بمناسبة اليوم العالمي للديمقراطية
مركز "شمس": الانتخابات بعد العدوان ضرورة لاستعادة الوحدة الوطنية وبناء الدولة الفلسطينية

أكد إعلام مركز حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس" أن الاحتفال باليوم العالمي للديمقراطية، الذي يصادف 15 أيلول من كل عام، يشكل محطة أساسية للتذكير بالقيم والمبادئ التي تقوم عليها النظم الديمقراطية. وقال المركز إن هذه المناسبة الأممية تمثل فرصة لمراجعة المسار الديمقراطي في المجتمعات، وتقييم مدى التزام الدول والمؤسسات والأحزاب السياسية بمبادئ الحرية، العدالة، والمساواة، وهي القيم التي تشكل الركائز الأساسية لأي مجتمع حر ومتطور. جاء ذلك عبر بيان صحفي أصدره المركز بمناسبة اليوم العالمي للديمقراطية الذي تم إقراره من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب القرار رقم 62/7 الصادر بتاريخ 8 تشرين الثاني 2007.
وأوضح مركز "شمس" أن الديمقراطية ليست شعارات ترفع في المناسبات أو كلمات تُلقى في الخطابات، بل هي منظومة متكاملة من الحقوق والواجبات، تقوم على سيادة القانون، واستقلال القضاء، ووجود مؤسسات فاعلة تضمن مشاركة المواطنين في إدارة شؤونهم بحرية وكرامة، بما يعزز ثقتهم في الدولة ومؤسساتها. وأضاف أن الديمقراطية هي الطريق الأمثل لتحقيق التقدم والتنمية، فهي تعكس إرادة الشعب وتترجم طموحاته إلى سياسات وبرامج واقعية.
وشدد مركز "شمس" على أن الديمقراطية الحقيقية لا يمكن أن تتحقق دون تمكين المواطنين من التعبير عن آرائهم بحرية، وضمان حقهم في اختيار ممثليهم من خلال انتخابات حرة ونزيهة وشفافة، تحترم إرادة الناخبين وتضمن التداول السلمي للسلطة بعيداً عن الإقصاء أو التهميش. فالتداول السلمي للسلطة هو جوهر الديمقراطية، وهو الذي يحافظ على الاستقرار السياسي والاجتماعي، ويمنع الانزلاق إلى الفوضى أو العنف.
وبين مركز "شمس" أن اليوم العالمي للديمقراطية هو تذكير للمجتمع الدولي وللحكومات والشعوب بأن الديمقراطية ليست ترفاً سياسياً، بل هي حاجة ملحة لضمان الاستقرار والتنمية وحماية السلم الأهلي. وأشار إلى أن غياب الديمقراطية غالباً ما يؤدي إلى الفوضى، واحتكار السلطة، وانتهاك الحريات، وتراجع الحقوق الأساسية، الأمر الذي يهدد التماسك الاجتماعي ويؤسس لدورات متكررة من النزاعات والانقسامات التي يصعب معالجتها لاحقاً.
وأضاف مركز "شمس" أن هذه المناسبة الأممية يجب أن تُستغل لتعزيز الحوار الوطني الفلسطيني، وفتح مساحات للنقاش المجتمعي حول القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وبناء توافق وطني على أسس واضحة تحترم حقوق الجميع، وتضمن التمثيل العادل لكافة مكونات المجتمع، بما يعزز الوحدة الوطنية. قال المركز أن الانتخابات تمثل العمود الفقري لأي نظام ديمقراطي، وهي
الآلية الشرعية الوحيدة للتداول السلمي للسلطة، وتجديد الشرعيات، وتعزيز الثقة بين المواطنين ومؤسسات الحكم. وأوضح المركز أن غياب الانتخابات لفترات طويلة يؤدي إلى إضعاف مؤسسات الدولة، وتآكل الشرعية السياسية، وازدياد حالة الاحتقان الشعبي، الأمر الذي يهدد الاستقرار والسلم الأهلي.
وبين المركز أن الانتخابات ليست مجرد عملية إجرائية شكلية، بل هي تعبير عن إرادة الشعب في اختيار من يمثله ويعبّر عن مصالحه وتطلعاته. فهي تجسيد عملي لحق المواطنين في المشاركة السياسية، وممارسة الرقابة الشعبية على أداء المسؤولين، بما يعزز الشفافية والمساءلة، ويحد من مظاهر الفساد وسوء الإدارة.
كما شدد المركز على أن هذه المناسبة تأتي في ظل تحديات كبيرة يواجهها الشعب الفلسطيني ، الذي لا يزال يعاني من الاحتلال الإسرائيلي وانتهاكاته المستمرة، وفي مقدمتها حرب الإبادة التي ما زالت مستمرة منذ السابع من أكتوبر العام 2023 ،بالإضافة إلى الانقسام الداخلي، وغياب الانتخابات، مما يفاقم الأزمات ويفتح الباب أمام تراجع منظومة الحقوق والحريات، ويهدد مشروع التحرر الوطني وبناء الدولة الفلسطينية المستقلة. وأكد المركز أن وجود انتخابات حرة ونزيهة يساهم في حماية المجتمع من الانزلاق نحو الفوضى ، ويعزز مبدأ التداول السلمي للسلطة كركيزة أساسية للاستقرار السياسي، ويحافظ على مبدأ الفصل بين السلطات ويضمن استقلاليتها.
وشدد مركز "شمس" على أن التجارب العالمية والإقليمية أثبتت أن غياب الانتخابات الحرة والمنتظمة يفتح الباب أمام الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويؤدي إلى تفكك النسيج الاجتماعي، ويخلق بيئة خصبة للصراعات والانقسامات التي يصعب تجاوزها. فالمجتمعات التي تغيب عنها الانتخابات تعاني غالباً من احتكار القرار السياسي، وانتشار الفساد، وضعف المؤسسات، وانعدام الثقة بين المواطنين والسلطة.وأوضح المركز أن الانتخابات المنتظمة تضمن تجديد الدماء في المؤسسات السياسية، وتتيح المجال أمام الشباب والنساء والفئات المهمشة للمشاركة في صناعة القرار، مما يحقق شمولية النظام السياسي ويعزز العدالة الاجتماعية. كما أنها وسيلة فعالة لإيجاد قيادات جديدة تحمل أفكارًا ورؤى مبتكرة للتعامل مع التحديات المعاصرة.
وأكد مركز "شمس" أن الديمقراطية هي الحصن الحامي للحريات الفردية والجماعية، وهي الوسيلة التي تضمن كرامة الإنسان وتصون حقوقه الأساسية. وقال المركز إن وجود نظام ديمقراطي فاعل يعني وجود مؤسسات قادرة على حماية حقوق المواطنين، بما يشمل الحق في حرية الرأي والتعبير، وحرية التنظيم، وحرية الصحافة، وحرية المشاركة السياسية، باعتبار هذه الحريات جوهر أي مجتمع ديمقراطي.وشدد المركز على أن الديمقراطية تضع حداً للانتهاكات وتخلق آليات فاعلة للمساءلة والمحاسبة، بحيث لا يكون أحد فوق القانون، ولا تستباح حقوق الأفراد. وأوضح أن الديمقراطية لا يمكن أن تختزل في الانتخابات فقط، بل تشمل منظومة متكاملة من القيم التي تضمن العدالة
الاجتماعية، وتكافؤ الفرص، وحماية الأقليات، وتمكين الفئات المهمشة، بما فيها النساء والشباب والأشخاص ذوو الإعاقة، من المشاركة الفاعلة في الحياة العامة.
وبين المركز أن الحريات ليست منحة تُمنح من أحد، بل هي حقوق أصيلة لا يجوز المساس بها أو التراجع عنها، وأن صونها واجب على الدولة ومؤسساتها وأجهزتها كافة. وأكد أن أي تراجع في مستوى الحريات يعني تراجعًا في الديمقراطية ذاتها، وأن حماية هذه الحريات هي مسؤولية جماعية تتطلب وعياً شعبياً، ومؤسسات رقابية مستقلة، وقضاءً نزيهاً وعادلاً يحمي الحقوق ويفصل في النزاعات.كما أشار المركز إلى أن الديمقراطية تعزز الثقة بين المواطنين والدولة، وتمنح المجتمع أدوات سلمية للتعبير عن آرائه ومطالبه، ما يحد من العنف والتوترات. فحين تتوفر قنوات ديمقراطية للتعبير والمشاركة، تقل فرص لجوء الأفراد أو المجموعات إلى أساليب غير مشروعة لتحقيق مطالبهم.
وشدد المركز على أن العدالة الاجتماعية هي الوجه الآخر للديمقراطية، وأن غياب العدالة يخلق شعورًا بالإقصاء والظلم، ويؤدي إلى انقسامات داخل المجتمع، بينما يضمن تحقيق العدالة توزيعًا منصفًا للموارد والفرص، ويعزز الثقة بين المواطنين والدولة. وأوضح أن إرساء مبادئ الديمقراطية الحقيقية يعزز الوحدة الوطنية، ويحول دون تفكك المجتمع، ويحصّنه في مواجهة الأزمات الداخلية والخارجية.
كما دعا الدول المانحة والمؤسسات الدولية إلى تقديم الدعم الفني والمالي للمؤسسات الفلسطينية، بما يعزز قدرتها على إدارة الانتخابات، وبناء مؤسسات ديمقراطية قوية وفاعلة، قادرة على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
وطالب مركز "شمس" بضرورة التحضير والاستعداد لإجراء الانتخابات الفلسطينية العامة، بما يشمل الانتخابات التشريعية والرئاسية، باعتبارها حقاً دستورياً وواجباً وطنياً لا يمكن التنازل عنه. وذلك بعد وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ، وأغاثة المواطنين هناك وتوفير مراكز الإيواء ، وتقديم كل ما يلزم من أدوات ومساعدات غذائية وطبية، ودعا كافة الفصائل والقوى السياسية إلى تجاوز الخلافات الضيقة، وتغليب المصلحة الوطنية العليا، والالتزام بتوفير بيئة آمنة وشفافة تضمن نزاهة العملية الانتخابية، وتكفل حرية المشاركة للجميع دون تمييز أو إقصاء.كما وطالب المركز الحكومة بضرورة إجراء الانتخابات المحلية في موعدها دون تجزئة لها .
وأكد مركز "شمس" أن إجراء الانتخابات العامة في فلسطين بعد انتهاء العدوان يمثل خطوة محورية وأساسية لإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني، وتجديد الشرعيات، وترميم ما أفسده الاحتلال والانقسام الداخلي. وأوضح المركز أن المرحلة التي تلي العدوان تتطلب قرارات شجاعة وجريئة تعيد الثقة بين الشعب ومؤسساته، وتؤسس لمرحلة جديدة من الوحدة الوطنية والمساءلة والشفافية.
وأشار المركز إلى أن العدوان الإسرائيلي المستمر خلّف واقعاً سياسياً واجتماعياً واقتصادياً شديد التعقيد، بما يشمل الدمار الهائل في البنية التحتية، والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وفقدان عشرات آلاف من الأرواح وتشريد مئات آلاف من العائلات.
وشدد المركز على أن استمرار غياب الانتخابات، في ظل الظروف الراهنة، يعمّق الانقسام الداخلي ويضعف قدرة الشعب الفلسطيني على مواجهة الاحتلال، ويعطل المشاركة الشعبية في صناعة المستقبل. وأضاف أن إجراء الانتخابات هو الطريق الوحيد لتجديد الشرعيات السياسية، وتعزيز مبدأ التداول السلمي للسلطة، وحماية مؤسسات الدولة من التآكل والضعف.وأوضح مركز "شمس" أن الانتخابات تمثل رسالة قوية للمجتمع الدولي بأن الشعب الفلسطيني قادر على ممارسة حقه في تقرير مصيره، وأنه متمسك بخياراته الديمقراطية وبناء دولته المستقلة على أسس من الحرية والعدالة. كما أن الانتخابات تعزز موقف فلسطين في الساحة الدولية، وتمنح ممثليها الشرعية في المحافل الدبلوماسية، وتقطع الطريق على أي محاولات للتشكيك في تمثيلها السياسي.
واختتم مركز "شمس" بيانه بالتأكيد على أن الانتخابات بعد العدوان ليست خياراً ، بل هي ضرورة وطنية وإستراتيجية لإعادة بناء البيت الفلسطيني الداخلي، واستعادة الوحدة، ومواجهة التحديات الكبرى التي يفرضها الاحتلال. وأكد أن الشعب الفلسطيني، الذي دفع ثمناً باهظاً من دمائه وحقوقه، يستحق أن يقرر مستقبله عبر صناديق الاقتراع، وأن يكون شريكاً فاعلاً في رسم ملامح المرحلة المقبلة.