الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:24 AM
الظهر 12:45 PM
العصر 4:26 PM
المغرب 7:41 PM
العشاء 9:06 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

"املاح الضفة".. تصارع الاحتلال وتستغيث السياسات

 

أريحا- رايــة:

شادي زماعرة-

في وسط غابة من المستوطنات والمعسكرات الحربية ومجموعة من نقاط التفتيش الاسرائيلية على شواطئ البحر الميت يقف مصنع عائلة الحلاق صامدا في وجه الاطماع الاسرائيلية بالاستيلاء على كل ثروات البحر الميت.

فربما لم يعتد الفلسطيني في أرضه على مصطلح بحر بقاموس حياته اليومي وكل ما ينتج عن هذه الكلمة من تبعات بسبب حصار الاحتلال وسيطرته على كل منافذ وخيرات فلسطين ومن بين أهم ما سيطر عليه الاحتلال الشاطئ الغربي للبحر الميت الذي إستغلته اسرائيل للسياحة والصناعة حيث تُعتبر تركيبة مياهه مختلفة عن المياه الطبيعية، باحتواءها على تركيز عالي من الكالسيوم والبوتاسيوم، وترجع الأهمية التاريخية والسياحية لمنطقة حوض البحر الميت إلى البحر نفسه وإلى شواطئه، حيث توجد بعض المعالم الأثرية والدينية اضافة الى نوعية المياه المالحة تحديدا وتعدد استخدامتها الصناعية والطبية.

ورغم كل ذلك الا ان الفلسطينيين وكما في كل شيء يصرون على التمسك بحقهم فكما القدس ظلت عربية رغم كل محاولات طمس معالمها كما شواطىء البحر الميت الفلسطينية التي حافظت على عروبتها وفلسطينيتها بوجود مصنع املاح الضفة الغربية، وهو اسم يطلق على مصنع فلسطيني يقف في وجه الاطماع الاسرائيلية في الاستيلاء على حصتنا في مياه البحر الميت، يرابط بكل ما في جعبته من صبر واصرار وارادة على شاطئ البحر الميت، ويستغيث السياسات الفلسطينية لدعمه في وجه التحديات الاستثمارية.

وفي هذه المنطقة العسكرية المحظورة بالقرب من أريحا، يتواجد المصنع الوحيد لإستخراج الأملاح من مياه البحر في فلسطين، ويحاط بالعديد من المستوطنات الاسرائيلية والآليات العسكرية التي لا تنقطع بتاتاً في مراقبة المنطقة وتواجدها المستمر حول المصنع.

البداية

تأسس مصنع أملاح الضفة الغربية في العام 1964 بإشراف من شركة البوتاس العربية الاردنية آنذاك وكان المهندس المقدسي عثمان الحلاق مشرفا ومديرا عاما للمصنع حتى استقل المصنع بعدها بأعوام وأصبح ملكا فلسطينا بحتا لعائلة الحلاق المقدسية التي حافظت عليه وعملت على تطويره وتجديده باستمرار.

المهندس حسام الحلاق المدير العام لمصنع أملاح البحر الميت حاليا قال في حديثه لـ"رايــة"، "درس والدي الهندسة الكيماوية في الولايات المتحدة الامريكية وأصر على استثمار علمه بخدمة وطنه فلسطين ووضع نصب عينيه الاستثمار في القطاع الصناعي، وكان عمله مع شركة البوتاس الاردنية بداية لخبرته في صناعة الاملاح الفلسطينية، والى يومنا هذا ندير المصنع بحرفية وبما علمنا اياه والدنا ونحافظ عليه".

بوابة حديدية الى المضخة.. تحتاج لتصريح

قال مراقب خط الانتاج خميس جلايطة لـ"راية" ان هذه المنطقة لا يستطيع العمال التواجد فيها بشكل مستمر الا عن طريق تصاريح من الارتباط المدني الاسرائيلي والجيش الذي يستجوبهم كل يوم "ماذا تفعلون هنا؟ من اين اتيتم؟ لأي ساعة ستبقون في المنطقة؟"، مضيفاً: "أن جيش الاحتلال يعرقل وصول الموظفين والعمال بين الفينة والاخرى".

هناك بوابة حديدية من جانب منطقة حدودية يستخدمها الموظفون في الوصول الى المضخة التي تقوم بنقل المياه من البحر الميت الى الملّاحات ولا يستطيع الموظفون عبورها الا بإذن عسكري من جيش الاحتلال، وفي بعض الاحيان يتم تأخير وصولهم ما يؤدي الى اعاقة العمل وتأخير ضح مياه البحر الى الملاحات.

دورة خط انتاج الملح

ويقول جلايطة ان دورة انتاج الملح تمر بالعديد من مراحل التصنيع فأولا تبدأ بسحب المياه من البحر وتجفيف الملح منها في الملاحات، التي تتمثل في مساحات واسعة تتقسم الى 8 وحدات، والمرحلة الثانية تبدأ عمليات سحب المياه في بداية الصيف وتنتهي مع شهر تشرين أول من كل عام.

واضاف ان المياه تتبخر ويبقى الملح، وفي شهر كانون أول تقوم الجرافات بتعبئة الملح ونقله الى  المصنع، ويبدأ تصنيعه بفرزه من خلال غربال كبير، ثم يتم غسله وعصره.

وفي الجاروشة يتم طحن الملح، ويخرج من الجاروشة ملح بحبة صغيرة وحبة كبيرة، ويذهب الى الفرن او "بيت النار"، وبعد ذلك الى غربال كبير يقوم بفرز الملح الى حبيبات كبيرة وصغيرة. وهناك منتج ثالث يتم استخراجه من "بيت النار" وهي بودرة الملح التي عادة ما تستخدمها محامص المكسرات، وبعد ذلك يتم تجفيفه وفرز الملح الى نوعين الصناعي وملح الطعام، والمرحلة الأخيرة تتمثل بالتخزين والتوزين والتوزيع.

مخاطر الاستثمار تهدد البقاء

وأشار الحلاق الى ان المصنع من الخارج لا يلفت النظر بقدر ما تلفت الانتباه القدرات الانتاجية بالاليات التي تم تحديثها وشرائها في عام 2010، وكذلك شبكة الكهرباء التي تم تمديدها، بمبادرات شخصية وجهود ذاتية.

وتابع: المصنع يستثمر بمبلغ 2 مليون دولار في منطقة عسكرية، وهذا يشكل تحد كبير لاستمرار الانتاج الذي تعتبر كفاءته عالية وتسوق بعض منتجاته في المانيا وكندا واميركا، وله مميزات وفوائد صحية ورونق، ومنه "ملح جورميه" الذي يباع في انحاء العالم.

وأضاف ان اغراق الملح الكيماوي من الشركات الاسرائيلية في الاسواق المحلية بالضفة والقطاع يعرقل تسويق الملح الفلسطيني الذي يحتاج الى سياسات من الحكومة الفلسطينية في اطار وقفة وطنية تعطي اولوية للمنتجات الفلسطينية.


ظروف عمل صعبة

يقع المصنع في منطقة عسكرية اسرائيلية على الحدود بين فلسطين والاردن، ويفرض الاحتلال على عماله الـ 16 اجراءات تصعب وصولهم الى مكان عملهم اضافة الى فرض واقع وبيئة عمل صعبة حيث يمنع الاصلاح والبناء والتحسين.

ولكن رغم كل تلك المضايقات، يقول صاحب المصنع الحلاق ان المصنع سيبقى صامداً امام كل التحديات، مشيراً الى ان التحدي الكبير هو عدم دعم منتج الملح في الاسواق الملحية.

المصنع يلبي حاجة السوق

وقال الحلاق ان المصنع يستطيع ان يلبي حاجة السوق اذا وجد حاضنة شعبية ومؤسساتية فلسطينية ترعى كل ما ينتج من ملح جودته عالية، وبعض منتجاته يتم تسويقها في اوروبا وامريكا وكندا، حيث نقوم باستخراج الملح وتنقيته وتوزيع على مصانع التعبئة للمواطنين او مصانع التصنيع الغذائي وغيرها.

واشار العامل حسن غروف لـ"رايــة"، ان المصنع ينتج نحو 70 طناً من الملح يومياً، يتم تعبئتها وتغليفها وتوريدها بالشاحنات الى المتاجر.
وأوضح غروف مدى الضغط الذي يواجهه العمال نتيجة السياسات الاحتلالية التي تحاول عرقلة وصولهم ووصول التجار الى المصنع، بالاضافة الى تأخير وصول المنتجات الى الاسواق.

ويبقى هذا المورد الطبيعي والصناعي رهن اطماع الاحتلال في مكان يحاط بالاسياج والالغام والمستوطنات والحواجز، ولكن رغم ذلك يستمر المصنع بعمله وانه لن يرى النور الا بسياسات فلسطينية عادله وداعمة تسهّل له طريق الحياة بعد ولادة عسيرة.

يذكر أن الاردن وفلسطين تستغل مياه البحر الميت في عدة صناعات منها الفوسفات والبوتاسيوم والاملاح فيما يحظر على الجانب الفلسطيني استغلال هذا المورد من البحر الميت الذي يعاني من فقدان مستمر لمياهه.

Loading...