بين التفاهمات والوقائع الميدانية… هل يعيد الاحتلال هندسة شروط الانتقال للمرحلة الثانية؟
بينما تتسارع اللقاءات السياسية والاتصالات الدولية حول آليات تطبيق المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، تواصل إسرائيل —وفق محللين— فرض وقائع ميدانية وهندسة المشهد بما يخدم مصالحها الأمنية قبل أي انتقال فعلي في مسار التهدئة.
وقال الكاتب الصحفي والباحث السياسي د. أحمد فياض، في حديث خاص لـ"رايــة"، إن الحديث عن طاقم وزاري مصغّر لتطبيق المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار يعكس رغبة إسرائيل في رسم معالم المرحلة المقبلة وفق تصورها الخاص، وليس وفقًا لما نصت عليه التفاهمات.
وأوضح فياض أن إسرائيل تريد إيصال رسالة واضحة بأن الحرب "لم تنته بعد بالشكل الذي تريده"، الأمر الذي يبقي الولايات المتحدة والوسطاء وحماس تحت ضغط مستمر، إلى حين إقرار تل أبيب أهدافها الأمنية كاملة.
وأضاف أن إسرائيل تحاول أن تجعل المرحلة المقبلة من الاتفاق مشروطة بمصلحتها الأمنية، ولذلك —بحسب قوله— "تطلق النار تحت أي ذريعة" وتعيد إشعال التوتر، لتذكّر الجميع بأن لديها اليد الطولى في غزة، وبإمكانها خلط الأوراق لتحقيق اشتراطاتها المتعلقة بنزع سلاح حماس، وإبعاد قياداتها، وضبط ملامح أي مرحلة سياسية جديدة.
وأشار إلى أن إسرائيل تسعى لفرض هذه الاشتراطات رغم وجود قرارات أممية وتحركات دولية متصلة بغزة، معتبرًا أن حكومة الاحتلال ترى أن أي متغير دولي "يجب ألا يحرمها من تحقيق أهدافها".
وحول إصرار إسرائيل على أخذ الاستحقاقات "باليد"، قال فياض لـ"رايــة" إن الاحتلال يدرك أن السيطرة الأمنية على غزة يجب —في نظره— أن تبقى تحت صلاحياته، ويخشى من أن تؤدي المشاركة الدولية أو العربية في القوة الأمنية المقترحة إلى تآكل نفوذه.
وبيّن أن إسرائيل تخشى كذلك من عامل الوقت، إذ قد يساعد —وفق تقديرها— حماس على ترميم نفسها، ما يبدد المكاسب التي تدّعي تحقيقها بعد حرب استمرت أكثر من عامين.
وأكد أن إسرائيل ما تزال تمسك بكل أوراق القوة: المعابر، المساعدات، التحكم بالميدان، وحتى تشكيل اللجنة الوزارية المصغّرة.
وأضاف أن النظر إلى تركيبة هذه اللجنة —المكوّنة من وزير الأمن، وزير الخارجية، وزير العدل، وبن غفير وسموتريتش— يوضح أنها ليست لجنة ذات صلاحيات فعلية بقدر ما هي أداة لتعطيل أي مسار لا يخدم اشتراطات نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة.

