عرين .. الصحفية المكافحة في ميادين الخليل
الخليل- رايــة:
طه أبو حسين-
أن تكوني مراسلة ميدانية في فلسطين هذا يعني أن تحملي روحك على كفك في كل تغطية اعلامية، وأن تخسري القدرة على التحكم بوقتك، فوقتك ليس ملكك بقدر ما هو ملك المهنة والرسالة الاعلامية، ويعطيك علاقات واسعة على حساب كثير العلاقات الخاصة، كما أن المراسلة الميدانية تمنحك فرصة الثقافة الواسعة والاطلاع على كثير الخفايا، والأهم من كل ذلك أن المراسلة الميدانية عادة ما تقع في شباك التناقض الانساني الذي يرهق الروح والنفس تماماً كما يحدث مع مراسلة تلفزيون فلسطين عرين العملة.
عرين عبد الكريم العملة "28 عاما"، مراسلة تلفزيون فلسطين في محافظة الخليل، مواليد بلدة بيت أولا شمال غرب الخليل، نشأت في كنف أسرة محافظة، تزوجت، أنجبت، فصلت عن زوجها، تعكف حالياً على تربية طفلها قصي "7 أعوام"، وتعيش حياة طبيعية بين عملها وأسرتها.
عرين لم تختر الاعلام عبثاً، فحبها للصحافة دفعها للالتحاق بهذا التخصص كما تقول "تخرجت عام 2011 من جامعة الخليل، بدايتي كانت بالإذاعات والتلفزيونات المحلية، بالإضافة للعمل في صحيفة القدس ومن ثم انتقلت كمراسلة ميدانية لتلفزيون فلسطين منذ ثلاث سنوات".
تحاول عرين ايصال رسالة اعلامية واضحة الخطوط " رسالتي كيف ينظر العالم للشعب الفلسطيني، والاعلام الفلسطيني قصر في كثير من المجالات بالمقارنة مع اعلام الاحتلال الذي كسب تعاطف العالم، واستطاع أن يكسب رأي العام العالمي، مع أن الحق بيدنا. وأحيانا أجر أذيال الخيبة لأنني أشعر أن صوتنا لا يصل، لكن التغيير يحصل بالتقادم ولدي أمل كبير".
لا شك أن الظهور على الشاشة يعطي شهرة لصاحبه، وعرين بشخصيتها وحضورها القويين الى جانب تقاريرها المتلفزة ذات المضمون المتين جعلها محط أنظار الكثير، "ظهوري على الشاشة وعملي الميداني منحني بعض الشهرة حتى لو لم تكن عالية، وتجد أن هذه الامور لا تكسر خصوصيتك بقدر أنها لا تمنحك الراحة الكاملة كأي فتاة، بالتالي تضطر للتعامل والمجاملة والاجتماعية حتى تمشي الحياة".
الشهرة مهما نقصت أو زادت لها آثارها، قالت عرين :"الشهرة قد تلقي بظلال ايجابية وتعطيني دفعة قوية للاستمرار ، وتقدير الناس للجهد هو ثمرة العمل الحقيقي. أما السيء بها وجود بعض الاشخاص المتطفلين، يحاولون مضايقتك بناء على معتقدات وتفكير وعبثية ما في عقولهم".
تقول عرين أن طبيعة عملها يجعلها ترى الموت، وتشاهد كيف يكون الانسان قائماً أمامها سرعان ما يسقط شهيداً أو جريحاً، كما أنها تتابع الموت وتلاحقه بكل تفاصيله "هذه المشاهد تجعلني أمارس دورين، وأذكر أحد المواقف، يوم خطبة أخي، وهي الفرحة الأولى بالعيلة، وكان يومها علي واجب تغطية جنازة شهيد، وبنفس اللحظة كنت أحمل فستان الخطبة ووضعته بسيارة التلفزيون، ذهبت وأجريت مقابلة مع أم الشهيد وذويه، ومن ثم ذهبت للخطبة، وأنت هنا مضطر للتعامل مع الحزن والفرح، فأحيانا تضطر للبس قناع المجاملة، وهذا تناقض كبير، فنحن لا نستطيع التحكم بالمشاعر، ونفسيا نتعب من هذه الأمور".
عمر عرين في العمل الصحفي حوالي سبع سنوات، وهذا المجال أكسبها خبرة وقوة كبيرتين، على الصعيد المهني والخاص، وتقول أن طموحها لا يتوقع عند محطة معينة، وهدفها الأسمى ايصال القضية الفلسطينية واقناع العالم بها، ساعية في ذلك بأن (يكون لي أثرا حقيقيا).
عرين كانت متزوجة ثم انفصلت ولديها طفلاً اسمه (قصي)، وهذا الأمر قد يشكل للبعض عائقاً أمام مراحل حياتهم، غير أن عرين تجد الأمر دون ذلك "موضوع الانفصال ليس عائقا أمام أي أم فلسطينية، الانفصال حالة طبيعية، لأن العلاقات إما أن تستمر أو تنتهي، ولم يكن الانفصال صعبا علي، قد يصعب على نساء أخريات، قد يكون صعب على من لا تجد بيدها شهادة أو عمل، والحياة ليست وردية، لكن هناك عقبات، والنجاح يكمن في تخطي هذه العقبات، فلذة الحياة تحقيق الانتصارات وليس أن تولد وبفمك ملعقة ذهب".
الخليل بطبعها تتمسك بعاداتها وتقاليدها، حتى أنها تعتبر قانوناً راسخاً عند كثير، وبعض العادات قد تجد المرأة فيها قيوداً تحدّ من تطورها، أما عرين تتماشى معها وتحاكيها بإيجابية :" الخليل كباقي محافظات الوطن، فيها عادات وتقاليد وثقافة مجتمع، دائما لطيفة معها، وأنا لا أخرج عن ثقافتنا، ولست متمردة بالمعني السلبي، ولكن بالمعنى الايجابي، أحاول دائما اثبات أن المرأة قادرة وتستطيع اعداد أي شيء اذا أرادت، والنظرة السلبية تستطيع المرأة تغييرها بإثبات نفسها على أنها قادرة، وأحاول اثبات أن المعتقدات التي برأسنا ليست كلها صحيحة، فهناك ما يمكن تغييره لإيجابية أكبر".
ترجع عرين أحد أهم الأسباب للتميز والاستمرار وجود بيئة وتربة سليمة لذلك، "عندما تدعمك أسرتك، وتشعر أنهم يكبرون بك، ويشعرون أن عمل عرين هو نضال للمرأة، تجد أنك لست مهتما بمن يحاول عرقلة تطورك".
ختمت عرين :"عرين عندما اختارت الاعلام كانت تعرف طبيعته، ولما خضت غماره وجدت أنه إما أن تكون أو لا تكون، فالميدان صعب فقط لمن يستسلم، نحن لم ندخل حرب، نحن نعيش بها، وعلينا أن نكون مؤثرين وايجابيين، واذا لم نؤثر نقعد بالبيت أفضل".




