في زمن السرعة، لا مكان للتأخير
دايركت إكسبريس.. من فكرة طالب إلى خيار المحترفين في الشحن الفلسطيني

راية – خاص
استضافت إذاعة "راية" ضمن فقرة "عمّرها" مؤسس شركة "دايركت إكسبريس" المهندس كرم خير الله، والرئيس التنفيذي لها، إلى جانب مدير دائرة الموارد البشرية والتطوير في الشركة فادي مظلوم، للحديث عن قصة تأسيس الشركة الفلسطينية المتخصصة في البريد السريع والخدمات اللوجستية، وكيف تحوّلت من مبادرة فردية إلى مؤسسة وطنية رائدة تخدم آلاف التجار والمواطنين.
استهلّ المهندس كرم خير الله حديثه بالتعريف عن نفسه والشركة التي أسسها، قائلاً: "أنا كرم خير الله، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة دايركت إكسبريس، وهي شركة فلسطينية متخصصة في خدمات التوصيل والبريد السريع داخل الضفة الغربية والقدس والداخل الفلسطيني، ونعمل من أقصى الشمال حتى أقصى الجنوب."
وأوضح خير الله أن البدايات تعود إلى عام 2016 حين كان لا يزال طالبًا في كلية الهندسة بجامعة النجاح الوطنية، وبدأ حينها بتوصيل الطرود بنفسه بسيارته الخاصة ضمن تجربة في التجارة الإلكترونية. وقال: "كنت أبحث عن مصدر دخل يساعدني في تغطية أقساط الجامعة والمصروف اليومي، ووجدت في التجارة الإلكترونية فرصة مرنة تناسب وضعي كطالب".
وأضاف: "بدأت أبيع ساعات إلكترونية، ثم وسّعت نشاطي، وكنت أوصل الطرود بنفسي، ما أكسبني خبرة ميدانية في التعامل مع المدن والمخيمات والزبائن، وأدركت الفجوات التي تواجهها شركات التوصيل الكبرى، فبدأت أملأها من خلال تقديم خدمة شخصية وموثوقة".
من فرد إلى مؤسسة
وأشار خير الله إلى أن نقطة التحوّل الكبرى جاءت في عام 2019، حين قرر تحويل النشاط الفردي إلى شركة مرخصة تحت اسم "دايركت إكسبريس"، وقال: "بدأنا من مخزن صغير وثلاثة سائقين، أحدهم كان يغطي الجنوب وآخر الوسط والثالث الشمال، وإذا غاب أحدهم، كنت أتولى المهمة بنفسي".
وأكّد أن الالتزام تجاه التجار، والعمل الدؤوب ليلًا ونهارًا، أكسب الشركة ثقة الزبائن، ما ساهم في انتشارها وفتح فروع جديدة في معظم المدن الفلسطينية. وتابع: "اليوم، دايركت إكسبريس تنتشر في جنين ونابلس ورام الله والخليل والقدس وشفاعمرو، ونوفّر فرص عمل لعشرات الشبان والشابات، ونعتمدنا آلاف التجار، من شركات ومؤسسات وحتى نساء يعملن من منازلهن".
122 موظفًا و3,000 تاجر
من جهته، كشف فادي مظلوم مدير الموارد البشرية في الشركة، أن "دايركت إكسبريس" تشغل اليوم 122 موظفًا بشكل مباشر وغير مباشر، منهم 50 موظفًا دائمًا، والبقية ضمن نظام المقاولة أو التشغيل الجزئي.
وأوضح مظلوم أن من بين شركاء الشركة أكثر من 3,000 تاجر، كثير منهم بدأوا بأعمال صغيرة من منازلهم، وتحولوا إلى شركات قائمة. وقال: "نحن نقدم دعمًا خاصًا للمشاريع الصغيرة، سواء للنساء أو الطلاب أو أصحاب المشاريع المنزلية".
دعم المشاريع النسوية والطلابية
وأكد خير الله ومظلوم أن للشركة توجهًا واضحًا نحو دعم المشاريع متناهية الصغر، خاصة النسائية والطلابية.
وأضاف: "نعمل على برامج تدريبية لطلاب الجامعات وربات البيوت حول الإنتاج المنزلي والتسويق الإلكتروني، ونوفر امتيازات خاصة في التوصيل لهم، كجزء من التزامنا تجاه المجتمع".
فيما شدد مظلوم على أن هذا التوجه لا يصنّف ضمن "المسؤولية المجتمعية" التقليدية، بل هو جزء من رؤية الشركة التي تأسست من معاناة فرد، وتؤمن بضرورة رد الجميل للمجتمع الذي دعمها.
شباب يقودون مؤسسة لوجستية
أحد أبرز عناصر نجاح الشركة، كما يوضح مظلوم، هو كونها بقيادة شبابية. وقال: "أنا أكبر موظف في الشركة وعمري 35 عامًا، أما المهندس كرم فعمره 30 عامًا فقط. طاقتنا الشبابية تنعكس على بيئة العمل، فهي مرنة ومتحفزة، والاجتماعات قد تستمر حتى المساء دون أن يشعر أحد بالملل أو الضجر".
وبيّن مظلوم أن الشركة تعتمد على كوادر شابة حديثة التخرج، مع دمجهم بخبرات من خلال التعاقد مع مستشارين متخصصين في مجالات الإدارة والتسويق والتقنية والقانون.
مركز عملاء و"هوية بصرية" جديدة
وأوضح مظلوم أن من أحدث مشاريع التطوير في الشركة هو إنشاء مركز عملاء سيتم إطلاقه قريبًا، في إطار استراتيجية جديدة تم التعبير عنها من خلال "هوية بصرية" محدثة، تعكس نضج الشركة واحترافيتها.
وقال خير الله: "الهوية البصرية الجديدة ليست مجرد تغيير شكلي، بل تعبير عن المرحلة المتقدمة التي وصلت إليها دايركت، من حيث البنية التحتية، والانتشار الجغرافي، وعدد التجار والزبائن الذين نعتمد عليهم، وهي أيضًا وعد منا بالاستمرار في تقديم أفضل خدمة لوجستية".
الاستجابة للأزمات والتوسع خارج الحدود
وختم خير الله حديثه بالتأكيد على قدرة الشركة على التكيّف مع الأزمات والتغيرات، قائلاً: "مررنا بأحداث كبرى منذ التأسيس، مثل جائحة كورونا، والحرب، والإغلاقات، ورغم ذلك كنا نعمل على إيصال الطرود حتى في أصعب الظروف".
وتابع: "نحن نساعد التجار على الوصول إلى كل أنحاء فلسطين، بل حتى إلى الداخل الفلسطيني مثل رهط والسبع والجولان، ما يوسّع نطاق تجارتهم ويمنحهم فرصًا أكبر".
دايركت إكسبريس هي قصة نجاح فلسطينية بدأت من سيارة طالب جامعي، وتحولت إلى مؤسسة لوجستية يشهد لها السوق باحترافيتها، تقودها طاقات شبابية وتطمح لأن تكون الحاضنة اللوجستية الأولى للتجار والمشاريع الصغيرة في فلسطين.
تجدر الإشارة إلى أن فقرة "عمِّرها" تُقدَّم برعاية صندوق الاستثمار الفلسطيني، وتهدف إلى تسليط الضوء على الأفكار الريادية والمبادرات المجتمعية والبيئية المبتكرة. تفتح الفقرة المجال أمام كل شاب وكل إنسان فلسطيني يملك مشروعًا أو حلًا مبدعًا للتحديات التي تواجه مجتمعه، في محاولة لتعزيز ثقافة الريادة ودعم الاقتصاد الوطني من القاعدة.
وما قدمته شركة "دايركت إكسبريس" من قصة نجاح، بدءًا من فكرة طالب جامعي وصولًا إلى مؤسسة لوجستية متكاملة، يُجسد روح "عمّرها" في دعم الريادة الفلسطينية الحقيقية على الأرض.