غزة: الطفل الأسير "العزازي" يواجه ضرب دائم بلا سبب

غزة- رايــة:
سامح أبو دية-
لم يكن محمد العزازي (14 عاما) هو الطفل الوحيد الذى يتعرض للضرب المبرح والتقييد والاعتقال والتحقيق وتوجيه التهم من قبل الاحتلال، فهناك العشرات من الاطفال تم اعتقالهم خلال الاسابيع الماضية، في فلسطين، دون أي اعتبار لصغر سنهم.
قطاع غزة كان له نصيب من الاعتقالات بحق الفتية والاطفال، فخلال مواجهات اندلعت بشكل أسبوعي على طول الشريط الحدودي شرق القطاع، اعتقلت قوات الاحتلال عددا من الفتية والأطفال أثناء مشاركتهم في تظاهرات سلمية في عدة أماكن كان أبرزها شرق مخيم البريج وسط القطاع.
الطفل محمد محسن العزازي أٌعتقل برفقة 13 طفلاً خلال المواجهات التي اندلعت شرق مخيم البريج، حيث أفرجت قوات الاحتلال عن بعضهم في حين بقي 4 منهم قيد الاعتقال وتم تقديم لائحة اتهام بحقهم وقدموا أكثر من مرة للمحاكمة بتهم التسلل والاعتداء على الجنود الاسرائيليين.
حرمان من الملابس
محسن العزازي والد الطفل المعتقل يقول لـ"رايــة": "في العاشر من اكتوبر ألقت قوات الاحتلال القبض على 25 شخصا بعد أن اجتازوا السياج الفاصل قرب موقع المدرسة العسكري، وحاصرهم الجيش بالمكان ثم انهال الجنود بالضرب عليهم، افرجوا فورا عن معظمهم فيما بقي ابني محمد و4 فتية آخرين محتجزين وتم نقلهم الى سجون الاحتلال".
آخر اتصال هاتفي جرى بين الاسير الطفل محمد ووالده كان قبل أسبوع لمدة 5 دقائق فقط، من خلاله؛ لاحظ العزازي أن نجله يتعرض للضرب المبرح والمعاملة السيئة ويعاني من ضغط نفسي واضح نظرا لما يتعرض له من اساليب قاسية في التحقيق.
وتابع: "محمد ابني أبلغني بأنه فقد أحد أسنانه خلال ضربه، ومحروم من الملابس بشكل كامل خاصة مع انخفاض درجات الحرارة ويشعر بالبرد ويٌمارس بحقه الاهمال".
وذكر الوالد أن المحامي المكلف بالدفاع أخبره بأن نجله يتعرض للضرب الشديد بشكل مستمر أكثر من غيره دون إبداء أسباب ذلك، فيما تقدم القاضي الاسرائيلي بشكوى لمدير السجن لما تعرض له محمد العزازي من تعذيب وضرب.
وأعرب والد الأسير العزازي ( 40 عاما)، عن خشيته على المستقبل الدراسي لطفله الاسير، في ظل تغييبه في سجون الاحتلال منذ قرابة شهرين، متوقعا ضياع العام الدراسي الحالي عن محمد مع استمرار تأجيل محاكمته للمرة الرابعة منذ اعتقاله، وترجيحات المحامين بمحاكمته لمدة 6 أشهر على الأقل.
قلب الأم
أحلام العزازي والدة الطفل المعتقل تعرضت لحالة نفسية سيئة دخلت المستشفى على اثرها مرتين مع كل خبر يأتيها عن ابنها واستمرار اعتقاله كما أنها تعاني من نقص في الغذاء منذ أيام؛ في ظل الاوضاع الصعبة التي يعيشها طفلها داخل السجون الاسرائيلية وحالته الصحية السيئة و"تكسير أسنانه"، حسب وصف والدته.
وتضيف أحلام وهي تبكي: "قلبي يفتقد محمد كثيرا وكلما تذكرته لا تتوقف دموعي عن البكاء وتبدأ الحالة النفسية والصحية بالتراجع، لان ما يتعرض له الأسرى في سجون الاحتلال لا يحتمله الكبار فكيف هو الحال مع الأطفال؟".
وناشدت الأم، بضرورة توفير الحماية لطفلها والمحافظة على حياته وضمان حقه في الاتصال بالعالم الخارجي، والحق في معاملة إنسانية تحفظ كرامة الطفل المعتقل، مطالبة كافة المنظمات الحقوقية والدولية والانسانية بالتدخل العاجل للإفراج عن نجلها وكافة الأسرى القاصرين من المعتقلات الإسرائيلية.
استغلال وتجنيد
من جانبها، استنكرت المحامية ميرفت النحال مدير وحدة المساعدة القانونية بمركز الميزان لحقوق الانسان؛ عمليات الاعتقال ضد الاطفال في ظل المعاملة السيئة للأطفال وتعرضهم للتعذيب.
وأكدت أن محكمة الاحتلال وجهت تهمة للطفل محمد العزازي من قطاع غزة، وهي "التسلل" وكسر أقفال البوابة قرب الحدود، معتبرة أن جميع التهم التي تٌوجه للأطفال هي وهمية وغير قانونية.
وأوضحت النحال أن أي فلسطيني يتعرض للمحاكمة امام القضاء الاسرائيلي لا يتمتع بمعايير المحاكمة العادلة، مشيرة الى أنهم كمحامين اعتادوا من القضاء القيام بإيجاد غطاء قانوني وقضائي لتصرفات الجيش الاسرائيلي وادارة السجون.
وتابعت: "المشكلة لدى سلطات الاحتلال انها لا تقوم بمراعاة المعايير والقوانين الخاصة بحماية الاطفال وعمليات توقيفهم والتي تساوي بين القاصرين والبالغين، بل يجب أن يكون للأطفال اجراءات خاصة ومتابعة"، منوهة الى أن الاحتلال يقوم بعض الاحيان بتوقيف واحتجاز الأطفال مع البالغين الأكبر سنا منهم ولا يحترم معايير الفصل.
وأفادت المحامية النحال أن متابعة قضايا الأسرى الأطفال جاء بسبب ورود شكاوي متعددة تؤكد تعرضهم للتعذيب ووجود ظاهرة اطلاق الكلاب عليهم كأسلوب ترهيب وتخويف، منوهة الى أن الخطورة تكمن في العمل على إعداد الأطفال كمجرمين واستغلالهم وتجنيدهم لصالح الاحتلال ومن ثم ارسالهم الى غزة؛ وهذا يشكل خطر كبير يتطلب تكاثف الجهود للحد من تلك الظاهرة ومنعها.
جدير بالذكر أن هيئة شؤون الأسرى والمحررين قالت أن حملة اعتقال الاطفال هي الاوسع والاكبر منذ سنوات طويلة حيث وصل عدد القاصرين المعتقلين منذ بداية تشرين الاول الماضي الى 1200 لا يزال منهم 430 داخل السجون، وقد اصبح اعتقال الاطفال هدفا سياسيا للحكومة الاسرائيلية وتحت غطاء تشريعات تسمح بموجبها اعتقال اطفال في اعمار 12-14 سنة ومحاكمتهم في المحاكم العسكرية الاسرائيلية، مؤكدة ان 90% من الاطفال المعتقلين تعرضوا للتعذيب والتنكيل والضغوطات النفسية والجسدية خلال اعتقالهم واستجوابهم.