ترك المدرسة ويطمح للعالمية
الخليل- رايــة:
طه أبو حسين
فايز محمد الكركي، شاب صغير (19 عاما) من مدينة الخليل، أوجد لنفسه نافذة ابداع منذ طفولته، لكنه ترك المدرسة في الصف العاشر رغم تحصيله الجيّد ، فكرّس عقله وابداعه في موهبة صناعة "أفلام سينما أنيميشن"، إلا أن العائلة طالبته مراراً بتجاهل هذه النافذة والعمل في مهنة تجني مالاً حتى يؤمن مستقبله، وافق بداية ثم استطاع أن يقلب الطاولة ويعود لرسم أبجديات طموحاته بأن يكون صانع أفلام سينمائية متحركة.
ولادة موهبة صناعة أفلام "سينما أنيميشن"
كانت بداية فايز في صناعة الأنيميشن السينمائي عام 2009 بتصميمات عادية من خلال هواية التصوير لتأثره بمشاهدة رسوم الكرتون (الأنيميشن)، ثم دخلت الموهبة مرحلة التطوير عندما أصبح يفكر بينه وبين نفسه بتنفيذ أفلام تحت اسم فلسطين، فكانت البداية بتسليط الضوء على التراث، حيث أنتج الأدوات الخاصة بفلمه من تلقاء نفسه، الى جانب تصويره الصور التي تخدم أفكاره ليخرج بفلم (أنيميشن سينمائي) يحاكي التراث.
يقول الكركي:" في طفولتي كنت أشاهد (رسوم الكرتون الأنيميشن)، وتساءلت :لماذا لا يوجد في فلسطين مثل هذه الأفلام، لماذا لا نطور أنفسنا، فبدأت أبحث عن الطرق، واكتشفت أن لدي موهبة بإنتاج كل هذه الامور، وقمت بعدة تجارب ونجحت، وبعدها طورت نفسي لبناء سينما بإدخال أشخاص حقيقيين في (الأنيميشن)، وكل ذلك تم بجهود شخصية لأن هذا المجال غير متوفر دراسته عندنا".
كيف ينتج فايز الكركي (سينما الأنيميشن)؟
بالوضع الطبيعي صناعة "سينما الأنيميشن" يحتاج لأستوديو كامل المواصفات وخاصة الاضاءة وكاميرا احترافية وآلة تحكم عن بعد وحاسوب متطور، وبرنامج خاص (بالأنيميشن) يسمى (stop motion pro)، لكن بسبب الامكانيات المتواضعة التي لا تتيح له شراء هذا البرنامج أوجد فايز لنفسه بدائل أكثر بساطة.
يوضح فايز آلية عمله :" أستخدم بيتي عوضا عن الاستوديو، كما أني ألجأ لتصوير السينما التي أصممها بيدي ببعض الأدوات البسيطة التي أصنعها، أو أشتريها من المكتبة، ومن خلال استغلال بعض الأمور التي نعتبر أن لا حاجة لها مثل فضلات الخشب _النجارة_ أستخدمها بصناعة العشب، كما أني أرفق شقيقاتي وبناتهن في السينما التي أنتجها لتكون أكثر واقعية".
يستغل فايز أوقاتاً معينة لتصوير السينما التي يصممها، مبينا :" التصوير عادة يكون بالأيام التي تكون الشمس فيها غير مشعة كثيراً، فأقوم بوضع السينما التي صنعتها عند النافذة لأخذ اضاءة طبيعية، ثم أنتجها من خلال برنامجي الفوتوشوب والبريمير".
الموهبة بين اعتراض الأهل وحبّ فايز
فايز الكركي الابن الأكبر من الذكور لعائلته، له شقيق واحد وخمس شقيقات، ووالديه يرغبان أن يستغل وقته بالعمل في مهنة تساعده على جمع المال لتأمين مستقبله، وامتثالاً لرغبتهما إلتحق فايز بعدة مهن لكنه سرعان ما كان يتركها لأن تفكيره بقي منصباً في صناعة ( أفلام سينما الأنيميشن).
نجلاء الكركي والدة فايز تقول :"أنا كنت سعيدة بإنجاز فايز، لكن لم أكن أشجعه لأنني ووالده كنا نحتاج مساعدته بالعمل، ونريد أن يعمل في أي مهنة حتى يؤمن نفسه ومستقبله ، ولم يعصِ لنا أمراً، لكن مع استمرار هوايته، ولما رأيناه يعمل وهو مستاء، قلنا له اترك العمل وتفرغ لهوايتك، وان شاء الله تحقق أحلامك".
وفي نفس السياق يقول فايز :"كانت أمي تقول لي ماذا تريد من كل هذا، وأبي لم يكن يعجبه الوضع بشكل كامل، وامتثالا لرغبتهما فقد عملت بعدة مهن لكن لم أحبها لأني أحب (الأنيميشن) فقط، وبالفترة الاخيرة تعبت وقررت ترك العمل لأتطور في هوايتي، ووافقا على ذلك".
وأضاف فايز :"أمي بعدما شاهدت موهبتي قالت: استمر حتى تكون بصمة لفلسطين".
المؤسسات تستغل فايز وتتسبب بكرهه للتطوع
فايز طرق باب عدة مؤسسات مجتمعية حتى يحظى بتنمية ودعم موهبته، وكانت النتيجة على لسانه :"توجهت للعديد من المؤسسات، وكان يعجبهم عملي، ووعدوني بالدعم، لكن ما استنتجته أن كل أعمالي كانت تذهب كتطوع، وكلما طلبت دعما ومالا يقولوا لي أنت ما زلت صغيرا على هذا، وبالأخير يقولوا لي نحن الذين علمناك مع أنهم لا يعرفونها بالمطلق".
واستطرد فايز :" أنا أحب التطوع لكن بسبب الاستغلال الذي تعرضت له من المؤسسات أصبحت أكرهه".
"أعطي الحياة لتعطيك أكثر"
يطمح فايز الكركي أن تصبح دولة فلسطين مهتمة بأفلام (سينما الأنيميشن)، متمنياً أن تكون رائدة في هذا المجال.
كما يستعد لدخول مسابقة بنموذج جديد :"أنا حاليا استعد للمشاركة في مسابقة (قُمرة)، وبدأت بتجهيز النموذج، والفكرة سرية حتى اللحظة لكنها تتحدث عن وضع البلد ومشاكله، وسيكون اسمها ( أعطي الحياة لتعطيك أكثر)".
تقي الدين الكركي شقيق فايز يقول :"أساعد فايز في التصوير، وفي أي شيء آخر يريده، وأنا أتعلم منه الأفكار وطريقة العمل، وهذه الهواية جميلة لكن طموحي اكمال دراسة الصحافة لنعمل معا أفلام سينمائية ووثائقية تعتمد على (الأنيميشن).
ويطمح فايز بافتتاح مركز لتعليم الهواة صناعة (أفلام سينما أنيميشن) حتى لا تقتصر على أحد معين.
















