زين الدين حاك مستقبله بمهنة الخياطة

الخليل- رايــة:
طه أبو حسين-
على وقع أنغام سيرة الحبّ ودق طبلتها وغناء أم كلثوم بصوتها الذي يحاكي الحياة، كانت دقاتّ آلة الخياطة تحدث وقعاً آخراً يتمازج في أذن الخياط السبعيني زين الدين أبو شخيدم الذي وجد في مهنة الخياطة نافذةً مشرقة لحياكة مستقبله كما يحيك البدل والأثواب بفن وإتقان كبيرين.
الحاج زين الدين محمد أبو شخيدم "74 عاماً"، من مدينة الخليل، انخرط في صفوف مهنة الخياطة منذ مراهقته، بفترة تقدر ستة عقود متتالية، وما زال يتربّص شروق الشمس كلّ صباح، حتى ينفض عن نفسه الكسل ويذهب لفتح مخيطته في منطقة الحرس ومباشرة العمل بنفسه، رافضاً فكرة الجلوس بالمنزل وترك العمل لأولاده كونه يؤمن أن العمل الحياة.
بدأ مشوار أبو شخيدم عندما كان عمره 16 عاماً، وتنقل بين الأردن وفلسطين عدة مرات " تعلمت عند عيد وشحدة أحمرو لمدة ثلاث سنوات، فقد كانوا من أمهر الخياطين في تلك الفترة، ثم انتقلت للعمل في عمان، وبعدها عدت للعمل في الخليل عند عبد المغني النتشة لمدة عشرة سنوات، بعدها عملت عند بدر امريش، ثم عدت لعمان وبقيت حتى عام 1967، لأعود مجددا للخليل، وعام 1973 فتحت مخيطتي الخاصة بالشراكة مع داود زايد، وبعدها انتقلت إلى مقري الحالي في الحرس عام 1996".
" كنت أخيط البدلات، القنابيز، بدلات السفّاري الخاصة بالعمال، وكانت جميلة وراقية ومتقنة، وليست كصناعة اليوم، ومن كان يرغب بتعلم مهنة الخياطة وعمل الجاكيت تحديداً، تحتاج ثلاث سنوات حتى تتعلمها بإتقان".
أول بدلة أخاطها أبو شخيدم كانت له، ثم امتد لزبائنه وبعدها صار يخيط للأطباء والضباط والمحامين وغيرهم من شرائح المجتمع والشخصيات المرموقة.
أبو شخيدم يعشق مهنته ولهذا يصر على العمل بها حتى يومه هذا، غير أنه يتذمر من الوضع الحالي لأن "التفصيل تقريبا انقرض، فكله جاهز، فقط تقصير الملابس وتضييقها"، ويشير أنه ورغم ذلك لديه زبائن منذ خمسين عاماً يأتون إليه فترة وأخرى لتفصيل بناطيل خاصة بهم.
كان العمل كثيراً والمال مبارك، ولقمة العيش بسيطة وهنية، أما اليوم العمل قليل، والربح كذلك، ناهيك عن تغير العادات والمزاج لدى الناس.
يعود الحاج زين الدين بذاكرته " ماكينات الخياطة تقريباً قديماً واليوم لم تتغير كثيراً، لكن المكاوي كانت بداية على الفحم، نضع الفحم فيها ونكوي الملابس، ثم جاء مكوى على البابور، يسخن ثم نكوي، بعدها مكوى كهربائي تقريبا في الستينيات، ثم جاء مكوى البخار بتحديثاته المتعددة".
حتى يحافظ الحاج زين الدين أبو شخيدم على مهنة الخياطة في عائلته، علّمها لنجله منذر، الذي يعمل معه منذ ما يزيد عن عشرين عاماً.