الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:09 AM
الظهر 11:39 AM
العصر 2:23 PM
المغرب 4:47 PM
العشاء 6:08 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

طالبات الخوارزمي ضحايا المعادلة الاحتلالية

الخليل- رايــة:

طه أبو حسين- في هذا التقرير، سنتطرق لقضية بعيدة عن الأصوات السياسية والمسؤولة، وسنقترب من صاحب الشأن، وسنبتعد عن الأمور الكبيرة الظاهرة، لنخوض بغمار تلك الجزئيات البسيطة التي نسميها طبيعية وهي أبعد البعد من أن تكون كذلك، فهناك في المنطقة الصناعية بالخليل ما تسمى سدة الفحص وعلى الجانب الآخر في منطقة خلة الدار مدرسة الخوارزمي للبنات، فتضطر الطالبات ومعلماتهن اجتياز تلك السدة من بين الجنود المدججين بالسلاح وعبر الشارع الالتفافي الذي قد يصادفك فيه جنون مستوطن يهوى دهسك.

الطالبة هالة بلال أبو سنينه من خربة قلقس، تضطر يومياً عبور حاجزين عسكريين، الأول قريب من بيتها، والثاني من مدرستها، تقول :"عندما أجتاز السدة يصيبني خوف ورعب وقلق، وجيش الاحتلال يستفزنا ويرفع السلاح نحونا، فلا أستطيع الدراسة لأنني أبقى خائفة وقلقة بسبب تذكر انتهاكات الاحتلال وقتله لشعبنا".

الخوف والرعبُ الذي لا تنعكس مظاهره، هو ما يلازم الطلبة عند اجتيازهم تلك الحواجز، فينمو الخوف معهم بنمو أجسادهم، والطالبة هالة لا تنكر على نفسها ما تعانيه من تلك الحياة التي تخلو من حقوق الطفل، ولما سألتها افتراضا: لو قدمت لك ورقة وقلماً، ماذا ترسمي؟ أجابت: "أرسم طفل يرفع يديه وواقف أمام جيش الاحتلال، لأنني أرى كثيراً جيش الاحتلال يوقف الأطفال على السدة ويكون الأطفال خائفين ويبكون".

أما الطالبة آيات الجمل صاحبة الابتسامة الخائفة، تقول أن وجود السدة والحاجز العسكري يتسبب بتأخرها عن دوامها المدرسي مضيفة:" أرتعب خلال اجتياز الحاجز خاصة لما أكون وحدي، فممكن أن يقتلوني، فأنا أخاف لأنني إنسانة".

في حين ذكرت الطالبة رزان أبو مياله: "أحيانا يجعلونا نمشي من الأراضي الزراعية، فنتعب وتتسخ ملابسنا بالطين، ونبقى خائفين".

الخطر الذي يحدق بالطلبة كبير، وجيهان الأطرش تسرد بعض ما واجهها خلال مغادرتها المدرسة للمنزل :"قبل فترة صوب الجندي سلاحه عليّ، فخفت وركضت هاربة، وكان يريد إطلاق النار وهو يصرخ عليّ، لكنني هربت مسرعة من شدة الخوف".

اللوحة مجزأة، وفي جمعها مشقة ثم راحة، فالدواء لا يكون إلا بمعرفة الداء، والطالبات وبسبب الأجواء العامة نمت عندهم العدوانية والعنف والاضطرابات النفسية وغيرها كما بينت مرشدة مدرسة الخوارزمي للبنات نسرين جبور، وقالت :"المخاوف كثيرة لما يعترض الطلبة، ومما يشاهدوه عبر التلفاز والانترنت، خاصة مشاهدتهم قتل الطالبات كهديل الهشلمون وبيان ارشيد، وهذا أثر على تحصيلهم الدراسي، وعلى تعاملهم مع الآخرين، ونتج عنه انطواء وعدوانية وغيرها من التأثيرات السلبية".

المرشدة جبور وبالتعاون مع ادارة الخوارزمي شكلن معرضاً للرسومات حتى تفرغ الطالبات ما يجول في خاطرهن، كما بينت: "الرسومات تظهر عمق المعاناة التي يعيشها الطالب الفلسطيني، فكثير من الطالبات تأتي ترتجف خوفا لأن الجندي صرخ بوجهها، أو سدد سلاحه صوبها، وهذه الضغوطات من خلال الرسومات اكتشفناها فنجد الطالبات، يرسمن الجنود يوقفون الأطفال رافعين أيديهم، الشهداء، الدماء، الاعتقال، وغيرها".

الرسمُ لم يكن الوسيلة الوحيدة التي استخدمت للتفريغ عن بعض ما يجول في عمق الطالبات، فمعلمة اللغة العربية وجيهة أبو حديد انتهجت أسلوب التعبير الإنشائي وسيلة لذلك، والحقيقة أبكتها. قالت: "معظم المواضيع التي يكتبونها تتحدث عن الانتفاضة والشهيد، وعندما يكتبون يصفون الواقع بحرفهم وكأنه مشهد حي أمامي، وهم يقرئون التعبير أتأثر وأبكي لحرفهم الذي يصف ويجسد الواقع بشكل دقيق".

بينت مديرة مدرسة الخوارزمي رائدة حريبات أن المعلمات لسن بمعزل عن الخوف الذي تعيشه الطالبات، موضحة: "اتفقنا منذ بداية الأحداث أن يكون اجتياز الحاجز على شكل مجموعات، لكن السدة أثرت على عامل الوقت، فأصبحت الطريق تستغرق ثلث الساعة زيادة على ذلك، ناهيك عن تبللنا من الأمطار خلال قطع السدة، والتكلفة المالية ارتفعت كمواصلات بالإضافة الى الخوف والقلق الذي نعيشه".

وعتبت حريبات على وزارة التربية والتعليم التي لم تلتفت ولو بشكل معنوي لمعلماتها ومدرستها في يوم المعلم الفلسطيني، مثنية على صمود وجهود معلمات المدرسة في تقديم رسالتهن السامية رغم كل العوائق.

طالبات ومعلمات مدرسة الخوارزمي لسن وحدهن من يعانين من تلك الحواجز، وهاجس الخوف الذي يملئ قلوبهن، فهنّ نموذج يعكس الواقع العام للجميع دون استثناء، لكن الخطير بالموضوع أن الموت يطرق كل تفاصيلنا ثم نحسم أمرنا بأنفسنا أن ذلك بات طبيعياً وكأن الحياة علينا حراماً، فهل نحيا الحياة أم نبقى في الموت أحياء.

Loading...