إسرائيل تخطط لسرقة تاريخ سبسطية الروماني والسامري والاسلامي
رام الله - رايــة:
كتب أحمد زكي العريدي
منذ أن وطأت الحركة الصهيونية أرض فلسطين، بدأت إدارتها الإستيطانية الإستعمارية في الإستيلاء على الأرض، وتزوير التاريخ لإيجاد قدم ليهود العالم على أرض فلسطين تحت ذريعة "الحق التاريجي" غير أن الحجة تحتاج الى رؤية لتغيير الأسماء والمصطلحات.
فأولى التزوير في مبادئ الحركة الصهيونية، تحويل اسم فلسطين الى اسرائيل، وحتى في وعد بلفور الذي ينص على إقامة وطن لليهود في ارضنا ذكر اسم فلسطين.
آخر وليس أخر الاجراءات في الأجندة الاسرائيلية الاحتلالية هي التخطيط لتحويل المواقع الأثرية في بلدة سبسطية الأثرية التاريخية، اي سلطة الحدائق والمتنزهات الاسرائيلية، في انكار واضح وصريح للوجود الفلسطيني في هذه البلدة الواقعة شمال مدينة نابلس، وتحتضن الآثار الرومانية والسامرية والإسلامية.
وقال اسحاق السامري سكرتير الطائفة السامرية في مدينة نابلس لـ"رايــة"، ان سبسطية شكلت عاصمة للسامريين في العصور السابقة عندما كان السامريون رقما ولهم دولة وجيش، وأضاف ان لدى الطائقة السامرية ارتباط روحاني مع هذه البلدة.
ويعتبر السامري تخطيط اسرائيل للاستيلاء على سبسطية بأنه عمل اجرامي وارهابي فهو مصادرة للتاريخ و حق الشعب الفلسطيني. وأضاف "أننا نستنكر مثل هذا الاعتداء الاسرائيلي".
ومن جانبه قال صالح طواقشة مدير عام دائرة السياحة والآثار، ل برنامج يوم جديديد الذي يقدمه خميس ماخو أن اسرائيل استباحت "7000" موقع اثري منذ احتلالها للضفة وقطاع غزة عام1967.
وأوضح أن الوزارة تعكف على توثيق كافة الاعتداءات الاسرائيلية على المواقع الأثرية، وارسالها الى اليونسكو للضغط على اسرائيل لوقف الاجراءات الخطيرة ضد المواقع التراثية الفلسطينية، اذ يعتبر موقع سبسطية من اهم المواقع .
واشار الى الإحتلال منع طواقم دائرة السياحة والآثار من الوصول الى المكان.
وحول تاريخ المدينة الاثرية سبسطية، ويؤكد عبد الرحيم عواد من دائرة التطوير في وزارة السياحة والآثار في الضفة الغربية وقطاع غزة، أن سبسطية بنيت قبل 875 سنة قبل الميلاد في العصر الحجري الثاني، و ساهم في بنائها شخص يدعى "عمري"، اما البناء على التلة فبنيت من "شامر الكنعاني".
ويوضح ان سبسطية اعيد تأسيسها مرة اخرى على النمط الروماني على يد هيرود في القرن الأول الميلادي، وأسسها كمدينة رومانية.
ويشير عبد الرحيم الى ان سبسطية كباقي المناطق الفلسطينية خضعت للدولة الإسلامية في الفتوحات وبنوا مكانها مسجدا.
ويتابع حمران ان البناء في سبسطية يحوي مقام " النبي يحيى" ويطلق المسيحيون علية " يوحنا المعمدان".
وبنيت اول كنيسة في سبسطية في القرن الرابع ميلادي وسميت بـ "يوحنا المعمدان" الذي روي انه قتل في اريحا على يد هيرود، وتوالت التغييرات الجيولوجية والأثرية والمعمارية بسبب ما تعرضت له سبسطية من زلازل خاصة في القرن السابع، وظلت الكنيسة متروكة حتى اقدم الصليبيون على بناء كثدرائية في المكان.
ويتابع مدير التطوير والسياحة والآثار، ان حريقا وزلزالا قد حل بالكثدرائية وتركت الى ان بني مسجد في الجزء الشرقي منها في عهد السلطان العثماني عبد الحميدوتطلق عليها وزارة السياحة هذة الايام " مسجد مقام وكثدرائية".
وأشار حمران إلى انه بني "كتاب للتعليم" مكان صحن الكنيسة المهدم.هذا و ستفتتح وزارة السياحة موقع سبسطية كمتحف في الأيام المقبلة.
وزارة السياحة و الاثار تدين ما تقوم به اسرائيل من اعتداءات على سبسطية
واستنكرت وزارة السياحة و الاثار في بيان صدر عنها ما تقوم به اسرائيل من انتهاكات في سبسطية حيث نشرت بعض المواقع الالكترونية أن سلطات الاحتلال ستقوم باجراء تنقيبات في داخل المدينة الاثرية في الوقت القريب و انها تستعد لتحويل الموقع الى حديقة أثرية تتبع ما يسمى سلطة الحدائق و المتنزهات الاسرائيلية.
و أكدت الوزارة أن الموقع الاثري في سبسطية يقع ضمن ما يسمى المنطقة "ج " و تمنع الطواقم الفلسطينية من العمل فيه بشكل كامل و في مناسبات عدة تعرضت طواقم وزارة السياحة و الاثار للتهديد من قبل قوات الاحتلال أثناء تواجدها في الموقع . كما أقدمت قوات الاحتلال على منع أي تدخل فلسطيني في هذا الموقع.
كما ذكر بيان الوزارة أن قوات الاحتلال أو ما يسمى سلطة الحدائق و المتنزهات الاسرائيلية قامت بأعمال تدمير وأعمال غير قانونية في سبسيطية منها ادخال الجرافات الى وسط الموقع و ازالة مجموعة من المعالم اضافة الى تجريف و تدمير قرب شارع الاعمدة الاثري اضافة الى القيام بنقل مجموعة من حجارة الموقع الاثرية و صادرتها الى جهات غير معروفة . كما أن سلطات الاحتلال اقدمت على القيام بتنقيبات
غير قانونية لمجموعة من المقابر الموجودة في محيط الموقع.
ان مثل هذه الاعمال تعتبر مخالفة للقانون و الاتفاقيات الدولية التي تحرم على سلطات الاحتلال العمل في المواقع الاثرية التي تحتلها و تلزمها بحمايتها و ليس كما تفعل سلطات الاحتلال و التي تقوم بنهب و تدمير هذه المواقع .
و بينت الوزارة ان سبسطية تكتسب اهمية كبيرة في التاريخ المحلي والانساني، وقد اظهرت التنقيبات الاثرية استمرار للحياة البشرية من الالف الثالث الميلادي حتى الوقت الحاضر، ويشهد موقع سبسطية الاثري على عمق هذا التاريخ، فقد ارتبطت هذه المدينة باحداث تاريخية هامة، كعاصمة اقليمية، الى ارتباطها بالاشوريين والاسكندر المقدوني والامبراطور اغسطوس ويوحنا المعمدان.
وقد عملت وزارة السياحة والاثار من خلال دوائرها المختصة على تطوير المقومات الاثرية والتاريخية في سبسطية، من خلال أعمال ترميم وتدعيم لمبنى كاتدرائية النبي يوحنا المعمدان ومسجد النبي يحيى ثم اعمال ترميم في المقبرة الرومانية، هذا الى جانب مواجهة افة التنيقب والاجار غير المشروع والاتجار بالتراث الثقافي، الذي تعاني منه سبسطية، وذلك بالتعاون مع شرطة السياحة والاثار والمواطنين.
كما اجرت وزارة السياحه والاثار عددا من أعمال التنقيب الانقاذي والفحص الاثري لضمان الحفاظ على الثروات الاثرية وتطوير النظرة الايجابية نحو الاثار بالتعاون مع المجلس البلدي والمواطنين.
ووضعت سبسطية على اللائحة التمهيدية لقائمة مواقع التراث العالمي الفلسطينية ذات القيمة العالمية الاستثنائية، ونحن على ثقة بأن هذه المدينة التاريخية ستتبوأ المكانة التي تليق بها عند تسجيلها رسميا على هذه اللائحة.
ورغم تقسيم أراضي القرية الى مناطق ب و ج والحصار الذي تعرضت له المدينة، وقطع الطرق، والذي ادى الى خفض معدلات السياحة فيها، الا ان هذه المدينة صمدت وحافظت على هويتها الثقافية، من خلال تعزيز برامج الحفاظ على البلدة التاريخية، وهي مبادرات قامت بها بلدية سبسطية ومركز رواق وجامعة القدس وبتمويل دولي مشكور من الحكومات السويدية والايطالية والهولندية والاسبانيه ودول اخرى.
وتعمل الوزارة على تطوير البنية التحتية السياحية لسبسطية، فقد أولت اهتماما في السنوات الماضية بتأهيل المسار السياحي في البلدة القديمة وذلك في اطار التعاون مع CHF والبلدية، و استكمل المشروع بالتعاون مع برنامج الامم المتحدة الانمائي وبلدية سبسطية. وهدف المشروع الى ربط البلدة القديمة بالموقع الاثري،
كما يجرى احياء مهرجان سبسطية السنوي بالتعاون مع البلدية ومحافظة نابلس وشركاء اخرين. وتحفيز القطاع السياحي الخاص على احياء دور سبسطية كمقصد سياحي.
وقد تحولت سبسطية في الاونة الاخيرة الى مركز استقطاب للمؤسسات العاملة في حقل التراث الثقافي، بما استدعى وضع الخطط الشاملة لتنظيم هذه التدخلات بما يضمن تكامليتها واستدامتها، ولهذا شرعت الوزارة بالتعاون مع البلدية واربعة وزارات الى جانب اربع مؤسسات دولية على تطوير الخطة المتكاملة للحفاظ على التراث الثقافي في سبسطية.
وفي اطار مشروع الثقافة والتنمية(MDG-F) الذي قامت علية مؤسسات الامم المتحدة وبتمويل من الحكومة الاسبانية في فلسطين، قامت اليونسكو وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وصندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة بالتعاون مع وزارات السياحة والآثار، الثقافة، الزراعة وشؤون المرأة بتنفيذ برنامج مشترك للثقافة والتنمية، يتضمن اعداد خطة حماية متكاملة في سبسطية وتطوير البنية السياحية فيها. ويهدف البرنامج إلى وضع سياسات وأنشطة لحماية التراث الثقافي الفلسطيني المادي وغير المادي، عن طريق تطوير أفضل الممارسات لتعزيز التماسك الاجتماعي والاستفادة من إمكانات التراث الثقافي والصناعات الإبداعية للنمو الاقتصادي الشامل في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما يساهم في وضع خطة حفظ وحماية صالحة للتطبيق تراعي في تحليلها للواقع جميع النواحي الاقتصادية والاجتماعية والسياحية وبالحفاظ على المكون التراثي والمشهد الثقافي في سبسطية.
وكذلك فقد تم العمل ايضاً على مشروع ترميم قصر الكايد . كما عملت الوزارة على تقوية البنية التحتية في البلدة القديمة و تأهيل بعض المسارات وترميم بعض المباني التي استخدمت نزل سياحية .
ويجري العمل لافتتاح متحف موقع يحوي الاثار التي تم استخراجها من الحفريات الاثرية في البلدة . كما عملت الوزارة بالشراكة مع الجامعات الفلسطينية على القيام بعدة حفريات في سبسطية لاغناء المادة العلمية حول البلدة. كما قامت الوزارة بعمل مركز استعلامات سياحي و تجهيزة بالكامل ليخدم كل الزوار و أصدرت مجموعة من المواد الاعلامية الخاصة بالبلدة .
كما تعكف الوزارة على تنفيذ مجموعة من المشاريع الخاصة بهذه المنطقة في المرحلة القادمة حيث أدرجت سبسطية ضمن الخطة التطويرية الشاملة التي اعدتها وزارة السياحة و الاثار .
واكدت الوزارة انها تتابع ما تقوم به قوات الاحتلال من خروقات في سبسطية و تقوم بتوثيقها و انها بعثت برسالة في السابق الى اليونسكو لفضح ممارسات الاحتلال بحق التراث الثقافي الفلسطيني. و ستعمل على مخاطبة اليونسكو مجدداً و المؤسسات الدولية الاخرى العاملة في حقل التراث الثقافي في محاولة لالزام اسرائيل بوقف الاعتداءات على هذا الموقع و غيره من المواقع الاثرية الفلسطينية .



