خاص| المجاعة تضرب غزة: 20 ألف طفل يتلقون العلاج وسوء التغذية يهدد نصف مليون مواطن
في مشهد إنساني مأساوي يتفاقم يومًا بعد يوم، يحذر أطباء في غزة من تفشي المجاعة في مختلف مناطق القطاع، شمالًا وجنوبًا، وسط نقص حاد في المواد الغذائية، وارتفاع أسعارها بشكل جنوني، وغياب التوزيع العادل للمساعدات القليلة التي تدخل عبر المعابر.
وفي حديث خاص لـ"رايــة"، كشف د. بشار مراد، المدير الطبي لبرامج الصحة في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني بقطاع غزة، عن أرقام صادمة لأعداد الأطفال المصابين بسوء التغذية، وعن أزمة نقص الأكفان وحتقود اللازم لتشغيل سيارات الإسعاف.
قال مراد إن الإحصائية الدقيقة لعدد الأطفال الراقدين في المستشفيات بسبب الجى الووع غير متوفرة حاليًا، لكن آخر تقرير أشار إلى دخول أكثر من 20 ألف طفل للعلاج من سوء التغذية، وهو رقم يتغير يوميًا مع استمرار زيادة الحالات، نتيجة النقص الحاد في الغذاء وعدم السماح بإدخال المواد الغذائية إلى غزة، إضافة إلى ضآلة الكميات التي تدخل، وعدم توزيعها بشكل عادل، حيث تُسيطر عليها جهات منفردة ولا تصل إلى مخازن وكالة الأونروا.
وحول ما يصل المستشفيات والنقاط الطبية حاليًا، أوضح أن جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني تتلقى مكملات غذائية من منظمة "الإفرت" لمعالجة الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، لكن المشكلة تطال المجتمع بأكمله، حيث يقدر عدد من يعانون من المجاعة في القطاع بنحو نصف مليون مواطن. وأشار إلى أن أسعار الغذاء في الأسواق مرتفعة جدًا، ومع عجز أرباب الأسر عن الشراء، تبقى النساء الحوامل والأطفال وكبار السن هم الفئات الأكثر تضررًا.
وأضاف أن المأساة لا تقتصر على نقص الغذاء والدواء، بل وصلت حتى إلى الأكفان التي باتت مفقودة، ما جعل عائلات عاجزة عن توفير كفن لوداع أحبائها. وبيّن أن الواقع الإنساني في غزة مرير بعد 22 شهرًا من الحرب، حيث دُمّر أكثر من 70% من مباني القطاع، وتلوثت معظم مصادر المياه، وانتشرت الأمراض، فيما أُعاق إدخال المواد الأساسية، بما فيها الأكفان.
ولفت إلى أن مجمع الشفاء الطبي أعلن نفاد الأكفان، في وقت تعاني فيه المستشفيات من تدمير ممنهج منذ بداية الحرب، ومنع الاحتلال إدخال الأجهزة الطبية وقطع غيارها، وحتى قطع غيار سيارات الإسعاف. وأوضح أن 66% من سيارات إسعاف الهلال الأحمر متوقفة لعدم توفر الوقود، إذ لم يتم إدخال كميات كافية منذ أكثر من ثلاثة إلى أربعة أشهر، مما أثر على عمليات نقل المصابين.
وأكد أن المستشفيات تعاني من نقص شديد في المستلزمات الطبية والأدوية، مع تكدس الحالات وارتفاع أعداد الإصابات بنسبة 250%، ما دفع بعضها لاستقبال المرضى على الأرض لعدم توفر أسرّة.
وفي رسالته العاجلة للمجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية، دعا د. مراد إلى الالتزام باتفاقية جنيف الرابعة وتحيد المدنيين وفتح ممرات إنسانية لإدخال المواد المنقذة للحياة، مشددًا على أن 70% من الضحايا هم أطفال ونساء، وأن المجاعة تضرب غزة في ظل استمرار إغلاق الممرات الإنسانية أمام الغذاء والدواء.