الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:12 AM
الظهر 11:42 AM
العصر 2:27 PM
المغرب 4:52 PM
العشاء 6:12 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

إدریس.. توأم الزیتون في تل الرمیدة!

طه أبو حسين


في البقعة الجغرافية التي تعتبر أول تجمع بشري بمدينة الخليل في العصر البرونزي القديم والتي سكنها العرب الكنعانيون، كان السبعيني إدريس عبد المعطي زاهدة برفقة حفيده يامن ذو السنوات الثلاث يقطف الزيتون بينما كان متسلّقًا على سلّمِ يتيح له الوصول للثمار المرتفعة ومشاهدة الحرم الإبراهيمي ومحيطه بعمق ووجع كبيرين!


"الأرض دمي ولحمي وعرضي، وهذه الزيتونة روحي، أدافع عنها لأني أشمّ بها الحياة، ورغم كل المعاناة أنا سعيد لأني أقطف الزيتون رغمًا عن أنف الإحتلال وكل انسان، فالزيتون صمودي والجلوس تحت الشجرة والحرم أمامي أشاهده فيها متعة وجمال لا يتصوره إنسان". قال إدريس زاهدة.


إدريس الذي يعيش في تل الرميدة وورث الأرض عن أجداده، يقول أن المنطقة فيها مئات أشجار الزيتون الذي يزيد عمره عن ألفي عام، له منها 87 شجرة، حرق منها 29 شجرة في الفترة الأخيرة وقيّدت ضد مجهول، مع وضع أصابع الإتهام باتجاه المستوطنين الذين ينتهجون مسلسلًا من الإعتداءات والمضايقات عليه وعلى كافة سكان المنطقة.


"صباح اليوم وجدت مستوطن يجمع الزيتون، ولما سألته ماذا تفعل؟ قال بأنه يجمع الزيتون لأنه للفقراء. قلت له أنا الفقير هنا وهذا الزيتون لي وهذه أرضي" قال إدريس. ثم استطرد "يسرقون الزيتون وكل شيء ولا أحد يمنعهم، المنع والتضييق فقط علينا نحن الفلسطينيين".


التضييقات يتناوبها جيش الاحتلال ومستوطنيه، وقطف الزيتون ليس بالأمر الهيّن كما هو الأمر في أماكن أخرى، ففي تل الرميدة يحتاج لإذن اسرائيلي مسبق، ويحدد بزمان وتوقيت معين "إذا لم يكن معك أمر من الإدارة المدنية في يوم معين يعطوك إياه للعمل فيه تأتي الشرطة والجيش ويمنعوك ويزيلوا السلم والشوادر ويمنعوك من العمل".


"أول أمس تحدثت الإدارة المدنية معنا ومع الصليب الأحمر بأن القطف من 28 الشهر الجالي حتى الأول من الشهر القادم، بمعنى أربع أيام فقط، علمًا بأني أحتاج عشرين يومًا لقطفه، ولما أخبرت الضابط قال استأجر عمالًا" يقول إدريس.
إدريس يقطف الزيتون وحده، وأحيانًا تشاركه زوجته فقط، أما أولاده فيمنعهم من الحضور لأنهم شباب فقط، يقول ادريس" المستوطنون يأتون ويثيرون المشاكل دائمًا وأنا في غنى من أن يوضع أبنائي في السجن".


عند وصولنا أرض إدريس، وجدنا كمية كبيرة من ثمار الزيتون على الأرض، لأنها نضجت بشكل جيّد ولم تقطف، وبيّن صاحبها بأن المنع الإسرائيلي كلّفهم خسارة اضافية بذلك، مشيرًا بأن وزارة الزراعة الفلسطينية لا تعلم عن مواعيد القطف المناسب لهذا النوع من الزيتون.
يعتب إدريس على المؤسسات الرسمية لتقصيرها بحق تل الرميدة وسكانها "وضعنا مأساوي جدًا، لا يوجد من يهتم بنا، ووزارة الزراعة تقول أمام وزير الجدار سوف نرسل مهندسين زراعيين، لكن عند ذهاب الوزير لا يوجد أي شيء على أرض الواقع، كلام دون فعل، فقط ماء بالغربال!".


"هؤلاء الجالسين على المكاتب لا أحد فيهم يهتم لأمرنا في تل الرميدة، فقبل أربعة أشهر وأنا أنظف الأرض هجموا المستوطنين عليّ وضربوني سكين في ظهري... من إهتمّ بي؟ لا أحد." قال إدريس.
يضطر إدريس لحمل الزيتون على أكتافه كون المركبات لا تصل المنطقة بشكل كامل لإعتبارها منطقة عسكرية مغلقة أمام الفلسطينيين.


عندما شرعنا للمغادرة من بين القبور التي أوصلتنا لأرض إدريس في تل الرميدة، كان حفيده يامن، يمضغُ حبة زيتون مرّة، فامتقع وجهه، غير أن مرارتها وملامحه لم تكن إلا كقطرة ماء من بحر المرارة التي ترتسم في محيا جده بينما كان يراقب الحرم الإبراهيمي وجنود الاحتلال الذين يحيطونه من كل الجهات.

 

Loading...