مهرجان غزة لسينما الطفل ينطلق وسط الركام برسالة أمل وإنقاذ نفسي
في محاولة لاستعادة جزء من طفولة أطفال غزة المنهكة بالحرب والدمار والجوع والنزوح، ينطلق مهرجان غزة لسينما الطفل غداً، في فعالية هي الأولى من نوعها منذ بدء الحرب، حاملة رسالة إنسانية تهدف إلى دعم الأطفال نفسياً وإعادتهم إلى مساحة من الفرح والخيال، رغم قسوة الواقع.
وقال مصطفى النبيه، مدير عام اللجنة الفنية للمهرجان، إن الفكرة جاءت انطلاقاً من إدراك حجم الصدمة التي عاشها أطفال غزة، مؤكداً أن "الطفل يمر اليوم بمرحلة ما بعد الصدمة، وهي أخطر من الصدمة نفسها، لأنه يشعر بالفراغ وفقدان الأحباب وتغيّر حياته بالكامل".
مهرجان وسط الأنقاض وتحديات الحياة
وأوضح النبيه في حديث لشبكة رايـــة الإعلامية أن تنظيم مهرجان كهذا في غزة اليوم ليس أمراً سهلاً، في ظل انعدام البنية التحتية، غياب المسارح، وانهيار المراكز الثقافية، قائلاً: "نحن نعمل وسط الأنقاض… لا كهرباء ولا مواصلات، وحتى أدوات بسيطة كالطبول أو معدات الكشافة لم نعثر عليها. اعتمدنا على التعاون والتطوع والحب والانتماء لأطفالنا".
وأشار إلى أن اختيار مركز رشاد الشوا الثقافي سابقاً ليكون مكان العرض جاء رغم تحوله إلى ركام، موضحاً أنهم حاولوا تهيئته بما توفر من إمكانات بسيطة.
كرنفال فني يجوب الشوارع
وقررت إدارة المهرجان إطلاق كرنفال فني متنقّل يضم فنانين وصحفيين وكتاباً وأكثر من 100 طفل، إضافة إلى فرق الدبكة الشعبية والمهرجين، بهدف الوصول إلى الأطفال في الشوارع والمخيمات بدلاً من انتظار حضورهم إلى موقع المهرجان.
وقال النبيه: "نريد أن نقول للطفل إنه ليس مجرد رقم… له حلم وحياة وحق بالفرح. سنذهب إليه أينما كان، على ما تبقى من مساحة غزة".
فيلم الافتتاح: "البالون الأحمر"
يفتتح المهرجان عرضه الأول بفيلم "البالون الأحمر"، وهو عمل عالمي كلاسيكي يدور حول طفل يرتبط ببالون أحمر يعامله كصديق، ويلاحقه أينما ذهب، رغم محاولات الآخرين التخلص من هذا البالون.
ويحمل الفيلم رمزية عميقة، بحسب النبيه: "البالون الأحمر رمز للحرية والتحليق… البلالين في الفيلم اتحدت لتحمل الطفل إلى السماء هرباً من واقعه المؤلم، بينما أطفال غزة لا أحد يحملهم. أردنا أن نعطيهم مساحة خيال تساعدهم على تجاوز ما يعيشونه".
أمل صغير في واقع معقد
وتحدث النبيه عن المشاهد اليومية المؤلمة التي يعيشها الأطفال، قائلاً: "قبل يومين فقط، خلال الأمطار الغزيرة، رأينا أطفال المهرجان الذين نعد لهم الاحتفال وهم يغرقون ويبكون… أحد الأطفال قال ’يا رب خذنا‘. تخيّل أن يصل طفل إلى هذا الحد من اليأس".
وأكد أن المهرجان يهدف بالدرجة الأولى إلى ترفيه الأطفال وإنقاذهم نفسياً عبر الفن والمسرح والسينما، آملاً أن ينجح القائمون عليه في منحهم "ساعتين من الهروب إلى عالم أجمل".

