ترجيحات بإدخال 10 آلاف عامل فلسطيني من الخليل وبيت لحم للعمل في الداخل
خاص - راية
كشف المستشار القانوني لنقابة العمال العرب في الداخل الفلسطيني، وهبة بدارنه، عن وجود ترجيحات جدّية لإعادة إدخال نحو 10 آلاف عامل فلسطيني من محافظتي الخليل وبيت لحم للعمل في الداخل الفلسطيني، وذلك ضمن خطة تجريبية تخضع لإجراءات ومعايير أمنية مشددة.
وأوضح بدارنه، في حديث لإذاعة "راية" أن المعلومات المتداولة بهذا الشأن تستند إلى تقرير صادر عن معهد الأمن القومي الإسرائيلي، وهو مركز أبحاث يضم في عضويته عدداً كبيراً من الجنرالات والضباط السابقين في الجيش والشرطة وأجهزة المخابرات، وتُعد توصياته ذات ثقل في الأوساط الحكومية الإسرائيلية.
وبيّن أن التقرير تضمن دراسة موسعة حللت التداعيات الاقتصادية والأمنية والاجتماعية لغياب العمال الفلسطينيين عن سوق العمل في الداخل منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، إلى جانب تأثير ذلك على الأوضاع المعيشية في الضفة الغربية وارتفاع معدلات البطالة، وكذلك على المجتمع الإسرائيلي، لا سيما في قطاعات البناء والزراعة والترميمات.
وأشار بدارنه إلى أن التقرير خلص إلى نتيجة وصفها بـ«المهمة»، مفادها أن عودة العمال الفلسطينيين تشكّل «مصلحة استراتيجية لأمن إسرائيل»، مؤكداً أن إسرائيل، رغم محاولاتها خلال عامي الحرب، لم تنجح في إيجاد بديل حقيقي عن العمال الفلسطينيين، حيث أثبت العمال القادمون من دول مثل الهند وتايلاند ومولدوفا عدم قدرتهم على سد الفجوة، خاصة في قطاع البناء.
وأضاف أن التقرير أشار أيضاً إلى أن العمال الفلسطينيين كانوا يضخون سنوياً ما يقارب أربعة مليارات شيكل في أسواق الضفة الغربية، وأن غيابهم أدى إلى أزمة حادة داخل إسرائيل، انعكست في انهيار مشاريع بناء وتأخر تسليم آلاف الشقق السكنية، ما دفع مواطنين إسرائيليين إلى رفع دعاوى قضائية بملايين الشواكل ضد المقاولين والمشغلين.
وأوضح بدارنه أن هذه الضغوط دفعت اتحاد المقاولين والمشغلين الإسرائيليين إلى ممارسة ضغط متزايد على الحكومة من أجل إعادة العمال الفلسطينيين، مؤكداً أن العامل الفلسطيني يتمتع بميزات مهنية لا تتوفر في غيره، من حيث الخبرة، والجدارة، وإتقان اللغة العبرية.
ولفت إلى أن التوصيات وصلت إلى الحكومة الإسرائيلية والمجلس الوزاري المصغر، إلا أن قراراً رسمياً لم يُتخذ بعد، مشدداً على أن الملف لا يزال قيد البحث. لكنه أشار إلى أن هذه المرة تُناقش القضية «بجدية غير مسبوقة» منذ عامين، وأن هناك تحضيراً لخطة تجريبية (بايلوت) لإدخال نحو 10 آلاف عامل، مع إعطاء الأولوية لكبار السن، والمتزوجين، وحملة التصاريح طويلة الأمد.
وأكد بدارنه أن هذه التوصيات لا تنطلق من حرص على مصلحة العمال الفلسطينيين، بل من ضائقة اقتصادية واجتماعية تعيشها إسرائيل، نتيجة غيابهم، موضحاً أن الانهيار في قطاعي البناء والترميمات بات واضحاً، وأن الحكومة تسعى لمعالجة أزماتها الداخلية أولاً.
وفيما يتعلق بحقوق العمال، شدد بدارنه على أن العامل الفلسطيني في الداخل يتمتع، من الناحية القانونية، بذات الحقوق التي يتمتع بها أي عامل آخر، بما في ذلك الأجور، والإجازات، والتأمينات، والمخصصات التقاعدية، مشيراً إلى أن أجر العامل في الداخل يفوق بثلاثة أضعاف ما يتقاضاه في الضفة الغربية.
في المقابل، حذر من أن المقترحات الأمنية الواردة في التقرير تتضمن إجراءات «مذلّة»، من بينها تشديد الرقابة الأمنية، والتعاون الأمني، وربط دخول العمال بعدم وجود أقارب من الدرجة الأولى لهم مصنفين أمنياً، إضافة إلى استخدام وسائل مراقبة إلكترونية أثناء العمل والتنقل، واصفاً هذه الإجراءات بأنها تذكّر بنظام الفصل العنصري.
ورغم ذلك، عبّر بدارنه عن «تفاؤل حذر»، مشيراً إلى أن كثيراً من العمال الفلسطينيين، في ظل الفقر والحصار، قد يقبلون بهذه الشروط بحثاً عن لقمة العيش، مؤكداً أن عودة العمال – إن تمت – ستكون تدريجية ومعقدة، وتحتاج وقتاً وإجراءات بيروقراطية طويلة.
وختم بدارنه حديثه بالتأكيد على ضرورة التعامل بحذر مع المعلومات المتداولة، موضحاً أن هناك جهات حكومية إسرائيلية تدفع بهذا الاتجاه، وأن الطريق لا يزال مفتوحاً أمام تطورات محتملة، آملاً أن تفضي هذه النقاشات إلى تخفيف الحصار عن العمال الفلسطينيين وتمكينهم من العودة إلى أعمالهم بكرامة، ولو بشكل تدريجي.

