اعتراف للمرة الأولى
تقرير أميركي رسمي: إسرائيل ارتكب مئات الانتهاكات لحقوق الإنسان بغزة
 
 أكد تقرير سري صادر عن هيئة مراقبة حكومية أميركية، أن الجيش الإسرائيلي ارتكب مئات الانتهاكات لقانون حقوق الإنسان الأميركي في قطاع غزة، لكن اعتبر أن مراجعة وزارة الخارجية الأميركية لهذه الانتهاكات قد تستغرق عدة سنوات، حسبما نقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن مسؤولين أمريكيين اليوم، الجمعة.
وهذه النتائج، التي توصل إليها مكتب المفتش العام في وزارة الخارجية الأميركية، تمثل المرة الأولى التي يعترف فيها تقرير للحكومة الأميركية بحجم الجرائم الإسرائيلية في غزة، والتي تندرج ضمن نطاق قانون ليهي، وهو التشريع التاريخي الذي يحظر تقديم المساعدات الأمنية الأميركية للوحدات العسكرية الأجنبية المتهمة بشكل موثوق بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين قولهم، إن نتائج هيئة الرقابة أثارت الشكوك حول احتمالات المساءلة عن تصرفات إسرائيل نظرا للتراكم الكبير للحوادث وطبيعة عملية المراجعة التي تخضع لسيطرة الجيش الإسرائيلي.
وقال تشارلز بلاها، وهو مسؤول سابق في وزارة الخارجية الأميركية يتولى إدارة المكتب الذي ينفذ قوانين ليهي، والذي تم إبلاغه بالتقرير، إن "ما يقلقني هو أن المساءلة سوف تُنسى الآن بعد أن خفَت ضجيج الصراع".
رفض مكتب المفتش العام التعليق على هذا التقرير، لكنه أقرّ بوجود التقرير على موقعه الإلكتروني. وجاء في الموقع: "يحتوي هذا التقرير على معلومات سرية وغير متاحة للاطلاع العام".
تم الانتهاء من إعداد التقرير قبل أيام قليلة من التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس، والذي انتهكته إسرائيل، الثلاثاء، بمجزرة دامية أدت إلى مقتل 104 غزيين غالبيتهم العظمى من الأطفال والنساء.
وأشارت الصحيفة إلى أنه تتعدد الجرائم البارزة في غزة التي تنتظر البت فيها، وبينها مقتل سبعة عمال من مطعم "وورلد سنترال كيتشن" بهجوم إسرائيلي، في نيسان/أبريل 2024، ومقتل أكثر من 100 فلسطيني وإصابة 760 آخرين كانوا متجمعين حول شاحنات إغاثة قرب مدينة غزة في شباط/فبراير 2024.
وزعمت إدارة بايدن بخصوص هاتين الجريمتين الإسرائيليتين، في تقريرٍ قُدِّم إلى الكونغرس، العام الماضي، أن الولايات المتحدة لم تتوصل بعد إلى "استنتاجاتٍ قاطعة" بشأن استخدام أسلحة أميركية في عمليات القتل.
يشرح التقرير السري بروتوكول مراجعة انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها الجيوش الأجنبية التي تتلقى مساعدات أميركية، وفقًا للمسؤولين الأمريكيين. وفي حالة إسرائيل، يوضح التقرير كيف أن العملية البيروقراطية المصممة خصيصا، والتي وضعتها الإدارات الجمهورية والديمقراطية المتعاقبة، تُعطي إسرائيل أفضلية على دول أخرى تواجه اتهامات مماثلة بانتهاكات حقوق الإنسان.
ويشير التقرير إلى أن البروتوكول، المعروف باسم "منتدى ليهي لفحص إسرائيل"، يشمل مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى، وعملية أطول من المراجعات التي تُجرى بشأن دول أخرى.
في ظل إجراءات التدقيق الاعتيادية، يكفي اعتراض مسؤول واحد لحجب المساعدة عن وحدة عسكرية، وفقًا لجوش بول، المسؤول السابق في وزارة الخارجية والناقد للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط. وأضاف بول أنه بالنسبة لإسرائيل، يجب على مجموعة عمل أميركية "التوصل إلى إجماع حول ما إذا كان قد حدث انتهاك جسيم لحقوق الإنسان".
وتضم مجموعة العمل هذه ممثلين عن السفارة الأميركية في إسرائيل ومكتب شؤون الشرق الأدنى، وهما جهتان غالبًا ما تدافعان عن إسرائيل داخل النظام الأميركي. بعد ذلك، تُستشار الحكومة الإسرائيلية بشأن جريمتها وعما إذا اتخذت أي إجراءات لمعالجة الأمر. وإذا وجدت المجموعة أن وحدة عسكرية ما ارتكبت انتهاكًا جسيمًا لحقوق الإنسان، فيمكنها التوصية باعتبار تلك الوحدة "غير مؤهلة" للحصول على المساعدة الأميركية. بعد ذلك، يجب أن يُصادق وزير الخارجية على قرار عدم الأهلية.
وقال بول إن هذا النظام قد أسفر عن نتائج متوقعة، "وحتى الآن، لم تحجب الولايات المتحدة أي مساعدة عن أي وحدة إسرائيلية رغم وجود أدلة دامغة" على ارتكابها جرائم.
ووفقا للصحيفة، فإن إدارة ترامب اتبعت نهجًا مشابهًا لإدارة بايدن، بعدم التدخل في جرائم الجيش الإسرائيلي، ولكن دون تكرار تصريحات إدارة بايدن المبتذلة حول وضع "حقوق الإنسان في صميم السياسة الخارجية الأميركية". وقال بلاها إنه "لا أرى أي فرق بين إدارة بايدن وإدارة ترامب في هذه القضية".
منذ توليه منصبه، شنّ ترامب حربًا على هيئات الرقابة المستقلة في الحكومة الفيدرالية، وأقال 17 مفتشًا عامًا مُعيّنين رئاسيًا، في خرقٍ للأعراف التاريخية. ويُمثّل هؤلاء المفتشون هيئات رقابة على البيروقراطية الفيدرالية الواسعة في واشنطن، ومهمّتهم تحديد ووقف الهدر والاحتيال وسوء الاستخدام، وتوفير عشرات المليارات من الدولارات لدافعي الضرائب.
 
 
