دول الجنوب العالمي، بل امتد إلى عواصم غربية كبرى تمثل قلب النظام الدولي. إسرائيل قد تذهب إلى رد متهور مثل احتلال المزيد من أراضي الدولة الفلسطينية واقتحام المدن، لكن الأكيد أن خسارتها باتت استراتيجية: صورتها على الساحة الدولية تتآكل، ومشروعها الاستعماري يتكشف بوضوح غير مسبوق.

هذا التحول يعني أن لا مفر من الحل السياسي مهما حاولت إسرائيل اللعب على عامل الزمن وإدامة الوضع القائم، وعلى الرغم من أن إعادة إعمار غزة قد يتطلب فترة زمنية طويلة لكن قيام دولة فلسطينية لم يعد ملفاً محلياً أو إقليمياً، بل أصبح جزءاً من نقاش عالمي، ولغة شخصيات سياسية عالمية تؤمن بالعدالة والحرية وإنهاء أخر احتلال في العالم، كما أن الصمود الفلسطيني تحول إلى فلسفة اجتماعية قوامها نواة صلبة ترفض الحسابات الفردية، وتراكم الإنجازات لأجيال قادمة.

المسؤولية الدولية والإرادة الشعبية

بالتزامن مع الحرب على غزة وما تكشف عنها من إبادة جماعية ومجاعة، بالإضافة إلى الاعتداءات المتكررة على مدن و قرى الضفة الغربية، غيرت جميعها الفكرة التي روج لها الإعلام الغربي على مدار عقود عن إسرائيل كدولة ديمقراطية في الشرق الأوسط ، وعن جيشها الأخلاقي فتحركت إرادة الشعوب كقوة لا يمكن تجاوزها، فمن الجامعات الأوروبية إلى الشوارع الأمريكية ومن النقابات اللاتينية إلى الحملات الرقمية في آسيا وأفريقيا تتسع قاعدة الدعم لفلسطين كقضية عادلة إنسانية، مما حول القضية الفلسطينية من مجرّد ملف إقليمي أو ورقة تفاوضية بين القوى الكبرى، إلى مرآة أخلاقية تكشف اختلال ميزان العدالة في النظام الدولي و سياسة الكيل بمكيالين التي مارسها الغرب منذ عام 1948 . إنّ الاعتراف بفلسطين اليوم لا يُختزل في بيانات دبلوماسية باردة، بل يمثّل تحوّلاً في وعي الشعوب التي باتت ترى في فلسطين رمزاً عالمياً للنضال ضد الظلم والاستعمار.

لقد أثبت التاريخ أنّ ميزان القوة العسكرية قد يُمكّن الاحتلال من فرض حصار أو بناء جدار، لكنها لن تعطيه الشرعية. في المقابل، ميزان الشعوب، بما يحمله من طاقة تضامن وضغط سياسي وأخلاقي، وحده قادر على ترجيح الكفّة، فالتاريخ خير شاهد أن القضايا العادلة انتصرت حين فرضت إرادة الشعوب رأيها وانهارت منظومة الظلم والتضليل، وهذا ما بدأ يتجلى في المشهد الفلسطيني، فالشعوب قادرة على كسر منطق القوة وفرض منطق العدالة. واليوم، لم يعد السؤال متى تتحرك الحكومات، بل متى تتحول أصوات الشعوب إلى قوة ضاغطة تجبر باقي دول العالم على الاعتراف الكامل بفلسطين وإنهاء الاحتلال.

 

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...