خاص| تصاعد مقلق في الجرائم البيئية: الاحتلال ومستوطنيه يرتكبون 155 انتهاكًا
في مشهد يؤكد اتساع رقعة الاستهداف الإسرائيلي المنهجي للأرض الفلسطينية ومكوناتها الطبيعية، كشفت سلطة جودة البيئة عن ارتكاب قوات الاحتلال والمستوطنين 155 انتهاكًا بيئيًا خطيرًا، وذلك خلال الفترة الممتدة ما بين نيسان وحزيران من العام الجاري، في مختلف محافظات الضفة الغربية الشمالية، في تصعيد يُنذر بعواقب بيئية وإنسانية بالغة.
وقال مراد المدني – المستشار القانوني في سلطة جودة البيئة لإذاعتنا، إنّ الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين باتوا لا يكتفون بسرقة الأرض وهويتها، بل انتقلوا إلى تدمير منهجي لمقوماتها البيئية والزراعية، ضمن ما وصفه بـ”العدوان البيئي المتصاعد” على الشعب الفلسطيني.
وأشار المدني إلى أن هذه الاعتداءات المركّبة والممنهجة باتت تستهدف بشكل مباشر الأراضي الزراعية والغطاء النباتي والتنوع الحيوي، مؤكداً أن الهدف الأساس منها هو منع الفلسطينيين من الاستفادة من أرضهم، وشلّ قدرة المجتمعات الريفية على الصمود والعيش بكرامة.
وأوضح أن الاحتلال يعتمد على ثلاث أدوات رئيسية في حربه البيئية:
- التجريف العشوائي والممنهج: حيث يتم تدمير مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية، واقتلاع الأشجار المثمرة، وتجريف التربة، ما يؤدي إلى اختلال التوازن البيئي وفقدان خصوبتها.
- الرعي الاستيطاني القسري: والذي يفرض واقعًا جديدًا من السيطرة، عبر إطلاق قطعان المستوطنين لترعى في أراضٍ فلسطينية خاصة، مما يؤدي إلى تآكل التربة وتدمير المحاصيل الموسمية.
- مصادرة الأراضي وتوسيع المستوطنات: وهو شكل من أشكال الاحتلال البيئي المباشر، تُستخدم فيه حجة الأمن لبناء بؤر استيطانية على حساب المساحات الخضراء، ما يؤدي إلى تقطيع أوصال البيئة الطبيعية والأنظمة البيئية.
ولفت إلى أن الأثر البيئي لهذه الانتهاكات يمتد إلى مئات الدونمات من الأراضي الزراعية الخصبة، موضحًا أن التدمير لا يقتصر على البيئة فقط، بل يضرب الاقتصاد المحلي، ويعمّق من دائرة الفقر وانعدام الأمن الغذائي لدى الأسر الفلسطينية.
وأضاف أن ما يجري في الضفة الغربية لا ينفصل عمّا تتعرض له غزة من إبادة بيئية ممنهجة، نتيجة العدوان المستمر، والذي أدّى إلى تدمير شامل لشبكات المياه والصرف الصحي، وتلويث الهواء، وانهيار النظام البيئي الساحلي.
وأكد المدني أن سلطة جودة البيئة، رغم كل التحديات، مستمرة في دورها الرقابي والمهني والوطني، حيث تقوم بتوثيق الانتهاكات، وإعداد التقارير الفنية، ورفعها إلى الجهات الدولية ذات العلاقة، مشددًا على ضرورة التحرك العاجل من قبل المؤسسات الحقوقية والبيئية الدولية لوضع حد لهذه الجرائم، ومساءلة الاحتلال أمام المحاكم الدولية المختصة.
وختم حديثه بالقول: “إن ما تتعرض له البيئة الفلسطينية ليس مجرد أضرار جانبية، بل هو عدوان منظّم يُنفذ بسلاح التجريف والحرق والتجفيف، في محاولة لاقتلاع الإنسان الفلسطيني من جذوره، وسرقة ذاكرته المرتبطة بالأرض”