وسط تصاعد العدوان الإسرائيلي
أبو الرب لراية: تدخلات عاجلة لدعم نازحي شمال الضفة ومواجهة مخطط الاحتلال لإنهاء المخيمات
في ظل الظروف الإنسانية الصعبة التي تعيشها مخيمات شمال الضفة الغربية، خاصة في جنين وطولكرم، تؤكد الحكومة الفلسطينية استمرار تدخلاتها العاجلة والمستدامة لتوفير الإيواء والمساعدات للعائلات المتضررة، والعمل على حماية الهوية القانونية للمخيمات في مواجهة محاولات الاحتلال الإسرائيلي لإنهائها.
المتحدث باسم الحكومة الفلسطينية الدكتور محمد أبو الرب في حديث خاص لـ"رايــة"، أوضح أن حجم المأساة الإنسانية الناجمة عن العدوان الإسرائيلي على شمال الضفة "غير مسبوق"، مشيرًا إلى أن أكثر من 50 عملية اقتحام شهدتها المنطقة منذ أكتوبر 2023، خلفت دمارًا واسعًا في البنية التحتية وأجبرت آلاف العائلات على النزوح.
وقال أبو الرب إن التدخلات الحكومية شملت إعادة تأهيل شبكات المياه والكهرباء، وتقديم تعويضات للمتضررين، إلى جانب مشاريع لإصلاح البيوت والمنشآت.
وأضاف: "الأولوية كانت دائمًا لتأمين الإيواء، خاصة بعد أزمة تمويل وكالة الغوث، فتم تنسيق جهودنا مع اللجان الشعبية لتوفير مراكز إيواء مؤقتة وسكن بديل للأسر التي تضم مرضى وكبار سن".
وأشار إلى أن 600 شخص فقط من أصل 40 ألف نازح يقيمون حاليًا في مراكز الإيواء، وتم تكليف المحافظين في جنين وطولكرم بتوفير شقق لهم، إلى جانب برنامج جاهز وممول لإصلاح البيوت المتضررة.
وأكد المتحدث أنه خلال الأيام الماضية تم تخصيص دفعة إغاثية جديدة بقيمة 5 ملايين شيقل للعائلات النازحة، و6 ملايين للمنشآت التجارية المتضررة. كما يجري تنفيذ مشاريع حفر 50 بئر مياه لتعويض النقص الحاد الذي تعاني منه مدينة جنين.
وتابع أن "التعدي على شبكات المياه، وتدمير الاحتلال للبنية التحتية تسبب في حرمان 13 قرية شرق جنين من مياه الشرب، ما استدعى تدخلات عاجلة".
وأوضح أن الحكومة نسّقت مع وزارة التنمية الاجتماعية، والأوقاف، ووزارة المواصلات لتقديم مساعدات إنسانية إضافية، بالإضافة لتسهيلات بالحركة في المناطق المتضررة.
ولفت إلى أن اجتماعات الحكومة في جنين وطولكرم تهدف لتقييم الأوضاع ميدانيًا، بمشاركة المؤسسات الدولية ومنظمات الإغاثة مثل "أوتشا" و"الأنروا".
تحدي سياسي وقانوني: الدفاع عن صفة "لاجئ"
وقال أبو الرب إن الخطر الأكبر لا يقتصر على الأوضاع الإنسانية، بل يتمثل في المحاولة الإسرائيلية المستمرة لإلغاء الصفة القانونية للمخيمات، وإنهاء دور وكالة الغوث، مشيرًا إلى ما حدث في سوريا كدليل على مخاطر تشتت اللاجئين.
وشدد على أن أي تدخلات إنسانية يجب أن تُبنى على معالجة سياسية تضمن الحفاظ على الهوية القانونية للمخيمات، مضيفًا أن الحكومة تعمل على توزيع الإيواء بين الشقق ومراكز جماعية لكي تبقى "شاهدًا حيًا على المعاناة".
وفي ما يخص عمليات الهدم الأخيرة، قال أبو الرب إن الاحتلال يخطط لهدم أكثر من 106 مبانٍ في مخيمي طولكرم ونور شمس، ما دفع العديد من الموظفين المدنيين للمطالبة بصرف مستحقاتهم لتعزيز صمودهم. وأضاف: "سأحيل هذا الطلب إلى وزير المالية للنظر في إمكانية التدخل".
الدعم الدولي والتحركات السياسية
أشار أبو الرب إلى أن التنسيق مع الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة أفضى إلى دعم مباشر لوكالة الغوث ومشاريع اقتصادية صغيرة، ضمن اتفاقيات سياسية تؤكد رفض الإجراءات الإسرائيلية ودعم حل الدولتين.
وكشف عن مبادرات لتزويد المخيمات بالطاقة الشمسية، وتوفير حزم مالية لإعادة الإعمار فور انسحاب الاحتلال، مؤكدًا أن آلية التعاقد المباشر مع الحرفيين المحليين ستخلق فرص عمل وتقلل الضغط على اللجان المركزية.
التكافل الاجتماعي ضروري
دعا أبو الرب العائلات الفلسطينية، خاصة في المحافظات ذات القدرة المالية، إلى دعم العائلات النازحة عبر الزكاة والتبرعات، مُشيرًا إلى تسجيل محاولات استغلال لبعض النازحين بفرض أضعاف الإيجارات وطلب دفعات مقدمة.
واختتم بالقول: "عدد النازحين تجاوز 42 ألف شخص، أي ما يعادل سكان بلدة متوسطة، وكلهم بلا عمل أو مصدر دخل... المعاناة كبيرة ولكن بالإمكان تخفيفها عبر تكاتف الجميع، ونحن نعمل بالتعاون مع وكالات الإغاثة، البلديات، والمحافظين لتوجيه المساعدات لكل من يحتاجها".