الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:18 AM
الظهر 12:46 PM
العصر 4:26 PM
المغرب 7:45 PM
العشاء 9:12 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

الطفل محمد المطوق.. شهادة حيّة على المجاعة المتوحشة في غزة

الطفل محمد المطوق
الطفل محمد المطوق

غزة - راية - أماني شحادة

وسط ركام الحصار والحرب، حيث يموت الضوء ويجف الماء، تُسجّل غزة فصولاً مأساوية جديدة في كتاب المجاعة، التي لم تعد رقمًا في تقارير الإغاثة، بل وجعًا حيًا تحمله أجساد الأطفال النحيلة، وعلى رأسهم الطفل محمد المطوق، الذي لا يتجاوز عمره العامين، لكنه يحمل فوق جسده الصغير أوزار كارثة إنسانية صامتة.

في قطاع تحاصره المجازر من السماء والخنق من البر، غابت سبل العيش وبات الحصول على الغذاء ضربًا من المعجزة. الأسر تعتمد على فتات الخبز اليابس، والمعلبات التي فقدت صلاحيتها وقيمتها، وماء ملوث بالكاد يصلح للاستخدام، في وقت أصبح فيه سعر الحليب أشبه بحكم إعدام على العائلات الفقيرة.

صرخة أم مكلومة

هداية، والدة محمد، تحكي قصتها بصوت يملؤه القهر: "ابني عنده سوء تغذية شديد.. بسبب المجاعة اللي تضرب القطاع وغلاء الأسعار اللي ما بنقدر نلحقه. محمد وزنه اليوم 6 كيلو بس، مع إنه كان لازم يوصل لـ9 كيلو وأكثر.. كل يوم بنشوفه بنهار قدامنا وما في حيلة".

محمد فقد والده شهيدًا في الحرب الأخيرة، واليوم يفقد صحته تدريجيًا. والدته، التي أصبحت المعيل الوحيد بعد استشهاد زوجها، تقول إن طفلها يذبل أمام عينيها: "وجهه شاحب، جسمه صار بس عظم، ظهره منحني وعضلاته مرتخية.. بيصحى بنص الليل يبكي من الجوع، وأنا ببكي معه، وما في إشي أقدمله، حتى الحليب غالي مش قادرة أشتريه".

هداية، التي أخذت طفلها إلى المستشفى بحثًا عن علاج، واجهت الواقع القاسي من الأطباء: "قالولي بده أكل مش علاج.. وأنا وين أروح؟ كيف أطعميه وأنا مش قادرة أوفر حتى حليب؟"

وتشير الأم المفجوعة إلى زجاجة ماء تقول إنها باتت الوجبة الوحيدة المتاحة له، بدلًا من الحليب، في ظل غياب الدعم وندرة المواد الغذائية الأساسية للأطفال الرضع.

وفي نهاية حديثها، توجّه هداية نداءً إنسانيًا يتجاوز الحدود: "بطالب العالم، المؤسسات، أي حدا يسمع صوتنا.. ابني بده يعيش، بده حليب، بده أكل.. هاي أبسط حقوقه، قبل ما يفوت الأوان".

أزمة تتوحّش بصمت

قصة محمد ليست استثناءً، بل هي واحدة من آلاف القصص لأطفال قطاع غزة الذين باتوا ضحايا المجاعة وسوء التغذية المزمن، في ظل انهيار كامل للمنظومة الصحية وغياب الأمن الغذائي.

الحليب، الفواكه، وحتى الخضروات، تحوّلت إلى أحلام مستحيلة، وأصبح الطعام الآمن رفاهية لا مكان لها في حياة أطفال غزة، الذين يتساقطون يومًا بعد يوم بصمتٍ مدوٍّ لا يصل آذان العالم.

صوت محمد، ودمعة أمه، ومعدة خاوية تتلوى ليلًا، هي شهادة مؤلمة على مأساة لا تزال تتفاقم في غزة، بينما يُترك السكان وحدهم في مواجهة الموت البطيء.

Loading...