هيا نلعب بالجنة

الخليل- رايــة:
طه أبو حسين-
من الموت نصنع حياة، ومن الألم أمل، لسان حال الفنان الفلسطيني الذي يتابع العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة منذ شهر كامل، وبشرى شنان فنانة فلسطينية ومن خلال موهبتها جالت العالم برسوماتها التي حوّلت ألسنة الدخان والانفجارات للوحات فنية تحاكي الواقع الغزاوي بطريقة تعجز أمامها الحروف.
بينما كانت الطائرات الحربية الإسرائيلية تقصف بيوت الآمنين، والمدفعية تدك الأحياء السكنية، كانت الفنانة الفلسطينية بشرى راتب شنان (25 عاما)، من دورا جنوبي الخليل، تتابع كغيرها صورة الوضع المأساوي وحرب الإبادة التي تتعرض لها غزة، لتأخذ على عاتقها مقاومة المحتل بما تملك من أسلحة، وكان خير سلاح ولعله الوحيد بين يديها، الريشة وموهبتها في الرسم الالكتروني.
"أنا فلسطينية وعربية وإنسانة لي أحاسيسي، لا أستطيع أن أقف أمام هذه المشاهد من قتل ودمار وأبقى صامتة، خاصة أنها بلدي، أهلي، شعبي، أرضي، فهذا الشيء يحتم عليّ المقاومة، وأنا أحترم كل وسائل المقاومة، سواء بالسلاح أو الحجر أو القلم، وأيضا هناك مقاومة بالريشة والرسم، وهذا أقل ما يمكن أن نقدمه لغزة"، قالت بشرى شنان.
وعن ولادة الفكرة تتحدث شنان:" أنا رأيت هذا الفن وأعجبت به، فالفن معدي، فأول لوحة ليست من تنفيذي، لكن أنا طورت على ذلك، فأضفت شيئا من الواقع، حيث رسمت أشخاصا مستشهدين بالرسومات، وخلال متابعة الأخبار، أتأمل الصور، فأجد حكاية بها، فأجسدها بالرسم كما أراها".
(هيا نلعب بالجنة)؛ اسم اللوحة الأخيرة التي أعدتها بشرى خلال العدوان على غزة، حيث لقيت رواجا كبيرا في الصحافة العالمية، وفي تفاصيلها تقول شنان:" هي عبارة عن وجوه الأطفال الشهداء داخل دخان الانفجارات، فهؤلاء لم يستطيعوا اللعب على الأرض، بالتالي ذهبوا للعب بالجنة، فقد عبرت عنها بأن الانفجار هو السبب بمنعهم من اللعب على الأرض والذهاب للعب في الجنة".
وفي بداية العدوان وكما عبرت بشرى بدأت برسم الشهداء، وكيف ينحني الأحياء لهم، وكيف يستشهد الغزاويين وكيف تمسك الأم والأخت بهم حتى لا يذهبوا، والشهداء يقولون علينا الرحيل فنحن شهداء".
بشرى نشأت في بيئة فنية، تهتم بالرسم، إلا أنها وجدت روحها تتجه في الرسم السريالي الذي أثّر بها بشكل ملفت للنظر لأنه يخاطب العقل الباطني كما تقول:"أنت تضع رموز صعب جدا بالواقع أن تكون، فأنا أعبر عن مواضيع كثيرة مستحيلة أن تكون بالواقع، فالحديث عن أمور غير حقيقية، فالشخص إن رآها سيتولد لديه علامات استفهام كثيرة، كالرسم على الانفجار، فمستحيل أن يكون الانفجار عبارة عن رؤوس الأطفال، وهذا هو الفن الذي أحب أن أجسد من خلاله شيئا من العدم".
وعن رسالتها قالت لـ"رايــة": "غزة لا تريد مني رسالة، غزة توجه لجميع العالم رسالة واضحة بمضامين كثيرة".
يشار أن غزة منذ الثامن من شهر تموز للعام الحالي 2014 تتعرض للعدوان الإسرائيلي، الذي ارتقى خلاله حتى اليوم وحسب المصادر الطبية حوالي 1880 شهيدا، و 10000 مصاب على وجه التقريب، ناهيك عن تدمير قرابة 5000 منزل والمئات من المدارس والمساجد وغيرها من المؤسسات الخدماتية العاملة في القطاع.