كرّم الشهداء وقرّت أعين أمهاتهم
الخليل- رايــة:
طه أبو حسين-
على الأكتاف حمل 17 شهيداً من محافظة الخليل في موكب جنائزي ضم عشرات الآلاف، مرتدين العلم الفلسطيني، ومزينين بإكليل الورد، وفي التشييع تعالت التكبيرات والصيحات أكثر كلما امطرت السماء أكثر، وكأن لغة مشتركة جمعتهما في حضرة الشهداء.
منذ بداية الأحداث مطلع شهر تشرين أول من العام الماضي 2015، يمارس الاحتلال عقاباً بحق أهالي الشهداء، ففرض شروطا عدة للإفراج عنهم على رأسها دفنهم ليلاً، إلا أن عوائلهم رفضوا ذلك جملة وتفصيلاً، لتبدأ معركة الارادة حتى انتهت بانتصارهم بإفراج الاحتلال عن 17 جثماناً محتجزين دون أي شرط أو قيد، ثم تشييعهم في وضح النهار بمراسم جماهيرية.
التشييع في محافظة الخليل انقسم لأربع أقسام، الأول في بلدة بيت أمر بتشييع الشهيد عمر الزعاقيق بمشاركة واسعة من أهالي البلدة، والثاني الشهيد حمزة العملة في بلدة بيت آولا، والثالث في بلدة سعير الشهيد فادي الفروخ، حيث ووريت جثامينهم في مسقط رأسهم.
أما القسم الرابع وهو الأكبر الذي ضم 14 شهيداً من مدينة الخليل، وهم : باسل بسام سدر، فضل عبدالله القواسمه، سعد محمد الاطرش، شادي نبيل القدسي، عز الدين نادي ابو شخيدم، همام عدنان السعيد، اسلام رفيق عبيدو، مهدي محمد المحتسب، فاروق عبد القادر سدر، مالك طلال الشريف، مصطفى فاضل فنون، ايهاب فتحي مسوده، طاهر فنون، عبد الرحمن مسودة. وجميعهم تم تشييعهم من مسجد الحسين بن علي في عين سارة الى مقبرة الشهداء في حارة الشيخ وسط المدينة.
والدة الشهيد ايهاب مسودة قالت جملة واحدة ولم تزد عليها :"أن الشهداء عند ربهم أحياء".
وياسف والدة الشهيد سعد الأطرش انه تكتمل مسيرة التشييع لأن هناك شهداء آخرين من الوطن لم يتم تسلم جثمانهم، فهؤلاء أولادنا أيضا لأن القضية قضية وطن".
أخذت والدة الشهيد الأطرش نفساً عميقا ثم استأنفت :"منذ استشهاد ابني ونفسيتي تعبة ولكن أمام الناس كنت أتظاهر بالقوة، ولما استعدنا جثمانه برد قلبي، ونفسيتي ارتاحت، لأنني أعرف أين هو وأستطيع زيارة قبره كلما أردت ذلك".
اعتبر طارق الشريف شقيق الشهيد مالك أن استلام الجثامين انتصاراً كبيرا على الاحتلال مبينا:"، فصحيح أن لهم أكثر من شهرين في الثلاجات، لكن المراسم التي وصلوا بها أنسانا كل ذلك التعب والألم".
لم تقتصر المشاركة على أبناء محافظة الخليل، فقد حضر المئات من مختلف محافظات الوطن، ومن بين المشاركين كانت والدة الشهيد المحتجز جثمانه حتى اللحظة محمد سعيد محمد علي من محافظة القدس، وقالت:"انه ورغم أن ابني وشهداء القدس محتجزين إلا أننا جئنا لأن شهداء الخليل جميعهم أولادي".
واستأنفت:" لم ينجح الاحتلال بشروطه بأن لا نزف أولادنا في النهار، ورسالتي للاحتلال بانه لم ينجح ولن ينجح في شروطه وتأثيره علينا، فنحن كالبنيان المرصوص، وهذا اليوم نصر كبير حتى لو بقي جثمان ابني محتجزا".
والدة الشهيد طارق النتشة الذي تم تسلم جثمانه في وقت سابق قالت:" الأمهات اليوم ارتاحت نفسياتهن، فاستلام الجثامين ودفنهم راحة لوجدان كل أم وأب ولكل الخليل وفلسطين، فصحيح أن روحهم صعدت لخالقها منذ استشهادهم لكن الجسد اكرامه دفنه، واليوم نكرّمهم".

