الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:08 AM
الظهر 12:45 PM
العصر 4:26 PM
المغرب 7:51 PM
العشاء 9:21 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

نواجه خطر “العدمية النفسية”

أخصائية نفسية لراية: التخاذل العربي الرسمي يعمّق الجرح النفسي

في حديث مؤثر وحاد تخلله كثير من الألم والقلق، حذرت د. ريم أبو حويج، مديرة وحدة الخدمات النفسية في مستشفى المطلع بالقدس والمحاضرة في جامعة دار الكلمة، من تفاقم أزمة نفسية وجودية يعيشها الفلسطينيون اليوم، في الداخل والشتات، تهدد بانتشار مشاعر "العدمية" وغياب المعنى والجدوى من الاستمرار في أي شكل من أشكال المحاولة أو التمسك بالأمل.

وفي حديث أبو حويج لشبكة رايـــة الإعلامية؛ تناولت فيها مضمون مقال كتبته بعد ستة أشهر من بدء الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، عبّرت عن خشيتها العميقة مما وصفته بـ "الإحباط الوجودي" الذي تشهده في جلسات العلاج النفسي والحوار الجماعي مع الفلسطينيين، سواء في الوطن أو الخارج، مؤكدة أن هذا النوع من الإحباط يتجاوز الحزن أو الغضب، ويصل إلى نقطة الانسحاب من الحياة وتجميد الأهداف وتلاشي الرغبة بالمقاومة.

وتضيف: "ما أخشاه حقًا هو ألا نفقد الإيمان بالقضية، بل الإيمان بجدوى أي شيء... ألا نزرع شجرة، أو نحاول أن نحب، أو نحلم…"، تقول د. ريم بتأثر.

بين العدمية والخوف من زوال الوجود

ترى أبو حويج أن ما يزيد الوضع النفسي تعقيدًا هو أن الفلسطيني لم يعد قادرًا على تخيل نفسه موجودًا على هذه الأرض بعد عشر سنوات أو حتى عشرين، في ظل وضوح المخطط الصهيوني القائم على التهجير والتطهير العرقي الممنهج. وتوضح أن هذا الإحساس الجمعي بانعدام الأمل بات مترجَمًا بشكل مرعب في المشهد اليومي الفلسطيني.

وتقترح د. ريم أن المخيلة السياسية والنفسية الفلسطينية بحاجة إلى تحرر جديد، معتبرة أن ما وصفته بـ "التمرد العاقل" على الواقع المفروض هو شكل من أشكال المقاومة الضرورية. تستشهد بتجارب شعوب مقهورة أخرى، مشيرة إلى أن التحرر الحقيقي يبدأ من "السماح للذات بأن تتخيل واقعًا مختلفًا، حرًا ومحررًا"، حتى لو بدا ذلك في البداية ضربًا من الجنون.

وتضيف: "كما أن المحتل رسم مخططه في ذهنه أولاً، فنحن بحاجة إلى إعادة تخيّل وجودنا المستقبلي على أرض محررة… علينا أن نعيد رسم بيوتنا، طرقاتنا، مدارسنا، لغتنا، ثقافتنا، بعيدًا عن الاحتلال ومعاييره".

وطرحت د. أبو حويج قضية "استدخال القامع"، وهو مصطلح نفسي يشير إلى تطبيع المقهور مع سلوك مضطهده. وتقول إن آثار هذا الاستدخال تظهر في تفاصيل الحياة اليومية: من تفضيل البضائع الإسرائيلية، إلى الحديث بالعبرية أو الإنجليزية على حساب العربية، وحتى تبنّي نظرة دونية للذات وتفوق المستعمر.

وتتابع: "هذه أزمة ثقافية مدمّرة… عندما يتفاخر البعض باستخدام العبرية أو الإنجليزية بدلًا من لغتنا، فهذه ليست حرية فردية بل نتيجة هندسة استعمارية ناجحة في العمق النفسي الفلسطيني".

وفي سياق متصل، ربطت أبو حويج هذا الانهيار النفسي أيضًا بما وصفته بـ التخاذل الرسمي العربي تجاه القضية الفلسطينية، مشيرة إلى أن استمرار حالة "الصمت والانكفاء" العربي الرسمي يعزز الإحساس بالعزلة والخذلان في النفسية الفلسطينية، ويكرّس الشعور بأن الفلسطيني وحيد في معركة وجوده.

"نحتاج إلى من يغمض عينيه ويحلم بجدية"

واختتمت د. ريم حديثها بنداء عاطفي وعقلي: "نحتاج إلى من يغمض عينيه ويحلم… حلم جاد، يتبعه عمل على أرض الواقع. نحتاج إلى مشاريع تفصيلية لحياتنا ما بعد التحرير. كيف سنعيش؟ ماذا سنبني؟ ماذا سنعلّم أطفالنا؟... لأن العيش في ظل العدمية خطر وجودي لا يقلّ عن خطر الاستعمار".

المقالة التي كتبتها د. ريم أبو حويج بعنوان "نحو تخيل الأرض المحررة: مقاربة نفسية ثقافية في زمن الإبادة" نُشرت على منصة "باب الواد"، وهي الآن في طريقها للنشر الأكاديمي باللغة الإنجليزية في مجلة "Journal of Culture, Psychoanalysis and Society".

Loading...