الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:59 AM
الظهر 12:35 PM
العصر 4:07 PM
المغرب 6:54 PM
العشاء 8:11 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

توتير المنطقة لأهداف متضاربة

الكاتب: د. دياب نصر

رايه نيوز: هكذا هي منطقة الشرق الأوسط متى تجمد الوضع السياسي في اطار التضليل والخداع، توترت الأجواء تسخن الأزمات يرتفع هامش الريبة والخشية، تتلبد غيوم السياسة كون هذا الشرق لا يحتمل بتاتاً وضعاً سياسياً متجمداً يدور في حلقة التسويفات والتهديدات ليؤول الى فراغ سياسي يدفع الى اضطراب ألأمن والاستقرار. فيما قضايا الاقليم وأزماته تظل على مرجل الغليان الذي يتواجه بخلط غريب وعقيم يهدف قتل الوقت الثمين واستغلاله في تمادي رسم الحقائق العدائية على الأرض على قاعدة مغلوطة ومقصودة : في الحركة بركة بغض النظر عن جدوى هذه الحركة من خوائها وهامش التدليس فيها لتبقى الأحداث العدوانية وحدها متواصلة لا يطالها تجميد ولا فراغ.

أطراف عديدة في الاقليم تجيد التوتير ماهرة في لعبته تمتهنه لخلط الأوراق ساتراً لأهداف مبرمجة أو للهروب من مأزق سياسي أو للتهرب من استحقاق السلام أو لفك العزلة أو للتخلص من إدانة دولية واسعة ، كمخرج تتخذه ألأطراف المأزومة لقلب الأوراق لإشعال فتيل التوتر اعلامياً أو عسكريا في التراقص على أنغام الحرب لتحريك دهاليز السياسة الدولية لنجدة مأزوم أو لتعنيف الآخر.

أطراف محددة في الاقليم تمسك بخيوط التوتير تجيد العزف عليها وفق تطلعات كل طرف ومراميه، لكن هذه الأطراف يجمعها قاسم مشترك واحد: امتهان التوتّر والتوتير كوسيلة لجباية أهداف الحرب قبل الانزلاق فيها.

وفي الاقليم أيضاً قوى عربية مجتمعة وهزيلة الوزن لا تجيد التعامل مع التوتير بل ترتعد منه وتخشاه فهي بعيدة للغاية عن أحكام لعبته وملاقاة تحدياته فلا تتورط فيه ولا تتعامل معه من الأساس وهو خارج نطاق السياسة الجارية في الفضاء العربي، تستعيض عنه بالمخادعات الدولية التي تتوالى دواليك، آخر وأبلغ ما مرّ على هذه السياسة هي مخادعات أوباما متى تعهد لكتلة بشرية واسعة بوعود حالمة واهمة ابتلعتها هذه الشرائح كطعم وكأنهم لا يدركون كيف يحكم رئيس الولايات المتحدة وتحت أية أصفاد. فلماذا تفشل 22 دولة عربية في إطلاق التوتير على المصالح الأمريكية في بطاحهم وليس فقط بسبب انقلاب أوباما على عهوده بل أيضاً لتهديداته السافرة للفلسطينيين والضغوط المكثفة عليهم لجرهم الى المثول الى المفاوضات المباشرة ثانية بلا أفق آمن بلا مرجعية بلا قاعدة واضحة ترسم ملامح حل سياسي يخضع بلا جدل لأحكام الشرعية الدولية وعدم جواز احتلال أراضي الغير بالقوة عند خط التقسيم لعام 1947. متى هدد أوباما إما التفاوض المباشر أو رفع الحماية عن السلطة ووقف الدعم المالي والتخلي عن عملية السلام فكافأته دول الجامعة العربية بإقرار ذهاب الفلسطينيين الى المفاوضات بلا أية قاعدة بلا أفق وبلا مسؤوليات عربية حاسمة وحاضرة. هنا قاعدتين تنسفان أية آمال في أية مفاوضات قائمة.

1- العرب وهم يصرون على عدم التعامل مع القضية كقضية قومية بحتة تستدعي حشد كل الطاقات ووضع المصالح قاعدة للتعامل السياسي.
2- إن النوايا الاسرائيلية المعلنة تحت غطاء أمريكي لم تبق مساراً واحداً آمناً في خلاصة هذه المفاوضات فالأرض مصادرة لا حرية لا دولة سيادية بل حتى تهديد الوجود. أخيراً نوجه ذات السؤال الى رئيس الولايات المتحدة الذي يدعي أن حل هذا الصراع حاجة ملحة للمصالح القومية الأمريكية، هذا الاصرار وهذه الخشية تعيشها السياسة الدائرة في العالمين العربي والاسلامي الحاضنة لجشع المصالح الأمريكية مع ابتسامة صفراء.

قبل أن نعود الى ساحات التوتير علينا أن نقر وأن نعترف أن دولة اسرائيل بدعم أمريكي مطلق وجشع ومباركة عربيتين مصرة على ادارة سياسات غامضة مراوغة تشذ أحياناً الى الاسترخاء أو الى التوتير الساخن لإبقاء الاقليم مضطرباً عند حافة الهاوية كونها تجيد اهدار الوقت علينا وهي تستغل كل دقيقة منه في ترسيخ الوقائع على الأرض لا تعير اهتماماً لأية مفاوضات مهما جرت مدتها ولا تعير انتهاك حقوق الناس واذلالها أي اعتبار.
1- إن الميدان الأمثل للتوتير هو لبنان المستهدف والمستضعف وعلى لبنان يجتمع خلط من ممتهني التوتير: محاور دولية واقليمية عرب ومسلمون اسرائيل وأمريكا المكونات اللبنانية الداخلية ذاتها ثم العنصر الفلسطيني فيه.

لبنان ساحة تتشابك فيها التوتيرات من كل جنس ولون فلبنان يشكل ملعباً للسياسات كافة هو ميدان حروب الآخرين هو مسرح للعبة السياسية الدولية ودائماً وابداً على حساب مصالح البلد العليا وعلى حساب التعايش المشترك الآمن فيه، هو هدف دائم للدسائس للمكائد للاغتيالات للاختراقات الأمنية تتخذه بعض الأطراف رأس رمح توظفه لتحقيق أهدافها ، وأطيافه السياسية تعشق المأجورية كعشقها لتدمير مصالح البلد وأمنه واستقراره، لبنان الدولة العربية الأنعم تحولت الى صدع اسرائيلي مؤرق تكن له كل الحقد حتى لو حولته الى ركام:

أ- أول من يستهدف لبنان هي اسرائيل القادرة على توتير الأوضاع فيه قادرة على اشعال الحروب أو شنها عليه لجبي تكتيكاتها ومناوراتها وأهدافها وفك المأزق من حولها واسرائيل دولة مشهورة كعنصر لعدم الاستقرار والتوتير والعدوانية في المنطقة. فان كانت اسرائيل على عداء مستحكم للعرق العربي فأمريكا المنحازة لها على الدوام هي كذلك أيضاً تزأر إن عطست اسرائيل هذا الاستخلاص يدركه كل العرب.

من يحكم اسرائيل الآن هي حكومة يمينية متطرفة يديرها ورثة جابوتنسكي تسير نحو أهدافها بوضوح وجرأة واصرار لا حاجة لها لخداع وتضليل ومراوغة وأفلام سياسية هي حكومة تعيش نشوة نصرها في اعادة تحجيم أوباما ورده الى مربع التحالف الاستراتيجي العضوي مع اسرائيل مع كسر شوكته واعادة تهجينه. فتحلّت اسرائيل بجرأة زائدة في اشاعة التوتير والعمليات العسكرية والحروب أياً كان مطلقاً لرصاصتها الأولى، فعلى الادارة الأمريكية أن تدير مسار الحرب ونتائجها وكيفية إنهائها لصالح اسرائيل ، رغم أن هذا لا يعني أن عربدة اسرائيل قد سكتت في فترة الشَكَل الذي دار مع ادارة أوباما سواءاً في العدوان على أسطول الحرية أو تجنيد الضغط الأمريكي لانقاذ حصار اسرائيل على القطاع بتجميل خادع.

ب- إن الهم الأول والصدع المؤرق لاسرائيل هي نووية ايران تتخذها لعبة فائقة الأهمية في استثمار مربح تجاه أمرين أولهما ابتزاز أمريكا والمحور الغربي تجاه نووية تهدد الوجود الاسرائيلي إن في تشديد العقوبات على ايران ومصاعدة التهديدات العسكرية أو في حلب المساعدات العسكرية المتطورة مقرونة بالتدريبات واطلاق سيناريوهات الضربة العسكرية وافتراض مواعيدها. ثانيهما فرصة الهروب من استحقاق السلام والجلاء عن الأراضي الفلسطينية المحتلة فاسرائيل المدللة تحاول اقناع العالم أبداً أن مشكلة احتلالها وعقوباتها الجماعية وانتهاكها لحقوق الانسان الفلسطيني ليست مهمة ولا تساوي شيئاً مقابل خطر النووية الايرانية قاصدة ازالة القضية الفلسطينية عن ألأجندة الدولية كلياً لتتصرف بها وفق مطامعها الجشعة لو قادتها الى التصفية.

ج- هل حقاً تنوي اسرائيل مهاجمة ايران عسكرياً لازالة مشروعها النووي حتى لا تكسر ايران احتكار اسرائيل للسلاح الذري في الاقليم، وهل حقاً تسعى ايران لازالة اسرائيل عن الوجود كما يهذي أحمد نجاد ، وايران تدرك مدى استثمار اسرائيل لتهديداتها الوجودية من قبل ايران وكيف تنعكس هذه على قضية فلسطين وشعب فلسطين وحريته وتحرره. إن كانت ايران تدرك ذلك فعلاً فما معنى ترديد التهديدات الوجودية لاسرائيل بل من تخدم هذه التهديدات، فيما ايران تدرك أن نصف العالم على الأقل سيهب لنجدة اسرائيل إن لاحت ملامح خطر ايراني عليها، ونصف الشرق الأوسط قد يزول عن الوجود قبل أن تُمَس شعرة في اسرائيل.

هنا نقول بكل جرأة وبكل تحدي لتتفضل اسرائيل بإشعال الحرب على ايران وهي تدرك بالتفصيل ما خلف هذا التحدي لتبقى قيمة تهديداتها وتوتيراتها للأجواء لهدف اسرائيلي آخر غير الحرب الشاملة على ايران، بل استغلال وجود أزمة ملفها النووي واستثمارها في المسار الفلسطيني الذي وصلت به الى موقع الانتظار الانتحاري من المفاوضات الخاوية الى مفاوضات التقارب غير المباشرة فالى مفاوضات مباشرة أخرى وهي تلبس القفز الأمريكي.

2- مشكلة أخرى مؤرقة وصدع آخر يؤرق اسرائيل هي معضلة حزب الله فمنذ عام 1948 لم تتواجه اسرائيل بأية قوة عسكرية تشكل لها معضلة مؤرقة لا سابقاً ولا الآن والى الغد، والحزب هو القوة العسكرية الوحيدة التي مسّت بنظرية الردع الاسرائيلي عملاتياً ومعنوياً واعلامياً وهي حركة مقاومة ليست دولة ولا جيوش جرارة ولا أسلحة بعشرات المليارات مكدسة لتصدأ. لكنها مقاومة تمتلك قرار القتال والحرب بغض النظر عن أجندتها ميزتها العمل الجدي المتقن إعداداً واستعداداً.

مع مستهل القرن الاسرائيلي الثاني ستغدو ألأمور في الأقليم صعبة للغاية كونها ستدفع استحقاق الجشع الاسرائيلي وفق مخططات القرن وهي طموحة وجشعة للغاية، وليس فقط على الفلسطينيين هي مخططات ستسقط كل المراهنات والاتكالات بلا حرج، ولن يغير هذه المعادلة إلا العمل العربي القومي الموحد لكن دون ذلك عقبات جمة. من المتغيرات التي حدثت في الاقليم من سايكس بيكو الى حادث مرمرة ظل العرب على وضعهم الحالي الذي يحمل طيه الكوارث المتتالية وهم يتناسون : أ- أن أوباما قد أعيد الى رشده بالتعامل مع اسرائيل ب- ذك الانتصار المعنوي الذي سجله نتنياهو على الادارة الأمريكية. ج- الى هنا غدت حكومة اليمين الاسرائيلية طليقة اليد في اشعال التوتر فالحروب والباقي في عهدة الادارة الأمريكية د- إن الادانة والامتعاض الدوليين من ممارسات اسرائيل وعقوباتها وحصاراتها لن تصمد أكثر ولن تطول أكثر من صمود أوباما على وعوده ما دامت لغة المصالح عند العرب مغيبة.

ما دامت معضلة اسرائيل المؤرقة هو حزب الله فأمامها خيار أسلم وأكثر أمناً وأجدى نتائجاً وتوفير الحروب والضحايا والدمار متى بادرت اسرائيل الى سلام شامل عادل مع سوريا باعادة الجولان كاملاً لتغدو الدولتان على علاقات صحية وتعاون مشترك وتطبيع شامل. واسرائيل تدرك أن من يدفع ثمن هذا السلام مباشرة هما أ- حزب الله وسلاحه ومقاومته العسكرية فمترتبات هذا الخيار بالكاد تقبل تحويله الى حزب سياسي. ب- العلاقات الوثيقة المتشابكة بين ايران وسوريا ، فلماذا لا ترتاد اسرائيل هذا الخيار بل لماذا ترفضه وهو تحد لآخر نلقيه في وجه اسرائيل وهي تسوّق نفسها كرسولة سلام في المنطقة حمامة وادعة منارة حضارة والديمقراطية الوحيدة في المنطقة! هنا سبب عميق ومتجذر إن اسرائيل تخشى السلام فعلياً يحمل لها مقتلاً داخلياً واسرائيل التي ولدت بالرصاصة لن تعيش ولن تعمر إلا بالرصاص السلام في قاموسها هو الاستسلام بكل ما يتطلب من التوتير الدائم وقنص الذرائع فالحروب.

2- الطرف الثاني ايران: وهي ماهرة بالتوتير تملك عناصره وأدواته في سعيها لبناء مصالحها القومية وبناء أدوار اقليمية ودولية على قاعدة حيازة السلاح الذري الذي سيعبر بها عتبات النادي النووي الدولي، لكن ايران ليست على هذا الانسجام مع الأغلبية العربية السنية الكاسحة في الاقليم، لها مطامع وطموحات في جوارها العربي على تناقض في المصالح القومية للطرفين.

تحت ظل ولاية الفقيه امتهنت بناء أذرع مسلحة وقوية في بواطن الأنسجة العربية واعداد الخلايا النائمة في اقليات الشيعة وايران في الاقليم أيضاً تصنف دولة احتلال ودولة مطامع في أراضي الغير قبل تصنيفها قومياً كدولة اسلامية شقيقة مجاورة ستتبجح بنوويتها القادمة على اعتبار انها النووية الاسلامية الثانية وهنا علينا أن نتساءل ما هو تصنيف ايران في الاقليم من الزاوية القومية أهي دولة صديقة أم دولة معادية تستغل اسلاميتها في أوساط الشعوب للتغرير بها تُسقط فيها الحروب المذهبية والحروب الانفصالية. وايران الشاه شكلت القاعدة والرجل ألأمريكي الأول والأقوى في المنطقة ما أتاح لها بناء علاقات استراتيجية متعمقة مع اسرائيل سياسياً واستخبارياً واقتصادياً وتجارياً ونفطاً وتدخل مشترك في شمال العراق بدعم ثورات الملاّ مصطفى البرزاني الانفصالية، فيما ايران الملالي قاتلت العراق 8 سنوات على خلفية تصدير ثورتها.

ولسنا في حاجة لاعادة الحديث عن مواقف ايران التنسيقية السرية في الحرب الكونية (1991) على العراق ثم غزو العراق واحتلاله ودخولها شريكة الاحتلال والحكم فيه، على بساط الفعل العربي في الاعداد للمشاركة في الحرب والحصار اكتسح نفوذ ايران منطلقاً من العراق أرجاء الوطن العربي بات يدق أبواب الدول صغيرها وكبيرها بعنف بلا استئذان ليحصد العرب ما قدموه لايران على طبق من ذهب ومجاناً.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...