قصة من غزة
كل شيء دُمِر… ولم يبقَ من حلم "ولاء" سوى ماكينة وفستان يرويان الحكاية

غزة – راية - أماني شحادة
لم يكن مشغل ولاء أبو ضباع مجرد مساحة صغيرة لتصميم الأزياء، بل كان امتدادًا لحلمٍ بدأت تنسجه منذ طفولتها، وخيطًا طويلًا من الكفاح والكرامة، قبل أن يقطعه العدوان الإسرائيلي بثوانٍ قاتلة.
ولاء أبو ضباع (37 عامًا)، أمٌ لخمسة أطفال ومصممة أزياء فلسطينية من غزة، عاشت سنوات تبني فيها مشروعها الخاص من لا شيء. كانت تصمم الأثواب الفلسطينية والعبايات والملابس الموحدة للمحال، وتُدرب نساءً أخريات ليصنعن مثلهن مصدر رزق كريم.
تقول بأسى: "المعرض لم يكن فقط مصدر دخل… كان روحي. علّمت فيه نساء، دعمت أسرتي، وكبرت مشروعي حجراً فوق حجر".
لكن في ديسمبر 2023، استهدفت طائرات الاحتلال منزل جيرانها، وسُوي مشغلها بالأرض. خرجت ولاء من بين الركام حاملة ماكينة خياطة واحدة وفستان زفاف مطرز كان جزءًا من آخر مجموعاتها. الباقي… تحول إلى غبار.
"دخلت في اكتئاب عميق… حلمي تبخّر بلحظة، وكل ما بنيته في سنين ضاع"، تقول والدموع تسبق كلماتها، وتضيف: "ماكينة الخياطة الناجية من نوع رقمي، لكنها تعمل بالكهرباء، والكهرباء هنا غائبة منذ بداية الحرب".
في خيمتها البسيطة التي نزحت إليها، تحاول أن تُبقي شيئًا من شغفها على قيد الحياة. تخيط حسب الطلب، وبإمكانيات معدومة، فقط كي لا تنقطع عن الحلم الذي كان يومًا ينبض بالحياة.
"مش أنا بس اللي خسرت... العاملات عندي نساء يعِلن أسرًا كاملة، اليوم كلنا مكسورات"، تقول ولاء، قبل أن تهمس بأملٍ خافت: "بدي أرجع أشتغل... بدي بس فرصة، وأدوات، وأمان".
في ختام حديثها، تناشد المؤسسات والجهات الداعمة بالقول: "ادعمونا، لا تتركونا ننهار... إحنا نساء بنعيل أسر، وبنحمل حلم ما لازم يموت".