خاص| معابر قطاع غزة: أداة من أدوات الاحتلال لاستشراء شكل جديد من الفساد والابتزاز
أكد خبراء ومسؤولون أنّ الاحتلال حوّل المعابر إلى أداة ابتزاز ومعاناة، في حين تتحمل المؤسسات الدولية والجهات الفلسطينية الرسمية مسؤولية مضاعفة للضغط من أجل وقف الانتهاكات، وإعادة تنظيم إدارة المعابر بما يضمن الشفافية والفرص المتساوية للتجار.
في حديث خاص لـ"رايــة"، قال وائل بعلوشة مدير المكتب الإقليمي لائتلاف أمان في غزة إنّ المؤسسات الدولية العاملة في القطاع، سواء التقليدية منها مثل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين وبرنامج الغذاء العالمي ومنظمة الصحة العالمية، أو تلك التي انضمت حديثًا للاستجابة الإنسانية الطارئة، مطالبة اليوم بنشر كافة التقارير المتعلقة بالمساعدات المتدفقة إلى غزة.
وأوضح أنّ مقارنة هذه التقارير مع الواقع على الأرض يبيّن حجم الفجوة التي يتسبب بها الاحتلال من خلال المعيقات التي يفرضها على المعابر، ما يجعل الاحتلال مسؤولًا مباشرًا عن منع تدفق المساعدات. وشدّد على ضرورة أن تلعب المؤسسات الدولية والمجتمع الدولي دورًا في الضغط على الاحتلال لوقف حرب الإبادة وإعادة إدارة المعابر إلى الجهات الفلسطينية الرسمية، مثل معبر رفح وبقية المنافذ المشتركة.
وأضاف بعلوشة أن استمرار سيطرة الاحتلال على المعابر خلق حالة فوضى واسعة، تستدعي تدخل المؤسسات الدولية لرصد الانتهاكات وشبهات الفساد الناتجة عن هذه الإدارة. كما دعا الصحافة الاستقصائية، محلية ودولية، للعب دور فاعل في كشف هذه التجاوزات، إلى جانب الغرف التجارية الفلسطينية التي يُفترض أن تضبط عمل التجار وتنظم علاقتهم مع الاحتلال بما يضمن فرصًا متساوية للجميع.
وأكد أن دور الغرف التجارية أساسي في منع أي تجاوزات من بعض التجار، وتفويت الفرصة على الاحتلال الساعي لإحداث فوضى اقتصادية واجتماعية.
من جانبه، قال في حديث خاص لـ"رايــة" رياض السوافيري، عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة وزراعة غزة ونائب أمين السر ومنسق اللجنة الاقتصادية، إنّ القطاع الخاص ينظر إلى إدارة المعابر منذ اندلاع الحرب باعتبارها "أداة ابتزاز مالي منظم" أثقلت كاهل التجار والمستهلكين على حد سواء.
وأشار إلى أنّ ما جرى لم يكن مجرد فساد عابر، بل ممارسة ممنهجة أخرجت مئات الملايين من الدولارات من الدورة الاقتصادية، ورفعت الأسعار بشكل خانق، وحرمت المصانع من مدخلات الإنتاج، ما جعلها أشبه بـ "حرب اقتصادية تستهدف صمود القطاع الخاص".
وأوضح بالأرقام: أربع مراحل من الابتزاز عبر المعابر
- المرحلة الأولى (حتى 5 مايو 2024): دخول نحو 2400 شاحنة دفعت رسوم تنسيقات بلغت 28.5 مليون دولار، مقارنة بـ 4.8 مليون دولار قبل الحرب، بفارق 23 مليون دولار.
- المرحلة الثانية (10 مايو – 2 أكتوبر 2024): دخول 11,911 شاحنة برسوم 33 مليون دولار، مقابل 23 مليونًا قبل الحرب.
- المرحلة الثالثة (2 أكتوبر 2024 – 19 يناير 2025): إدخال 5100 شاحنة عبر مؤسسات إغاثية فقط، برسوم بلغت 433.5 مليون دولار، بفارق 423 مليون دولار عن الوضع الطبيعي.
- المرحلة الرابعة (من 19 يناير 2025 حتى مارس 2025): إدخال 14,500 شاحنة برسوم تنسيقات وصلت إلى 310 مليون دولار، مقارنة بـ 28 مليون دولار قبل الحرب.
وبحسب السوافيري، فإن إجمالي المبالغ التي دفعها القطاع الخاص خلال المراحل الأربع تجاوز 800 مليون دولار، واصفًا ذلك بأنه أحد أخطر أشكال "الفساد الممنهج"، مشيرًا إلى أن الجيش الإسرائيلي سمح بإدخال بضائع محظورة كالهواتف وأجهزة الطاقة وحتى المخدرات، في دلالة على حجم الفساد.
دور الغرف التجارية المطلوبة
ودعا السوافيري الغرف التجارية والاتحادات الاقتصادية إلى إنشاء آلية شفافة وموحدة للتنسيق، تضمن دخول البضائع دون المرور عبر وسطاء احتكاريين، إلى جانب توثيق مستمر لحجم الفساد والرسوم غير القانونية ورفعها في تقارير دورية للجهات المختصة محليًا ودوليًا.
كما طالب بعودة التنسيقات المباشرة عبر القطاع الخاص بعيدًا عن قنوات المساعدات الإنسانية، وإنشاء نظام شكاوى ومراقبة بين التجار أنفسهم لمنع حالات الاستغلال. وختم بالتشديد على ضرورة الضغط الدولي ومساءلة الأطراف التي سمحت باستغلال المساعدات كغطاء للفساد.