حدود القوة

الكاتب: هاني المصري
ما يجري اليوم يعكس مفارقة بالغة الدلالة. ففي الوقت الذي تباهى فيه نتنياهو بأنه حقق إنجازات كبرى في غزة ولبنان وسوريا واليمن وإيران، وأنه غيّر وسيغيّر وجه الشرق الأوسط ودفن حلم الفلسطينيين بإقامة دولتهم، وجد نفسه يخطب معزولا أمام قاعة شبه خالية في الأمم المتحدة، بعد أن اعترفت 159 دولة بدولة فلسطين، بينها دول تعد من أقرب حلفاء إسرائيل مثل بريطانيا وفرنسا وكندا. وهذا سيجعل يحيى السنوار وحسن نصرالله الذي استشهد في مثل هذا اليوم من العام الماضي يبتسمون ويشعرون بان تضحياتهم لم تذهب هدرا
لقد وصل الأمر إلى أن وصفه بعض الإسرائيليين البارزين بـ"هرتسل الفلسطينيين"، باعتباره ساهم ـ من حيث لا يدري ـ في تسريع إقامة الدولة الفلسطينية التي عمل طوال حياته لمنعها، كما ساهم هرتسل في إقامة دولة إسرائيل لليهود. صحيح أن الدولة الفلسطينية حتى تحصل على الاستقلال بحاجة الى وقت ونضال متعدد الأشكال ويقظة فلسطينية تحول دون الوقوع بالأفخاخ الامريكية والاسرائيلية.ولكنها لم تكن أقرب للتحقيق مما هي عليه الآن.
إنها سخرية التاريخ التي تؤكد أن للقوة مهما بلغت حدودًا، وأن استخدامها بلا حكمة أو إدراك لتلك الحدود، و لحقائق التاريخ والجغرافيا والبيئة الإقليمية والدولية، مهما بلغت شدتها وقوتها، تنتهي غالبًا بنتائج عكسية.