خاص| نتنياهو بين التصعيد والمناورة: ضغوط الداخل والخارج تحدد مسار الحرب على غزة
في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وتزايد الانتقادات الدولية والمحلية، خرج رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بسلسلة مؤتمرات صحفية نادرة، حملت رسائل متناقضة بين التصعيد العسكري ومحاولات المناورة السياسية.
في هذا السياق، تحدث الكاتب الصحفي والباحث السياسي د. أحمد فياض في حديث خاص لـ"رايــة" عن خلفيات هذه المؤتمرات، ودوافع نتنياهو، وما يمكن أن تحمله الأيام القادمة من تطورات على الأرض.
حول التصريحات التي أدلى بها رئيس حكومة الاحتلال بالأمس بشأن عملية سريعة يتوعد بها غزة، أوضح فياض أن الأمر لم يقتصر على مؤتمر صحفي واحد، بل كان هناك مؤتمران؛ الأول موجه للصحافة الأجنبية، والثاني لوسائل الإعلام الإسرائيلية. وبيّن أن هذه الخطوة تُعد نادرة، إذ لم يعقد نتنياهو منذ بداية الحرب مؤتمرات مماثلة للإعلام المحلي سوى مرة واحدة، ما يعكس حجم الضغوط التي يواجهها.
وأضاف فياض أن المؤتمر المخصص للإعلام الإسرائيلي شهد استفزازات من بعض الصحفيين، وجاء على خلفية خلافات داخل الائتلاف الحكومي وأزمات مع الجيش بشأن إعادة احتلال مدينة غزة، الأمر الذي سرّب الكثير من المعلومات ودفع نتنياهو للظهور الإعلامي. وأشار إلى أن هناك حالة تململ داخل أوساط اليمين الصهيوني المتطرف، إذ يرى بعض قادته أن نتنياهو لا يمضي قدماً نحو السيطرة الكاملة على القطاع.
وبيّن فياض أن المؤتمر الأول كان محاولة لتبرير الجرائم بحق المدنيين في غزة أمام الإعلام الأجنبي، بينما جاء الثاني لمعالجة الوضع الداخلي لحكومته. وأكد أن نتنياهو يحاول زيادة الضغط السياسي على شركائه في الائتلاف من جهة، وتهيئة الأجواء لمسار سياسي محتمل يتضمن صفقة مع حركة حماس، خصوصاً بعد اتصالاته بالرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ومسؤولين أمريكيين بارزين.
وتابع قائلاً إن نتنياهو يسعى لتهيئة الجيش والائتلاف الحكومي لسيناريو إعادة احتلال مدينة غزة وربما مناطق أخرى مثل دير البلح ومخيمات الوسطى، مع إعطاء فرصة للتفاوض بهدف الإفراج عن عدد من الأسرى الإسرائيليين، ما يمنحه وقتاً إضافياً لحشد قوات الاحتياط وحل العقبات التقنية التي تواجه الجيش.
وأكد فياض أن نتنياهو لم يستقر بعد على خطوته التالية، لكنه ماضٍ في "مسلسل الإبادة والتدمير" تحت شعار ما يسميه "النصر المطلق"، والذي يعني الدخول إلى جميع مناطق القطاع، وتفكيك سلاح المقاومة، وإفراغ غزة من قدراتها التسليحية، بل وتشتيت سكانها لخلق واقع أمني جديد يسهل على الاحتلال السيطرة مستقبلاً.
وأشار إلى أن هذا السيناريو يتضمن أيضاً إقامة مناطق عازلة و"كانتونات" تخضع لسيطرة الاحتلال، مع إدارة مدنية لا تتبع لا للسلطة الفلسطينية ولا لحماس، تقتصر مهمتها على إدارة الشؤون المعيشية بعد عمليات تهجير واسعة قد تطال أكثر من نصف مليون فلسطيني.
وأوضح فياض أن نتنياهو يريد إجماعاً داخل حكومته على هذه الخطوات، إلا أن الضغوط الدولية، بما فيها دعوات وقف الحرب ووقف تصدير السلاح للاحتلال، وموجة المقاطعات، تجعله يسعى لتسريع الخطوات العسكرية، وهو ما قد يبدأ في مناطق محددة ومكتظة من مدينة غزة، لكن هذه العملية قد تحتاج لأشهر وربما سنوات.