الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:09 AM
الظهر 12:30 PM
العصر 3:56 PM
المغرب 6:36 PM
العشاء 7:51 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

"كأس الاعتراف السام: سيف ذو حدين لفلسطين"

الكاتب: إيلان بابيه

"في الماضي كنت متشككا جدا فيما يخص الاعتراف بفلسطين، حيث بدا أن المشاركين في النقاش لا يشيرون إلا إلى أجزاء من الضفة الغربية وقطاع غزة كدولة لفلسطين، وإلى حكم مستقل من خلال هيئة مثل السلطة الفلسطينية، من دون أن يكون لها سيادة مناسبة؛ أي: فلسطين البانتوستان. هذا الاعتراف من الممكن أن يخلق انطباعا خاطئا بأن ما يسمى بالصراع في فلسطين قد تم حله بنجاح.
لا يزال العديد من رؤساء الحكومات ووزرات الخارجية التابعة لهم يقصدون هذا النوع من فلسطين عندما يتحدثون عن الاعتراف اليوم. إذن، هل يجب علينا أن نقدم دعما أقوى لهذه الخطوة الآن؟ أقترح أن يُنظر إلى تلك الخطوة نظرة أكثر دقة، وتحديدا في هذه اللحظة التاريخية، حيث تستمر الإبادة الجماعية.
ليس من المستغرب أن لا أحد في غزة يستمد الأمل أو الإلهام أو يشعر بالرضا من هذا الإعلان. ولم يحتفل به أحد كإنجاز كبير إلا في رام الله، وفي جزء من حركة التضامن مع فلسطين.
إن الحكومات التي اعترفت بفلسطين تربطه ربطا مباشرا بحل الدولتين الذي عفا عليه الزمن والذي لفظ أنفاسه الأخيرة من أمد طويل – هذا الحل ليس سوى صيغة غير عملية وغير أخلاقية وظالمة منذ اللحظة التي صورت فيها على أنها "حل".
ومع ذلك، من الممكن أن يُطلق الاعتراف العالمي الحالي بفلسطين إمكانات وديناميكيات أكثر إيجابية. ورغم أنه لا ينبغي أن نعتبره "لحظة تاريخية" أو "نقطة تحول"، إلا أن لديه القدرة على مساعدة الفلسطينيين وأن يأخذنا إلى مستقبل مختلف.
لهذه الخطوة أهمية رمزية كحركة مضادة للاستراتيجية الإسرائيلية الحالية للقضاء على فلسطين: شعباً وأمةً وبلداً وتاريخاً. إن أي نوع من الإشارة - حتى الرمزية - إلى فلسطين ككيان قائم، هو نعمة في الوقت الحالي. حتى وإن كانت الإشارة على أدنى مستوى، وغير مُرضية إطلاقا، فإنها تحول دون أن تختفي فلسطين من الخطاب العالمي والإقليمي.
ثانيا، هذه الخطوة جزء من رد فعل عالمي ضد الإبادة الجماعية المستمرة؛ صحيح أنه غير كاف، لكنه مشجع إلى حد ما. إنها ليست عقوبات -وهي أكثر أهمية بكثير من الاحتفالية التي شاهدناها في الأمم المتحدة-، كما أنها لا تنهي التجارة العسكرية الغربية مع إسرائيل التي كانت ستكون أكثر فعالية الآن لمواجهة الإبادة الجماعية. ومع ذلك، فإنه ينقل استعدادا معينا بين الحكومات الغربية لمواجهة إسرائيل بشأن مستقبل فلسطين، ومواجهة الولايات المتحدة أيضا.
نتجت عن الاعتراف نفسه - ربما عن غير قصد - نتيجتان مهمتان. أولا، الأراضي المحتلة هي الآن دولة فلسطين المحتلة: دولة فلسطين بأكملها. هذا لا يمكن مقارنته حتى بالاحتلال الروسي الجزئي لمقاطعتين في أوكرانيا؛ هذا احتلال كامل لدولة. وسيكون من الصعب، للوهلة الأولى على الأقل، تجاهل ذلك من منظور القانون الدولي.
ثانيا، من الواضح للجميع ما سيكون عليه رد الفعل الإسرائيلي: فرض القانون الإسرائيلي رسميا على أجزاء من الضفة الغربية، ثم على المنطقة ككل، وربما في وقت لاحق على قطاع غزة.
على الرغم من أن المرء يتوقع القليل جدا من سياسيينا الحاليين - لا سيما في الشمال العالمي - إلا أنهم لن يكونوا قادرين على الادعاء بأنهم فعلوا كل ما في وسعهم عبر الاعتراف بفلسطين، إذا كانت إسرائيل تحتل فلسطين بالكامل وتضمها إلى أراضيها. حتى بالنسبة لهؤلاء السياسيين، فإن هذا التقاعس سيكشف عن حضيض جديد من الجبن الأخلاقي، ويدق المسمار الأخير في نعش القانون الدولي.
بالنسبة لنا كنشطاء فإننا ندرك تماما خطر تحويل الأنظار، ولو لثانية واحدة، من مهمة وقف الإبادة الجماعية. الاعتراف لن يوقف الإبادة الجماعية، لذلك فإن ما نقوم به، وما نخطط له لإنقاذ غزة، لن يتأثر بالخطب والتصريحات التي ألقيت في الأمم المتحدة في يوم 22 سبتمبر 2025. مظاهرتنا في لندن في أكتوبر التي نأمل أن يشارك فيها مليون شخص، لا تقل أهمية، إن لم تكن أكثر أهمية. والإضراب العام الإيطالي دعماً لأسطول صمود لا يقل أهمية أيضا، إن لم يكن أكثر أهمية.
لكنه يذكرنا أيضاً بأننا يجب أن نكون يقظين ومتشككين للغاية عندما تتحدث فرنسا وحلفاؤها عن ”اليوم التالي“. هناك إحساس بأننا نرى مرة أخرى المسرحية التي رافقت توقيع اتفاقيات أوسلو قبل 32 عامًا. وهناك خطر من أن الاعتراف بفلسطين قد يصبح مسرحية سلام أخرى، تستبدل شكلًا من أشكال الاستعمار بآخر أكثر قبولًا لدى الغرب.
كل هذا كان واضحًا في خطاب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. لقد أكد الرئيس في الجزء الأول من خطابه على التزام فرنسا تجاه إسرائيل وامتعاضه من حماس. أما في الجزء الثاني فقد فرض على الفلسطينيين أن تكون السلطة الفلسطينية هي وحدها التي تمثلهم، وأن الدولة الفلسطينية ستكون منزوعة السلاح. ولم يذكر الإبادة الجماعية أو العقوبات على إسرائيل، وهو أمر لا يثير الدهشة.
ماكرون سياسي أناني لا يتمتع بأي ضمير أخلاقي، لكنه يدرك أن 70% من شعبه غير راضٍ عن سياسته تجاه فلسطين. إن تأكيده على أن ما يريده الناس – سواء في فرنسا أو فلسطين أو أي مكان آخر – هو إقامة بانتوستان للسلطة الفلسطينية، يُظهر مرة أخرى انفصال العديد من السياسيين الأوروبيين عن الواقع.
أهمية الاعتراف لا تكمن هنا إذن. إنه سلاح ذو حدين. وبقدر ما أرى، فإن أفضل استراتيجية لنا في حركة التضامن هي أن نجادل ونصرّ –من خلال الفعاليات والبحث العلمي– على أن فلسطين هي البلد الممتد من النهر إلى البحر، وأن الفلسطينيين هم جميع الذين يعيشون على أرض فلسطين التاريخية والذين طُردوا منها. وهؤلاء هم الذين سيقررون مستقبل وطنهم.
والأهم من أي شيء آخر، يجب أن نصر على أنه طالما بقيت الصهيونية تهيمن أيديولوجياً على الواقع في فلسطين التاريخية، فلن يكون هناك تقرير مصير فلسطيني أو حرية أو تحرير."

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...