"تطهير عرقي ممنهج"
هآرتس تكشف تفاصيل خطة إسرائيل لتهجير سكان قطاع غزة قسرًا

كشف الكاتب الإسرائيلي البارز جدعون ليفي، في مقال نُشر بصحيفة هآرتس، عن ما وصفها بأنها خطة ممنهجة وضعتها إسرائيل لتهجير سكان قطاع غزة قسرًا، في خطوة تُعيد إلى الأذهان ممارسات التطهير العرقي في أوروبا خلال الحقبة النازية.
وأشار ليفي إلى أن رئيس جهاز "الموساد" الإسرائيلي ديدي برنياع، حفيد لاجئ يهودي فرّ من ألمانيا النازية، شارك مؤخرًا في محادثات رفيعة المستوى في واشنطن، ناقش خلالها خطة إسرائيلية لـ"إجلاء" سكان غزة إلى دول أخرى. ووفق ما نقله الصحفي الإسرائيلي باراك رافيد عبر القناة 12 العبرية، فإن الموساد شرع في التفاوض مع ثلاث دول – هي ليبيا وإثيوبيا وإندونيسيا – كوجهات محتملة لترحيل الفلسطينيين.
إجلاء قسري تحت غطاء "معسكرات إنسانية"
وفي ما يصفه ليفي بـ"إعادة إنتاج لنموذج التطهير العرقي"، بدأت إسرائيل بالفعل تنفيذ خطة التهجير على الأرض من خلال تدمير بلدات بأكملها في القطاع، وتسويتها تمهيدًا لتحويلها إلى معسكرات اعتقال مؤقتة، وتهيئة البنية التحتية لما قد يكون أول مستوطنة إسرائيلية في غزة.
استند ليفي في مقاله إلى تحقيق نشرته هيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، يوثق الهدم الممنهج للأحياء السكنية في القطاع باستخدام صور الأقمار الصناعية.
ويشير التحقيق إلى وجود إعلانات عمل لمشغّلي جرافات مخصصة لهدم المباني، بما يوحي بأن المشروع يسير بوتيرة منظمة ومدروسة، لا بوصفه ضرورات عسكرية عشوائية.
خطة متكاملة للتطهير العرقي
وبحسب ليفي، فإن الخطة الإسرائيلية تقوم على تجميع السكان في ما يسمى بـ"المدينة الإنسانية"، وهي في حقيقتها معسكر مؤقت يُستخدم كنقطة انطلاق لترحيلهم خارج غزة. ويدور النقاش داخل المؤسسات الإسرائيلية – بحسب ما يكشفه المقال – بين خيار التهجير الكلي والفوري، أو التهجير التدريجي.
ويصف الكاتب الخطة بأنها ليست ارتجالية ولا انعكاسًا لحرب متدحرجة، بل مشروع بعيد المدى جرت صياغته خلف الأبواب المغلقة في غرف مكيفة، بمشاركة ضباط، ومسؤولين، ومهندسين، وخبراء ديموغرافيين، بل وربما موظفين من وزارة الصحة والإدارة المدنية الإسرائيلية.
تنفيذ الأوامر... على غرار أيخمان
وفي مقارنات لافتة مع جرائم النازية، يشبه ليفي سلوك برنياع بسلوك أدولف أيخمان، مسؤول الإجلاء في عهد الرايخ الألماني، والذي برر جرائمه لاحقًا بأنه كان ينفذ الأوامر فقط. ويكتب ليفي بمرارة: "إذا أُرسل برنياع لإنقاذ رهائن، فهو ينفذ. وإذا أُرسل لترحيل الملايين؟ فهذا أيضًا أمر رائع من وجهة نظره".
جريمة ضد الإنسانية
يختم ليفي مقاله بتوصيف الخطة على أنها جريمة ضد الإنسانية تُرتكب بدم بارد، تتجاوز حدود الحرب التقليدية. ويقول: "هذه ليست منازل تُهدم لهدف عسكري محدد، بل إبادة ممنهجة لكل إمكانية للحياة في غزة".
ويرى أن العالم قد لا يعرف كل تفاصيل المؤامرة الآن، ولكن "بعد خمسين عامًا، حين تُفتح البروتوكولات، سيظهر من وقّع ومن صمت ومن بارك".
وفي ظل ما كشفه التقرير، تتعالى الأصوات الحقوقية والدولية للمطالبة بتحقيق دولي مستقل في سياسات الاحتلال تجاه قطاع غزة، خاصة في ظل تصاعد المؤشرات على نية التهجير الجماعي القسري، وهي جريمة يُجرمها القانون الدولي الإنساني.
ويؤكد خبراء أن أي خطة لترحيل سكان غزة بالقوة تشكل تطهيرًا عرقيًا وخرقًا فاضحًا لاتفاقيات جنيف، وتهديدًا مباشرًا للأمن الإقليمي والدولي، ما يستدعي تحركًا عاجلًا من المجتمع الدولي لوقف ما وصفه مراقبون بـ"النكبة الجديدة".