تقرير: تصاعد إرهاب المستوطنين في الضفة وسط تواطؤ رسمي إسرائيلي واضح
قال المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، اليوم السبت، إن التطورات في الضفة الغربية المحتلة تتسارع، حيث تتدهور الأوضاع الأمنية وتتصاعد بشكل لافت الأعمال الإرهابية التي ينفذها المستوطنون ضد المواطنين الفلسطينيين.
وأضاف في تقريره الأسبوعي الذي يرصد الفترة من 14 تشرين الثاني/نوفمبر وحتى 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، أن موسم قطاف الزيتون هذا العام شهد أسوأ موجة إرهاب عرفتها الضفة الغربية منذ سنوات، فبيانات "المؤسسة الأمنية" الإسرائيلية حسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" قاطعة في هذا المجال، حيث سُجِّلت خلال عامي الحرب على غزة 1586 حادثة "جريمة قومية يهودية"، بمعدل حادثتين يوميا، و114 هجوما شنّه مستوطنون ضد الجيش الإسرائيلي وحرس الحدود والشرطة. ووفقا لبيانات "المؤسسة الأمنية" هناك تصعيد هذا العام: زيادة تتراوح بين 20% و25% في عدد الحوادث مقارنة بالعام الماضي.
وتابع التقرير: يشعر جيش الاحتلال، حسب الصحيفة، بالارتياح لأن جهاز الأمن العام (الشاباك) على الأقل لا يزال ملتزمًا بمكافحة ظاهرة "الإرهاب اليهودي"، وليس غسل يديه من هذه الأحداث بذريعة المخالفات الجنائية أو ظاهرة تربوية مرفوضة يجب معالجتها إعلاميًا وتثقيفيًا، كما هو مطلوب ومطبق في الحكومة الإسرائيلية، مع تعيين "مُدير مشروع" لـ"فتية التلال" كبديل لإلغاء أوامر الاعتقال الإدارية. كما تُظهر البيانات أيضًا أنه منذ بداية هذا العام أُصيب 174 فلسطينيًا في حوادث جرائم قومية، بزيادة قدرها 12% مقارنة بالعام الماضي، وفي المجمل أُصيب 376 فلسطينيًا في هذه الحوادث منذ بداية الحرب.
وأوضح، أن تقارير منظمات أهلية وحقوقية إسرائيلية مثل "منظمة "السلام الآن" ومركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان (بتسيلم) وغيرها وتقارير مماثلة لهيئات دولية، مثل مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، اخذت تسلط الضوء أكثر فأكثر على عنف المستوطنين، الذي تجاوز كل الحدود، ودفع حتى بوزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إلى التعبير عن قلقه من أن يمتد تأثير أحدث موجات العنف التي ينفذها مستوطنون إسرائيليون في الضفة الغربية ليقوّض جهود وقف إطلاق النار الذي تدعمه الولايات المتحدة في غزة، فضلا عن مواقف دول الاتحاد الأوروبي، التي أدانت هذا العنف وطالبت دولة الاحتلال بالتدخل لوقفه.
وأشار التقرير، إلى أن ذلك دفع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، يوم الاثنين الماضي، إلى الخروج عن صمته الطويل والإعلان بأنه سيعقد اجتماعا عاجلا للحكومة لضمان تقديم الإسرائيليين الذين يقفون وراء الهجمات ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة إلى العدالة، وليؤكد أنه يتابع بخطورة بالغة الاضطرابات العنيفة ومحاولة مجموعة صغيرة ومتطرفة (على حد تعبيره) تطبيق القانون بأيديهم (وفي تصريح سابق تطبيق العدالة بأيديهم) وأنه سوف يقدم الدعم للجيش وقوات الأمن التي ستواصل العمل بحزم ودون خوف من أجل الحفاظ على النظام بأقصى ما يسمح به القانون.
ولفت التقرير، إلى أن بنيامين نتنياهو خرج عن صمته ليس من أجل توفير الحماية للفلسطينيين، بل لأن "مجموعة صغيرة ومتطرفة " تصادمت مع جيش الاحتلال خلال الأحداث المروعة التي شهدتها مؤخرا قرية الجبعة في محافظة بيت لحم. يحاول نتنياهو بهذا الموقف أن يظهر بمظهر من يغسل يديه من جرائم المستوطنين، ولعله نسي أو تناسى موقفه الحقيقي من إرهاب المستوطنين، فقبل عام وتحديدا في 28 آب/أغسطس عام 2024، أعلن أنه ينظر "بخطورة بالغة" إلى العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة آنذاك على مستوطنين إسرائيليين لارتكابهم أعمال عنف بحق فلسطينيين في الضفة الغربية، وأن القضية موضع نقاش مع الولايات المتحدة الأميركية.
وأشار التقرير، إلى أن وزير جيش الاحتلال يسرائيل كاتس كان أوضح من رئيس حكومته، فقد حاول هو الآخر غسل يديه من عنف المستوطنين، حيث أكد بعد صدامهم مع الجيش، الذي تزامن مع الهجوم الإرهابي للمستوطنين على قرية الجبعة، أن الحكومة ستواصل تطوير وتنمية المستوطنات في جميع أنحاء الضفة الغربية المحتلة، بالتعاون مع قيادة المستوطنات، مع الحفاظ على القانون وأمن السكان واستقرار المنطقة، وأنه لن يقبل محاولات حفنة من الفوضويين العنيفين والمجرمين أخذ القانون بأيديهم، وتشويه سمعة المستوطنين، ولن يسمح لهم بإيذاء جنود الجيش أو تحويل القوات عن مهام حماية الإسرائيليين، وإحباط "الإرهاب" الفلسطيني، على حد تعبيره. ولكنه سريعا ما تدارك الموقف فأعلن "حكومتنا ستواصل تطوير وتنمية الاستيطان في الضفة بشكل منهجي، نرفض إعادة إصدار أوامر اعتقال إداري بحق مستوطنين من مجموعات (تدفيع الثمن) و(فتية التلال)".
وذكر التقرير، أن كاتس رفض اعتبار الهجمات التي نفذها مستوطنون على مدنيين فلسطينيين في قرية دوما بمحافظة نابلس، حيث أطلقوا النار على المواطنين وأضرموا النيران بممتلكات ومركبات، عملا إرهابيا، فردا على سؤال بشأن ذلك الهجوم قال كاتس في حديث مع إذاعة الجيش في الثالث من نيسان/أبريل الماضي "لا أعتبر هذا إرهابًا".
وتابع التقرير، أن "مسؤولين عسكريين إسرائيليين في قيادة المنطقة الوسطى يحاولون بدورهم غسل أيديهم أيضا من جرائم المستوطنين"، فحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت"، فإن موجة عنف المستوطنين الذي ينطلق من البؤر الاستيطانية والمزارع الرعوية، بلغت مستوى خطيرا دفع قادة الألوية إلى مطالبة رئيس الأركان، إيال زامير، بإعادة أوامر الاعتقال الإداري التي ألغاها وزير الجيش قبل بضعة أشهر. وحذّر ضباط الجيش من أن أعمال العنف التي تواجههم أحيانا ليست فقط من مستوطنين محليين، بل تشمل دعما أو توجيها من سياسيين ووزراء، ما يعيق تطبيق القانون ويضع الجنود في مواجهة مع مسؤولين حكوميين يدافعون عن المستوطنين. في هذا الصدد لفتت "يديعوت أحرونوت" كذلك إلى أن قائد القيادة الوسطى للجيش الإسرائيلي، أفي بلوت، يتباهى بأنه أقام حوالي 120 "مزرعة"، أي بؤرة استيطانية عشوائية التي تعتبر غير قانونية بحسب "القانون الإسرائيلي" لأن المستوطنين يقيمونها بدون قرار أو مصادقة رسمية. وقال ضابط للصحيفة إن "مئات المزارع تم ربطها ببنية تحتية بتكلفة مليارات الشواقل، وفي الجيش الإسرائيلي يصمتون ويرسلون جنودا من أجل المساعدة في إقامتها وحراستها، رغم أن هذه بؤر استيطانية غير قانونية".
وأردف التقرير، أن هؤلاء المستوطنين، الذين يصفهم البعض بـ"المشاغبين" يسمون أنفسهم حسب وسائل إعلام إسرائيلية "كتائب الملك داود" وهم ذاتهم "فتية التلال" ممن تركوا الأطر التعليمية، أو طُرِدوا منها، وهم معروفون لدى "المؤسسة الأمنية". وبالفعل فإن هؤلاء المستوطنين، الذين ينفذون اعتداءاتهم الوحشية ضد المواطنين الفلسطينيين، يعملون بشكل منظم، لهم قيادات ميدانية مثل نيريا بن بازي وغيره كثير ومرجعيات سياسية مثل بتسلئيل سموتريتس وإيتمار بن غفير ومرجعيات دينية مثل الحاخام يتسحاق جينزبيرغ وغيره من الخامات المتطرفين، الذين أوكل لهم وزير الجيش رعاية شؤونهم.
وأوضح التقرير، أن عنف المستوطنين يأتي في إطار خطة حكومية ممنهجة يقودها سموتريتش وأذرعه في "الإدارة المدنية" لمنع قيام دولة فلسطينية عبر خلق تواصل جغرافي بين المستوطنات ومحاصرة المدن الفلسطينية، من خلال نشر عشرات البؤر الاستيطانية وشق طرق استيطانية. وفي المقابل، تُستخدم المزارع الرعوية والبؤر الاستيطانية—التي بلغ عددها 214 نهاية 2024 وتسيطر على نحو 787 ألف دونم—كمنصات منظمة للعنف ضد الفلسطينيين.
على صعيد آخر، تعتزم سلطات الاحتلال الاستيلاء على نحو 1,800 دونم من أراضي بلدتي سبسطية وبرقة إلى الشمال من مدينة نابلس بزعم تطوير موقع سبسطية الأثري، في خطوة تشمل السطو على مساحات واسعة من بساتين الزيتون، ومنحت الأهالي 14 يومًا فقط لتقديم الاعتراضات، وفق ما ذكرت صحيفة "هآرتس " يوم الخميس الماضي، وهي ثاني أوسع عملية استيلاء على أراضي من هذا النوع تقوم بها سلطات الاحتلال بعد الاستيلاء على 286 دونمًا من أراضي سوسيا في محافظة الخليل لنفس الغرض في العام 1985.
وكانت حكومة الاحتلال قد رصدت في أيار/مايو 2023 مبلغ 30 مليون شيقل للحفريات والتطوير في سبسطية، وبدأت أعمال ترميم في محطة قطار قديمة مجاورة فضلا عن 40 مليون شيقل لتعزيز سيطرتها على المواقع الأثرية في الضفة الغربية. واعتبرت منظمة علماء الآثار "عومك شافيه" أنّ الحكومة "تحت ستار الاهتمام بالتراث، تستثمر عشرات ملايين الشواقل في تحويل مواقع أثرية إلى أداة للتهجير والضم"، مشيرة إلى أن "النية لمصادرة الأراضي الخاصة هي كل شيء ما عدا الحفاظ عليها، وهدفها إقامة مستوطنة سياحية تنتزع تراث سبسطية من بلدتها وتُهجّن المنطقة عبر السياح".
الانتهاكات الإسرائيلية خلال فترة إعداد التقرير:
القدس: هاجم مستوطنون تجمع "التبنة" البدوي قرب الخان الأحمر، ورشقوا منازل الأهالي وممتلكاتهم بالحجارة، وروعوا الأطفال والنساء. كما اعتدى آخرون على رعاة أغنام في التجمعين "أبو غالية" و"العراعرة". ووضع مستوطنون منازل متنقلة في أرض مساحتها 6 دونمات في صورباهر، فيما أخطرت سلطات الاحتلال 4 عائلات بهدم منازلها في البلدة القديمة. كما هدمت منزلا في بلدة عناتا للمواطن رائد فهيدات.
الخليل: أصيب عدد من المواطنين وأُحرق منزل ومركبتان في هجوم نفذه مستوطنون بحماية الاحتلال على بلدة سعير. كما هدمت قوات الاحتلال منازل وخيامًا في جنبا وخربة الحلاوة بمسافر يطا. وأصيب مواطن وزوجته ونجله باعتداء مستوطنين في منطقة "ظهر الهوية".
بيت لحم: هاجم مستوطنون قرية الجبعة وأحرقوا مركبات و"كرفانا" وألقوا زجاجات حارقة على منازل. كما نفذوا أعمال تخريب وحراثة أراضٍ في قرية المنيا، وأخطر الاحتلال بهدم منازل ومرافق في حوسان.
رام الله: هاجم مستوطنون مسلحون 4 مواطنين قرب بيتونيا، واقتحم عشرات مدخل سنجل وحطموا مركبات. وسرق مستوطنون معدات زراعية في المغير، وأغلقوا مدخل كفر نعمة بالسواتر الترابية.
نابلس: اعتدى مستوطنون على مزارع في بيت فوريك واحتجزوه وخربوا محصوله. كما هاجموا محلا تجاريا في دير شرف. وهدمت قوات الاحتلال منزلا في فروش بيت دجن. وأحرق مستوطنون 6 "فلل" سياحية قيد الإنشاء على جبل طاروجا.
أريحا والأغوار: اقتحم مستوطنون حمامات المالح واحتجزوا سكانها. وهدمت قوات الاحتلال منشآت في المنطقة. وشرع مستوطنون بتسييج أراض قرب حاجز تياسير، فيما واصل آخرون تجريف أراض في الحديدية.
سلفيت: اقتلعت قوات الاحتلال عشرات أشجار الزيتون في وادي قانا، ونصبت بوابات جديدة قرب دير بلوط. واعتدى مستوطنون على مزارعين في البلدة وحطموا أشجار زيتون وسرقوا معداتهم ومبالغ مالية.

