الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:09 AM
الظهر 11:44 AM
العصر 3:15 PM
المغرب 6:02 PM
العشاء 7:19 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

عباس يواجه ترامب وحيداً

الكاتب: رجب أبو سرية

يبدو الرئيس محمود عباس، هذه الأيام، كما لو كان يشبه إلى حد كبير شيخ بحر آرنست همنغواي في رائعته الروائية الشهيرة (الشيخ والبحر)، فهو يكافح ضد الغرق، أمواج البحر العاتية، وحيداً تقريباً، يجوب أركان الدنيا بحثاً عن قشة سياسية دولية، يمكنها أن تنقذ الحقوق الفلسطينية من الغرق في دوامة دونالد ترامب الرئيس الأميركي، الذي ظهر على حقيقته قبل نحو عشرة أسابيع، كما لو كان رئيساً لإسرائيل وليس للولايات المتحدة، أو كما لو كانت أميركا وإسرائيل كياناً واحداً متحداً، يحاول فرض الاستسلام على الشعب الفلسطيني وعلى قيادته السياسية.

وقد أصابت القيادة الفلسطينية كبد الحقيقة، حين أدركت جوهر الإعلان الأميركي، في السادس من كانون الأول الماضي، الخاص بالقدس، حين ردت بأن الولايات المتحدة فقدت أهليتها كراع للعملية السياسية الهادفة إلى التوصل لحل سياسي بين فلسطين وإسرائيل يضع حداً للاحتلال ولصراع تاريخي مستمر بينهما منذ نحو قرن من الزمان.

فالجانب الإسرائيلي/الأميركي يريد بعد الإعلان أن يضع الجانب الفلسطيني في الزاوية ويحشره بين خيارين أحلاهما مر: فإما الدخول في مفاوضات بائسة بعد إخراج القدس واللاجئين من ملفات التفاوض، أو رفض المشاركة في مفاوضات على هذا الأساس، بما يبرر لهما أن يعلنا الحل من جانب واحد، ثم يقوما بفرضه وحدهما أو حتى بالشراكة مع بعض الدول العربية.

ولم تكتف القيادة الفلسطينية بإعلان عدم أهلية واشنطن لرعاية العملية السياسية، بل اندفعت في ظل جبن الدول العربية عن التصدي للإعلان الأميركي، كذلك اكتفاء الدول الإسلامية بإعلان الرفض عبر مؤتمر عابر لمنظمة الدول الإسلامية عقد في إسطنبول، طرقت القيادة كل الأبواب الدولية الممكنة، فبعد إسطنبول ذهب الرئيس محمود عباس لأديس أبابا وخاطب مؤتمر القمة الأفريقية، ومن هناك طار إلى بروكسل حيث مقر الاتحاد الأوروبي، ومنها إلى باريس ثم إلى موسكو.

صحيح أن كل مكان ذهب إليه الرئيس عباس سمع فيه كلاماً جميلاً، لكن الرد على إعلان ترامب يحتاج رداً عملياً، يجعل منه حبراً على ورق أو على أقل تقدير قراراً غير قابل للتنفيذ، تماماً كما كان حاله منذ العام 1995، وهو قرار أصلاً صدر عن الكونغرس في ذلك العام، وتم تعطيله بمراسيم رئاسية طول تلك السنوات، فماذا يمنع ألا تتم ترجمة القرار على الأرض، وإن كان تم تمريره من قبل الرئيس ترامب هذه المرة، حيث يمكن التعلل أولاً بأن نقل السفارة يحتاج إلى سنوات لإقامة المبنى المناسب، هذا أولاً، وثانياً يمكن إجبار واشنطن على إصدار توضيح يقول: إن إعلانها المذكور لا يقصد القدس الشرقية المحتلة عام 1967، بل يعني القدس الغربية، أي أن نقل السفارة والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل المقصود منه هو الجانب الغربي الذي أقامته إسرائيل قبل العام 1967، خاصة أن موقفاً رسمياً أو توضيحياً كان صدر بعد الإعلان يقول: إن الحدود السيادية داخل القدس تقررها المفاوضات، أي على واشنطن أن تعلن اختلافها مع إسرائيل، من حيث عدم توافقها بأن القدس ستكون موحدة، وأن تفاصيل الحدود داخل شطري المدينة، تقرره المفاوضات بين الجانبين على أساس أن القدس الشرقية محتلة، وعلى أساس حرية العبادة الدينية.

جل ما قدمه الاتحاد الأوروبي هو أن هناك دولاً أوروبية يمكن أن تعترف بدولة فلسطين، وحتى مثل هذا الموقف قالت به فرنسا، لكن فرنسا التي كانت قبل ثلاثة أعوام قد حاولت أن تشغل المكان الأميركي الشاغر منذ العام 2014 بعقد مؤتمر دولي في باريس، عقد العام الماضي، دون أن يتحول إلى إطار فعلي، ورغم الحديث مجدداً عن إمكانية أن تحاول فرنسا الدفع بالرباعي الدولي، على أقل تقدير كراع بديل عن الولايات المتحدة، لكن هذا لم يحدث.

وبالنظر إلى أن أطراف الرباعي الدولية هم: الأمم المتحدة، الاتحاد الأوروبي، روسيا والولايات المتحدة، فإن القيام باستعراض هذه الأطراف يعني أولاً أن الأمم المتحدة، رغم أنها هي الإطار الدولي الأهم وهي التي أصدرت عشرات القرارات الخاصة بفلسطين عن مجلس الأمن ومئات القرارات الخاصة بالملف نفسه عن الجمعية العامة، إلا أنها كمنظمة تعجز عن صد الضغط المالي الأميركي، لا يمكنها أن تقوم بخطوة على هذا القدر من المواجهة للإدارة الأميركية، أما الاتحاد الأوروبي، فهو دائماً يحرص على أن يعلن اختلافه في الموقف عن الولايات المتحدة، وقد حدث وأن صوت ضد إعلان ترامب بمجلس الأمن (بريطانيا وفرنسا) وفي الجمعية العامة، حيث تراوح موقف الدول الأوروبية بين مؤيد للقرار ضد الإعلان أو ممتنع عن التصويت، لكنه لا يقوى على أن يقوم بعمل مضاد للولايات المتحدة، فقط روسيا هي التي تبقت، والتي تظهر ومنذ عدة سنوات قدرة متزايدة على تحدى واشنطن في أكثر من ملف إقليمي ودولي.

لذا طرق الرئيس عباس بابها، حيث فوجئ باتصال بين ترامب وبوتين قبل ساعات من لقاء الرئيس بوتين بنظيره الفلسطيني، الذي أكد له على كل حال أن الولايات المتحدة لا تزال مشاركاً مهماً في التسوية بالشرق الأوسط، لكن مدخل موسكو التي تتمتع بحنكة ودهاء سياسيين حالياً لا نظير لهما في العالم بأسره، تدخل إلى الملف من بوابة التوسط بين فلسطين وأميركا، وبذلك تكون محاولات الرئيس عباس قد حققت خطوة، أو نصف الهدف، لأن من شأن توسط موسكو بين رام الله وواشنطن أن يدخلها كطرف مقبول لاحقاً في مجمل العملية التفاوضية التي يبدو أن الهدف الفلسطيني هو أن تكون على شاكلة المفاوضات التي أحاطت بالحوارات الخاصة بالملف النووي الإيراني (5+1) بعيد المنال، لكن أن يتحقق نصف هدف خير من ألا يتحقق شيء بالمرة.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...