خاص | مخطط "E1" يعود: استيطان متسارع لتحقيق مشروع "القدس الكبرى"

عاد مخطط "E1" الاستيطاني إلى الواجهة بقوة خلال الأشهر الأخيرة، وسط تحركات مكثفة من مجلس التخطيط الأعلى التابع للإدارة المدنية، الذي بات ينعقد بشكل شهري منذ تولي حكومة اليمين المتطرف برئاسة بنيامين نتنياهو السلطة، في تطور لافت يعكس تسارع تنفيذ مشاريع الاستيطان في القدس ومحيطها.

ويُعد مخطط "E1" من أخطر المخططات التي تهدد بتغيير الجغرافيا السياسية في مدينة القدس، لما يحمله من تداعيات خطيرة على وحدة الضفة الغربية، إذ يؤدي إلى فصلها فعليًا إلى شطرين شمالي وجنوبي. ويأتي هذا المشروع ضمن إطار أوسع يعرف بمشروع "القدس الكبرى"، الذي يهدف الاحتلال من خلاله إلى ضم القدس ومحيطها إلى السيادة الإسرائيلية الكاملة، عبر إحاطة المدينة بعشرات المستوطنات وتكثيف البناء الاستيطاني.

وأكد الخبير في شؤون الاستيطان، سهيل خليلية، أن السيطرة الكاملة التي منحها الوزير المتطرف بتسلئيل سموتريتش لمجالس المستوطنين على الإدارة المدنية، فتحت الباب أمام تمرير مشاريع استيطانية كانت مجمدة لعقود، مضيفًا أن ما يحدث اليوم هو تنفيذ فعلي لمخطط سياسي وأيديولوجي يسعى إلى فرض كيان مستقل للمستوطنين داخل الضفة، تمهيدًا لفصلها عن أي مشروع سياسي فلسطيني مستقبلي.

وأشار خليلية في حديث لشبكة رايـــة الإعلامية إلى أن المخطط تجاوز رسميًا مرحلة "الاعتراضات" المحددة حتى 6 أغسطس المقبل، في ظل بدء أعمال بنية تحتية على الأرض بالفعل، ما يجعل من المصادقة الشكلية عليه مجرد تحصيل حاصل، خاصة في ظل غياب أي ضغط دولي فعّال.

وأوضح أن التجمعات البدوية، مثل تجمع "الخان الأحمر"، شكلت في السابق عائقًا أمام تنفيذ المخطط، لكنها الآن تواجه خطر التهجير الفعلي مع انطلاق المرحلة التنفيذية، مؤكداً أن الاحتلال يحاول تجاوز هذه العقبات عبر العنف المباشر، والاستيطان الزاحف، وخلق واقع جديد على الأرض يفرض بالقوة.

وحذّر خليلية من أن المخطط لا ينفصل عن سياسات أوسع تشمل توسعة الشوارع الالتفافية، وإنشاء مناطق صناعية استيطانية، وتسليح المستوطنين الذين باتوا ينتشرون في الضفة الغربية ويمارسون العنف دون رادع.

ويأتي هذا التسارع الاستيطاني في ظل فتور واضح في المواقف الدولية، وصمت أمريكي يُقرأ كضوء أخضر غير مباشر لتنفيذ المشروع، في وقت تحوّل فيه الضفة الغربية إلى ساحة صراع مفتوح يهدد كل ملامح الحل السياسي العادل.

وأكد خليلية على أن ما يجري اليوم في القدس والضفة هو ترجمة فعلية لرؤية حكومة الاحتلال القائمة على الضم والتفكيك، محذرًا من أن تنفيذ مخطط "E1" سيُقوّض نهائيًا إمكانية قيام دولة فلسطينية ذات تواصل جغرافي.