إتحاد الجمعيات الخيرية ينظم مؤتمراً لإعلان نتائج دراسة حول العنف القائم على النوع الإجتماعي في مدينة القدس
عقد، أمس، إتحاد الجمعيات الخيرية/القدس وعلى شرف الثامن من آذار مؤتمراً أعلن فيه عن نتائج دراسة استقصائية تعتبر الأولى من نوعها في مدينة القدس بعنوان "العنف القائم على النوع الإجتماعي واتجاهات الأفراد المتعلقة بالصحة الجنسية والإنجابية في القدس" أعدتها الباحثة الدكتورة سمية الصايج بتمويل من صندوق الخليج العربي للتنمية-أجفند ولجنة كويتيون لأجل القدس وسط حضور حاشد للممثلي الوزارات الفلسطينية وعلى رأسهم وزير شؤون المرأة، ربيحة دياب إضافة إلى عدد كبير من مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني والمنظمات الدولية وباحثين وأكاديميين من الجامعات الفلسطينية.
واستهل المؤتمر بالسلام الوطني الفلسطيني، ليتم بعدها إعلان افتتاح أولى جلسات المؤتمر من قبل الكاتب والناقد عزيز العصا الذي ادار عرافة المؤتمر، تلا ذلك كلمة للدكتور عبد الله صبري رئيس اتحاد الجمعيات الخيرية أشار فيها لأهمية دور الجمعيات والمؤسسات المقدسية في حماية المرأة الفلسطينية لا سيما في ظل الاحتلال الاسرائيلي ومنع مؤسسات السلطة من العمل في مدينة القدس، وحث صبري المؤسسات الإجنبية في القدس على مزيد من الحماية للنساء اللواتي يتعرضن للعنف في القدس من الإحتلال، كما أشاد صبري بدور المرأة الفلسطينية في النضال الوطني ووقوفها إلى جانب الرجل في معركة التحرير والاستقلال.
وفي كلمتها، ثمنت معالي وزيرة شؤون المرأة الفلسطينية، ربيحة دياب الجهد المبذول من قبل إتحاد الجميعات والباحثة في إعداد الدراسة وأهمية النتائج التي خلصت إليها مشددة على أهمية وقف كافة أنواع العنف الذي يمارس ضد المرأة الفلسطينية مهما كان نوعه، كما تحدثت الوزيرة دياب عن واقع المرأة الفلسطينية ودورها الريادي في المجتمع الفلسطيني لا سيما في مدينة القدس التي ترزح تحت الإحتلال الإسرائيلي.
وتضمن المؤتمر أيضا كلمة عن وزارة الصحة الفلسطينية ألقتها السيدة إلهام شماسنة، مدير عام دائرة التمريض للرعاية الصحية الأولية و الصحة العامة، والتي أشادت فيها بدور إتحاد الجمعيات الخيرية في خدمة المجتمع الفلسطيني والتشبيك الحقيقي بين المؤسسات الحكومية والأهلية والذي توج في إعداد هذه الدراسة التي تعتبر نتائجها هامة وتسوجب الوقوف عند تفاصيلها والأخذ بتوصياتها بشكل جاد وعاجل نظراً للظروف الصعبة التي تعيشها مدينة القدس وسكانها.
وخلال المؤتمر تم عرض فيلم وثائقي حول العنف القائم على النوع الإجتماعي في مدينة القدس والذي تضمن مقابلات مع نساء سردن قصص حقيقية عن العنف الذي تعرضن له من قبل أسرهن وأزاواجهن وتأثير ذلك على نفسيتهن ونقل العنف إلى أبناءهن.
وترأس الجلسة الثانية من المؤتمر، يوسف قري مدير عام الإتحاد الذي أكد بأن الدراسة تناولت ولأول مرة إشكاليات وظواهر اجتماعية خطيرة داخل مدينة القدس بشكل علمي ممنهج ُيمكن المؤسسات الحكومية والأهلية الفلسطينية والمنظمات الدولية من التخطيط بشكل منظم لمعالجة الكثير من الظواهر التي جاءت بها نتائج الدراسة. وأضاف قري أن الدراسة أخذت مستويات تحليل سياسية واجتماعية واقتصادية وديموغرافية بطريقة ساعدت على تفسير مسببات العنف القائم على النوع الإجتماعي. وأكد قري، أن لجنة توجيهية من تخصصات عدة اشرفت على الدراسة في علم الإجتماع وعلم النفس والصحة الجنسية والإنجابية والصحة العامة والقانون وحقوق الإنسان وبشراكة كاملة بين اتحاد الجمعيات ووزارة الصحة ووزارة شؤون المرأة ووزارة الشؤون الإجتماعية، ومؤسسات حقوقية ونسوية داخل مدينة القدس.
ومن أبرز ما جاءت بها الدراسة التي عرضت نتائجها الباحثة د. سمية الصايج، ؛ هو العنف في البيئة الاسرية؛ فتؤكد الدراسة ان العنف القائم على النوع الاجتماعي هو حقيقة واقعة حيث أن 24٪ من المبحوثات تعرضن للعنف في البيئة المنزلية. 68٪ من الذين تم تعنيفهن افادوا أن الذكور بالعائلة (الآباء والاخوة) هم المعتدين، و16.6٪ افادوا عن الفئة الأخرى (منهم الجد، العم، والحمى). أما نوع العنف الذي تعرضن له؛ 66٪ عنف الجسدي، 31٪ عنف لفظي/عاطفي مع العلم أن الإساءة اللفظية تسبق الجسدية مما يشير الى أن حدة العنف قاسية جدا، و3٪ تعرضوا للعنف الجنسي. كما أبرزت الدراسة ظواهر تستدعي القلق في مدينة القدس ومنها الزواج المبكر للفتيات زواج الأقارب وظاهرة التدخين وتعاطي الكحول والمخدرات والبطالة والإكتظاظ السكاني وكلها عوامل ذات علاقة في العنف الذي يمارس ضد النساء بالقدس.
وعلى مستوى آخر خطير أظهرته نتائج الدراسة هو العنف الناتج عن العوامل السياسية والانتهاكات الاسرائيلية؛ فقد أفاد 32٪ من المشاركين/ات على أن بيوتهم قد تعرضت للمداهمة من قبل القوات الإسرائيلية و/أو المستوطنين وخلال هذه المداهمات تم ايذاء وتعنيف 60٪ من المشاركين/ات في الدراسة و32٪ للذكور من أفراد أسرهم، وقد وافق 32٪ منهم على أن تعرض بيوتهم للعنف الإسرائيلي قد ساهم بالعنف الاسري. هناك 40٪ من المشاركين او من أفراد اسرهم من عملوا أو يعملوا باسرائيل بشكل دائم أو احيانا، 21٪ منهم وافق على تعرضه للعنف خلال ساعات العمل، من هؤلاء (78٪ تعرض للعنف النفسي و22.4٪ للعنف الجسدي (مما يدل على ان هناك المزيد من الإذلال وانتهاك لحقوق الإنسان الفلسطيني. فهذه الأرقام تؤكد على وجود الأشكال المختلفة للعنف القائم على النوع الاجتماعي الواقع على سكان القدس، وفي هذه الحالة، فالرجل هو الذي يتعرض للإيذاء أكثر من المرأة مما يشير إلى أن هذا النوع من العنف ليس فقط قضية ذكور وإناث وانما هو قضية لها علاقة بالقوة وبالسلطة.
وفي ختام المؤتمر تم فتح المجال للأسئلة والنقاش حول الدراسة والتي أكدت جميعها على أهمية الدراسة والنتائج القيمة التي جاءت بها، فيما أكد معظم الحضور بأن نتائج الدراسة وتوصياتها يجب تحظى باهتمامين بالغين ومن كافة الأطراف الحكومية والأهلية والدولية التي يجب أن يكون اتحاد الجمعيات رائداً في التنسيق لها بحكم موقعه كمظلة للجمعيات الأهلية الفلسطينية، كما جاءت دعوات الحضور بضرورة زيادة الدعم لمؤسسات القدس وسكانها من قبل السلطة الفلسطينية الفلسطينية والمؤسسات المانحة العربية والأجنبية من أجل تنفيذ برامج مستدامة لحماية النساء في مدينة القدس فيما طالب الحضور اتحاد الجمعيات بضرورة البدء بتحركات فورية لتنفيذ ورشات عمل مستفيضة في كل محور من محاور الدراسة لوضع استراتيجية واقعية قابلة للتنفيذ لحماية ودعم النساء في القدس.

