"شؤون اللاجئين" تستعرض أمام الجامعة العربية حجم الإبادة التعليمية في فلسطين وتدعو إلى خطة إنقاذ عاجلة
عُقدت اليوم الدورة الـ110 للجنة البرامج التعليمية الموجّهة لطلاب العرب في فلسطين والأراضي المحتلة، وذلك في مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في القاهرة، بحضور الأمين العام المساعد لشؤون فلسطين والأراضي العربية المحتلة الدكتور فائد مصطفى. وشارك في الاجتماع وفد دولة فلسطين ممثلاً بالمستشار الأول د. رزق الزعانين، وممثّلين عن دائرة شؤون اللاجئين: الأستاذ محمد أبو معيلق، وهناء عاشور، ومنى الأعرج، إلى جانب وفود من الدول المضيفة (الأردن ومصر)، ووكالة الأونروا، والمنظمات المتخصصة مثل الأليكسو والإيسيسكو، وعدد من المؤسسات الإعلامية والتعليمية.
وقال السفير الدكتور فائد مصطفـى - خلال كلمته الافتتاحية - أن قطاع التعليم وكل مكوناته كان في مقدمة القطاعات التي تعرضت للاستهداف الإسرائيلي التدميري، ما أسفر عن كارثة كبيرة بحجم الخسائر البشرية والمادية التي طالت مكونات التعليم كافة، حيث يواجه قطاع التعليم في فلسطين تحديات جسيمة تضع جيلاً كاملاً أمام خطر فقدان حقه في التعليم، منوهًا بأن استهداف التعليم في الأراضي الفلسطينية المحتلة وبخاصة في غزة لا يمكن اعتباره مجرد انعكاس جانبي للحرب أو نتيجة عرضية للأزمات، بل هو جزء من مخططٍ ممنهج يهدف إلى طمس الهوية الوطنية الفلسطينية وتفريغ الأجيال من وعيها وثقافتها وانتمائها.
وأضاف "أن مسؤولية إنقاذ التعليم لا تقع على جهة بعينها بل هي واجب وطني وإنساني وأخلاقي مشترك يتطلب تضافر الجهود بين المؤسسات المحلية والدولية والمجتمع المدني والأسر لدعم الطلاب والمعلمين وإعادة إعمار المدارس وتوفير بيئة تعليمية آمنة ومستقرة.
وشدد على أن واقع حال التعليم في القدس المحتلة ما زال تحت وطأة سياسات الأسرلة والتهويد، في معركة مستمرة ومتجددة، وأوضح أن الأمانة العامة لجامعة الدول العربية تؤكد أهمية الاستمرار في توفير الدعم العربي والدولي للعملية التعليمية في فلسطين، بما يسهم في ضمان استمرار تقدم المسيرة التعليمية وتحسين جودة التعليم لأبناء فلسطين.
بدوره، حمل المستشار الأول د. رزق الزعانين رئيس الوفد الفلسطيني، دولة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن الدمار الشامل والإبادة التي لحقت بالمؤسسات التعليمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، خاصة في قطاع غزة، بما فيها المؤسسات التابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى "الأونروا" جراء حرب الإبادة والتدمير الشاملة للاحتلال الإسرائيلي التي مازالت مستمرة.
وطالب المجتمع الدولي والمنظمات الدولية ذات الصلة بتوفير الحماية الدولية لأهلنا وأبنائنا الطلبة العرب في الاراضي الفلسطينية المحتلة، بما يضمن انتظام العملية التعليمية بكل قطاعاتها
وقدّم ممثل دائرة شؤون اللاجئين، الأستاذ أبو معيلق، تقريراً مفصلاً حول الواقع التعليمي المأساوي في الأراضي الفلسطينية، مؤكداً أن الأوضاع في قطاع غزة تمثل كارثة إنسانية مركّبة تحولت إلى استهداف وجودي ممنهج للبنية التحتية ولرأس المال البشري التعليمي، وهو ما وصف بـ"الإبادة التعليمية". وكشف التقرير عن خسائر بشرية ومادية غير مسبوقة، حيث أدت الهجمات إلى استشهاد 17,237 طالباً و1,271 طالباً جامعياً، إضافة إلى فقدان ما بين 800 و967 من الكوادر التعليمية.
وعلى صعيد البنية التحتية، أشار التقرير إلى تضرّر 97% من المدارس بدرجات متفاوتة، وأن 518 مدرسة من أصل 564 بنسبة (91.8%) تحتاج إلى إعادة بناء كاملة أو تأهيل رئيسي يجعلها صالحة للاستخدام. كما تعرّضت جميع مؤسسات التعليم العالي للتدمير الشامل، ما يعني عدم بقاء أي جامعة قائمة. ونتيجة لذلك، يُحرَم نحو 658,000 طفل من التعليم النظامي للسنة الدراسية الثالثة على التوالي.
وتطرق التقرير إلى مجموعة من العوائق التي تعرقل العملية التعليمية، أبرزها الأزمة المالية الخانقة والسطو على أموال المقاصة وما له من تأثير مباشر على التعليم، إلى جانب الأزمة التي تواجهها الأونروا، ولا سيّما أزمة التمويل التي تهدد استمرارية برامجها التعليمية الأساسية، مع الإشارة إلى أن أكثر من 300,000 طالب من طلاب الأونروا ضمن المحرومين من التعليم. كما شدد التقرير على أن الأزمة التعليمية لا يمكن فصلها عن الانهيار الشامل في البيئة الحياتية، حيث يواجه ربع السكان حالياً المجاعة، وتعتمد معظم الأسر على المساعدات الإنسانية.
وفي ضوء هذه الكارثة، أوصى ممثل الدائرة بضرورة تبنّي استراتيجية دعم شاملة، داعياً جامعة الدول العربية إلى إنشاء وتفعيل صندوق عربي مخصص لتمويل خطة التعافي التربوي الشاملة لمدة ثلاث سنوات (2025-2028). وشدد على أن الأولوية القصوى يجب أن تكون لتمويل وتوفير الدعم النفسي الاجتماعي باعتباره شرطاً أساسياً لعودة التعلم، إضافة إلى أهمية دعم التعلم البديل النوعي وتوسيع وتجهيز مساحات التعلم المؤقتة. كما دعا إلى استدراك الفاقد التعليمي المنهجي، الذي يُقدَّر بـ (55%) في مهارات القراءة والكتابة و(60%) في الحساب لدى الأطفال المتضررين.
واختتمت دائرة شؤون اللاجئين تقريرها بالتأكيد على أن التعافي يتطلب تخطيطاً شاملاً يتجاوز حدود الإغاثة الإنسانية العاجلة، ليصل إلى إعادة بناء نظام تعليمي مرن ومستدام يضمن حق الأجيال الفلسطينية في مستقبل أكاديمي يحفظ هويتهم الوطنية.

