الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:40 AM
الظهر 12:38 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:17 PM
العشاء 8:37 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

"دمي هو دمكم"

حكاية إليزابيث الفلسطينية

اليزابيث قسيس عبرت عن عشقها لفلسطين بالدموع

رايــة: فارس كعابنة-

"إنني فلسطينية وإن دمي هو دمكم"، هكذا تعبر اليزابيث عن الانتماء الذي شعرت به عند لقائها الأول بوطنها، وبملامحها التي تميل أكثر للاتينية بحكم مولدها ونشأتها كمغرتبة، تسرد حكاية فتاة عادت إلى موطنها الأصلي فلسطين وبدأت بإحياء إرثها وإرث عائلات تبحث عن ماضيها المفقود مع تعاقب سنوات الغربة.

الفلسطينية اليزابيث قسيس هي واحدة من بين قرابة 400 ألف فلسطيني يعيشون في تشيلي ويشكلون واحدة من أكبر الجاليات الفلسطينية في الشتات وأكثرها تأثيرًا وقوة اقتصادية.

"زرت فلسطين أول مرة في 1996 وكنت حينها بعمر 20 سنة، وعشقتها عشقا مطلقا. وكان الوضع مختلفا تماما عما هو عليه اليوم. لم يكن هذا العدد الكبير من المستعمرات وكانت الحياة مختلفة. أردت أن أبقى هنا في فسلطين فقد أتيت في تلك الزيارة سائحة مع عائلتي، وأصابني الجنون والغرام، وشعرت بأنني أنتمي إلى هنا"، قالت اليزابيث.

أضطرت اليزابيث للعودة إلى تشيلي بعد زيارتها القصيرة لفلسطين، لكنها أخذت قرارًا بأنها ستعود يومًا ما لخدمة بلدها.

 في 2016 أي بعد 22 سنة على التقائها الأول بوطنها، عادت وهذه المرة ارتبطت اكثر ببلدها الأم، "عشقت المكان من جديد، انتابني ذات الشعور الذي اجتاح كياني قبل 22 سنة. لا أستطيع أن أصفه. شعرت أن حياتي لا تنتمي إلى أي مكان. حتى وإن كنت أحب تشيلي، فإنني أحب بلادي ولم أشعر أنني تشيلية 100%".

هاجر الفلسطينيون إلى تشيلي مبكرًا، تحديدا ما بين عامي 1885 و1930، وكان معظم المهاجرين من بيت لحم، وبيت جالا، وبيت ساحور، وكانت الهجرة بهدف العمل وتكوين مصالح اقتصادية.

لكن أكثر موجات الهجرة جاءت بعد نكبة عام 1948، والاحتلال اللاحق 1967، وتبعها موجات هجرة واسعة في أعقاب الحرب الأهلية والاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982. موجات أخرى بعد الانتفاضة الفلسطينية الأولى والثانية، وترحيل الفلسطينيين من الكويت والعراق، على أثر حرب الخليج الأولى والثانية، وفقًا لمركز المعلومات الوطني الفلسطيني.

"عندما وصلت إلى هنا استنشقت رائحة الشوارع. ومشيت في شوارع بيت لحم، أدركت أنني أنتمي لهذا المكان. لهذا بالنسبة لي فإنها حكاية مؤثرة ويصعب أن أشرحها لشخص لا يجري الدم الفلسطيني في عروقه"، قالت اليزابيث التي حظيت بفرصة العودة. 

بمرور الزمن فقدت عائلات فلسطينية في الغربة إرثها في بلدها الأصل، وأسست حياة ثابتة هناك في تشيلي، ولم يعد يجمعها بفلسطين سوى مشاعر الحنين والانتماء، تلك التي أعادت اليزابيث وأبقت على ذاكرة الوطن في أذهان فلسطينيي الشتات.

تقول اليزابيث إنها تعيش في تشيلي في ما يشبه فلسطين المصغرة، "نشعر أننا فلسطينيون بشدة ونشعر بهذا في دمنا".

ومن هنا بدأت بفكرة مساعدة العائلات الفلسطينية في تشيلي على إيجاد إرثها وأصولها في مدنها وبلداتها التي خرجت منها.

وعملت مع عائلتها على إعادة شراء منزل كانت العائلة قد فقدته بعدما رهنته بسبب حاجتها للمال لتغطية الرحلة إلى المهجر، في عام 1938.

حولت عائلة اليزابيث المنزل إلى مركز أبحاث ودراسات للفلسطينيين في الشتات، أطلق عليه "دار الصباغ" وقد تم افتتاحه في أواخر اكتوبر 2018 في مدينة بيت لحم.

يهدف المركز وهو مبنى يعتبر من أهم مباني مدينة بيت لحم التاريخية ويقع في شارع النجمة الذي أدرج على قائمة التراث العالمي لليونسكو في التاسع من حزيران عام 2012، لربط عديد العائلات المغتربة بماضيها هنا في فلسطين.

"نحن كانت لدينا فرصة لنعرف حكاية عائلتنا بفضل صديق يعمل باحثًا، ولكن هناك الكثير من العائلات التي تريد أن تعرف تاريخها وبعضهم ليس له أقرباء أو ممتلكات أو أي شيء هنا. ليس لديهم فرصة لمعرفة إرثهم"، قالت اليزابيث.

قال خليل صباغ أحد القائمين على المركز لـ"رايـة"، إن 180 ألف فلسطيني في تشيلي تعود أصولهم إلى مدينة بيت لحم، "كانوا هنا وحجارة منازلهم لا تزال شاهدًا لكن مع تعاقب الأجيال لم يبق من يحفظ الإرث للعودة إليه".

وتبدو اليزابيث في مهمة خاصة، فمن جانب تحاول إيصال واقع شعبها تحت الاحتلال للعالم ومن جانب آخر تريد ربط المغتربين ببلدهم الأصل.

"ما أفعله كل مرة آتي فيها إلى هنا هو محاولة توضيح هذا الواقع للناس في بلادي وكيف تغيرت حياتكم بعد الاحتلال. كيف تدبرون حياتكم وتحاولون أن تعيشوا حياة طبيعية تحت الاحتلال، وكل ما تمرون به عندما تنتقلون للعمل من مدينة إلى أخرى"، قالت.

وتنتابها كفلسطينية عائدة مشاعر ما بين السعادة والغصة، شعور بالسعادة لأنها تحاول أن تفعل شيئا هنا، وتخدم أبناء الجالية في الخارج، لكنها تقول إنها تشعر بألم وغصة عندما ترى ظروف حياة الناس تحت الاحتلال.

وتصر على إكمال طريقها رغم أي صعوبات قد تعترضها، "إذا كان أحدكم يعتقد أن هذه المرأة سوف تتعب بعد بضع سنوات، وتعود إلى بلادها وحياتها السعيدة. لا أنا أكمل دائما ما بدأت. لن أتراجع وتذكروا أنني فلسطينية وأن دمي هو دمكم. لا أتنازل. سوف أبقى وأبقى للأبد!"، قالت اليزابيث. 

Loading...