خاص| ما مصير المرحلة الثانية من اتفاق غزة بعد زيارة كوشنير لإسرائيل؟
تأتي زيارة جاريد كوشنر وستيف ويتكوف مبعوثي الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب إلى دولة الاحتلال في وقت حساس، تتكثّف فيه المداولات حول الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
وفي حديث خاص لـ"رايــة"، قال الدكتور عبد الرحمن الفرا، المختص في الدراسات الاستخباراتية والأمنية من تركيا، إن الزيارة تحمل أبعادًا سياسية واستراتيجية تهدف إلى تعديل مخرجات الاتفاق بما يتناسب مع المصالح الإسرائيلية، أكثر من كونها خطوة لتنفيذ المرحلة الثانية فعليًا.
وقال الفرا إن زيارة كوشنر وويتكوف تأتي في إطار بحث آلية الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مشيرًا إلى أن خطة ترامب التي طُرحت سابقًا تضمنت واحدًا وعشرين بندًا عامًا دون آليات تنفيذية واضحة أو إطار زمني محدد.
وأضاف أن المفاوضات التي جرت في شرم الشيخ أفضت إلى بدء المرحلة الأولى من الاتفاق، والتي مثّلت عمليًا وقفًا لإطلاق النار وإنهاءً لحرب الإبادة على غزة، إلى جانب صفقة تبادل أسرى بين المقاومة والاحتلال.
وأوضح الفرا أن هناك نقاطًا خمسًا رئيسية لا تزال عالقة في مخرجات المرحلة الأولى، أبرزها قضية مقاتلي المقاومة الذين ما زالوا في الأنفاق والمناطق الشرقية من القطاع، حيث إن نحو 52% من غزة ما تزال تحت الاحتلال.
وبيّن أن المقاتلين المتواجدين في هذه المناطق اضطروا في عدة مرات لفتح النار بعد اقتراب القوات الإسرائيلية منهم، ما أدى إلى خسائر في صفوف جيش الاحتلال، لافتًا إلى أن هؤلاء المقاتلين دخلوا مرحلة وقف إطلاق النار دون اتصال مباشر مع قيادتهم نتيجة اعتماد المقاومة على أسلوب "الدفاع النقطي" واللامركزية الميدانية خلال المعركة.
وتابع أن ملف هؤلاء المقاتلين وعددهم يتجاوز 200 لا يزال من أبرز القضايا الساخنة التي يرفض نتنياهو التعامل معها بمرونة، مشيرًا إلى أن مكتب نتنياهو لا يزال متمسكًا بموقف متعنت رغم الضغوط.
وأضاف أن الخروقات الإسرائيلية المتكررة واستهداف الاحتلال لمناطق تسليم الجثامين تُعدّ مؤشرات واضحة على نية إسرائيل استغلال الاتفاق لتحقيق مكاسب ميدانية وسياسية.
كما تطرق الفره إلى ملف إدخال المساعدات الإنسانية وفتح معبر رفح، مبينًا أن الاتفاق نصّ على دخول 600 شاحنة يوميًا، في حين لم يتجاوز المعدل الفعلي 200 شاحنة، ومعظمها ذات طابع تجاري وليس إنسانيًا مباشراً.
وفيما يتعلق بملف جثث الأسرى الإسرائيليين، أوضح الفره أن المقاومة ما زالت تبذل جهودًا كبيرة لاستخراج أربع جثث — اثنتان لإسرائيليين واثنتان لعمال تايلانديين — من تحت الأنقاض، وهو ما يعكس حجم الدمار الذي خلفه العدوان الإسرائيلي.
وأشار إلى أن المرحلة الثانية من الاتفاق ما تزال تواجه العديد من التساؤلات، أهمها طبيعة القوات الدولية المزمع دخولها إلى القطاع، وتوقيت انتشارها، وتفاصيل مهامها، مبينًا أن الولايات المتحدة ذهبت منفردة إلى مجلس الأمن دون تنسيق كافٍ مع الوسطاء، ما أدى إلى اعتراضات وتأجيلات متكررة.
وأكد الفره أن ملف نزع سلاح المقاومة يظلّ من أكثر الملفات حساسية، موضحًا أن المقاومة تعتبر هذا السلاح مرتبطًا بقيام الدولة الفلسطينية، وأن تسليمه لن يتم إلا بعد قيامها بشكل فعلي باعتباره حقًا مشروعًا تكفله القوانين الدولية.
وفي سياق متصل، أشار إلى أن ملف إعادة الإعمار ومجلس السلام الذي يرأسه ترامب شخصيًا يحتاج إلى آليات واضحة واتفاق بين الوسطاء وخاصة الولايات المتحدة وإسرائيل لضمان التنفيذ الواقعي.
أما بشأن إدارة قطاع غزة بعد الحرب، فأكد الفره أن هناك اتفاقًا مبدئيًا بين الفصائل الثمانية وحركة حماس على تشكيل لجنة تكنوقراط برئاسة السيد الشوا، إلا أن خلافات ما تزال قائمة مع السلطة الفلسطينية بسبب الفيتو الأمريكي والإسرائيلي على ربط اللجنة بالسلطة في رام الله.
وشدّد في ختام حديثه على أن الفصائل الفلسطينية لن تنتظر طويلًا في ظل تدهور الأوضاع المعيشية في القطاع، داعيًا إلى تغليب مصلحة الشعب وتجاوز الضغوط الخارجية، والمضي نحو تسوية تضمن إدارة قطاع غزة بشكل منظم وانتقال سلس للخدمات العامة.

