العاهل الأردني: الطريق ما زال طويلاً أمام الملكية البرلمانية
رام الله - رايــة:
خلص ملك الأردن، عبد الله الثاني، إلى أن أمام بلاده الكثير من العمل لبناء ديمقراطية مكتملة العناصر، تحقّق الهدف النهائي المتمثل في الحكومات البرلمانية، التي يدعو منذ عامين في مختلف المناسبات إلى تهيئة الظروف الموضوعية لتحقيقها، حتى ظنت النُخَب السياسية أن قدومها بات مسألة وقت.
ورهن الملك، في ورقة نقاشية نشرها مساء السبت عارضاً فيها رؤيته لمسيرة الإصلاح الشامل، وهي الخامسة التي ينشرها خلال عامين، تحقُّق الحكومة البرلمانية بتطوير الأعراف السياسية التي تحكم عادات وممارسات أطراف العملية السياسية، محدّداً ثلاثة منها، هي تطوير الآلية التشاورية لتكليف رئيس الوزراء، وآلية إعداد رئيس الوزراء المكلّف والحكومة المكلفة لبرنامج عملها لمدة أربع سنوات.
إضافة الى تطوير تنظيم جلسات الأسئلة والاستجواب في ما بين مجلس الأمة والوزراء، بأسلوب يراعي مبادئ الشفافية والمساءلة، وأخيراً تحديد أدوار مجلس الوزراء ومجلس الأمة والجهاز الحكومي خلال مراحل التغيير الحكومي بما تشمله من فترة التشاور لتكليف رئيس وزراء جديد وفترة تسيير الأعمال، والفترة التي يحتاجها مجلس الأمة لمنح الثقة للحكومة." وبذلك تعود الحكومات البرلمانية إلى باطن المجهول، بعدما توقعت القوى والنخب السياسية أنها ستصبح أمراً واقعاً في العام 2017، موعد انتخاب برلمان جديد، بعد انقضاء المدة الدستورية للبرلمان الحالي الذي انتخب في 23 يناير/ كانون الثاني 2013، وهي التوقعات التي رفعت من وتيرتها التعديلات الدستورية التي أقرها مجلس الأمة مطلع الشهر الحالي، والتي توسّع صلاحيات الملك، وتمنحه حق تعيين قائد الجيش ومدير الاستخبارات، تحت مبرر النأي بالمؤسسة العسكرية عن التجاذبات السياسية عند قيام الحكومات البرلمانية.
ويضاف إلى الإشارة التي حملتها التعديلات الدستورية، مؤشر دفع الحكومة بقانون الأحزاب الجديد إلى مجلس الأمة بغية مناقشته وإقراره، وهو القانون الذي يشجع على تشكيل الأحزاب، وأخيراً تعهّد رئيس الوزراء بدفع قانون الانتخاب إلى مجلس الأمة مطلع العام الحالي، وسط تسريبات تؤكد أنه قانون يشجع على تشكيل أغلبية نيابية، انسجاماً مع التحول الديمقراطي المنشود.
غير أن الملك في دعوته إلى تطوير الأعراف السياسية، لمّح إلى صعوبة الارتكاز في التحوّل الديمقراطي على الدستور والتشريعات، التي قال باستحالة تنبؤها وتحوّطها لمختلف الظروف المستقبلية.
ورسم الملك، في الورقة النقاشية، خارطة عمل للمستقبل، يكون مطلوباً من البرلمان خلالها تطوير القوانين السياسية، ومن الحكومة تطوير أداء القطاع العام والجهاز الحكومي، ومن الأحزاب السياسية الاستمرار في تطوير نُظُمها الداخلية لتتطور إلى أحزاب سياسية برامجية ذات كفاءة وتأثير وحضور على مستوى الوطن، إضافة إلى الاستمرار في بناء قدرات السلطات القضائية.
الملك، وفي ورقته الخامسة، أسهب في الحديث عن الإنجازات الإصلاحية التي تحققت خلال العامين الماضيين، والتي تُشكل أساساً للتوجه الجديد الذي أطلقه، على طريق الحكومة البرلمانية التي تحتاج لأن يسبقها، كما حدد "تجذير قيم الاعتدال، والتسامح، والانفتاح، والتعددية، وإشراك جميع مكوّنات المجتمع، واحترام الآخرين والشعور بهم، واحترام سيادة القانون، وصون حقوق المواطن، وتأمين كل طيف يعبّر عن رأي سياسي بفرصة عادلة للتنافس عبر صناديق الاقتراع".
وشدد ملك الأردن على ضرورة مواصلة "الربيع الأردني"، كما يحب أن يطلق على حزمة الإصلاحات التي قدمها النظام، لمواجهة موجة الاحتجاجات المطالبة بالإصلاح التي شهدتها البلاد إبّان انطلاق الربيع العربي، والذي حدد لاستمراره تبني مبدأ احترام الحوار في سبيل تجاوز الاختلافات، والتلازم بين حقوق المواطنين وواجباتهم، والشراكة في بذل التضحيات ونيل المكاسب، وتحويل الاختلافات إلى حلول توافقية، والمشاركة الفاعلة من قبل جميع المواطنين والمواطنات.
يشار إلى أن الأوراق النقاشية للملك، أصبحت مرجعاً للسلطات الثلاث في الأردن، ودليلاً تسترشد فيه عند صياغة خططها وتوجهاتها.
المصدر: العربي الجديد

