الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:38 AM
الظهر 12:38 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:17 PM
العشاء 8:37 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

السياسة الأميركية ومأزق صفقة القرن

الكاتب: صادق الشافعي

يمكن التجرؤ بالادعاء أن هناك مأزقاً تعيشه السياسة الأميركية بالتحديد تجاه الموضوع الفلسطيني وبتحديد أدق تجاه صفقة القرن ومكونها السياسي بالذات.

يشهد على ذلك الزيارات المتكررة لفرسان الصفقة كوشنر وغرينبلانت ومساعديهما الى دول المنطقة بلا نتائج مرضية ومتوافقة مع جوهر الصفقة، ويشهد عليه التأجيل المتكرر لإعلان الصفقة بلا مبررات منطقية، وآخرها تبرير ارتباط التأجيل بالانتخابات الجديدة في دولة الاحتلال وتشكيل الوزارة فيها.

هذا التأجيل لن ينتهي قبل بدايات حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية التي يخوضها الرئيس ترامب للفوز بدورة رئاسية ثانية، وهو ما قد يرمي بالصفقة الى تأجيل مفتوح الزمن.

ويشهد عليه مؤخراً ورشة العمل الاقتصادية في البحرين التي دعت اليها وتنظمها أميركا، ولا يتعدى دور البحرين فيها الاستضافة وتوفير المقر.

هناك اكثر من سبب لتأجيل اعلان الصفقة المتواصل، محورها ان الإدارة الأميركية لم تصل الى درجة الاطمئنان والثقة اللازمين بتوفر شروط وإمكانيات القبول بالصفقة والنجاح في تطبيقها.

الأسباب الأكثر أساسية وراء التأجيل:

* الرفض الفلسطيني الحازم غير المتردد للصفقة، خصوصاً وأنه يصدر عن اجماع وطني يشمل الكل الفلسطيني من سلطة ومعارضة وتنظيمات ومجتمع بكل تعبيراته ومكوناته.

* عدم نجاح كل الجهود والمحاولات واللقاءات المتكررة في تليين موقف النظام العربي، او دوله الأساسية بالأقل، الى درجة القبول المطلوب بالبنود المركزية التي تشكل جوهر الصفقة وأساسها والمتعلقة بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني (انهاء الاحتلال، الدولة المستقلة على حدود 67 والقدس عاصمة لها، حق عودة اللاجئين، و ..و..). وكلها حقوق تغيب تماماً وكلياً عن الصفقة. ويقابل غيابها، عطايا ومنح وموافقات تقدمها الصفقة وأصحابها الاميركيون لدولة الاحتلال لم تكن لتحلم بها. خصوصاً وان معظمها قد نفذته أميركا فعلاً، واصبح حقائق امر واقع قبل الإعلان الرسمي عن الصفقة.

تليين الموقف العربي، بالفهم الاميركي، أساسي لنجاح الصفقة، ان لجهة المبدأ، او لجهة ضرورته في محاولات تطويع الموقف الفلسطيني، او تجاوزه إذا لزم الأمر.  

* عدم النجاح في كسب الموقف الدولي بمؤسساته ودوله المؤثرة.

فما تدعو وتعمل له صفقة القرن هو إلغاء تام للدور الدولي لصالح الانفراد الأميركي، ومغادرة مسار الشرعية الدولية، وانقلاب كامل على الدينامية والقرارات التي ظل المجتمع الدولي يتعامل بها مع القضية الفلسطينية لعشرات السنين.
 الهدف المركزي من "ورشة العمل الاقتصادية" في البحرين هو اعلان المكون الاقتصادي في صفقة القرن، وهو مكونها الرئيسي الثاني.

 لكن انعقادها، بحضور ومشاركة دولة الاحتلال، يحقق هدفاً آخر في نفس الوقت، هو توسيع الطرق والممرات أمام هدف مركزي من أهداف الصفقة هو التطبيع مع دولة الاحتلال.

احتمالات نجاح الورشة، بحجم الطموحات والآمال المعلنة والمعقودة عليها تبدو ضعيفة، وربما جداً، على الرغم من كل الوعود والإغراءات التي تغدقها، والمشاريع والإمكانيات عالية الطموح وأرقام الأموال الفلكية التي تعد بها، والتي تطال دولاً أخرى في المنطقة الى جانب الطرف الفلسطيني في محاولة لإغرائها.

ان مفاتيح تنفيذ اي نتائج ومخرجات للورشة، مهما كانت طبيعتها ومستواها، ستبقى في ارض الواقع وبحكم استمرار حقائق الاحتلال، في يد دولة الاحتلال بدرجة شبه تامة وربما تامة. وبالتالي سيتم توجيهها وتنفيذها بما يخدم دولة الاحتلال ومصالحها وأهدافها التي لا تخفيها، وبما يخدم استمرار احتلالها وسيطرتها وتحكمها بكل شيء وعلى كل شيء.

يؤكد هذه الحقيقة، انه لم يسبق الورشة ونتائجها اي اتفاق سياسي بين طرفي الصراع على اي شيء وبأي مستوى. 

بل إن الطرف الفلسطيني، المعني الأساسي والأول بكل المشاريع والأفكار التي تبحثها الورشة وبأي نتائج او ترتيبات او مشاريع تخرج عنها، يرفض هذه الورشة ويقاطع حضورها ويغيب تماماً عن كل المداولات التي تجري حولها، ومشاريع الخطط والقرارات التي ستنتج عنها. 

الغياب الفلسطيني عن ورشة البحرين ممثلاً بالسلطة الوطنية او اي جهة فلسطينية أخرى - وغالباً ولا بأي أشخاص بصفتهم الفردية، وبأي شكل أو درجة- هذا الغياب لا يبدو انه يزعج منظمي الورشة والداعين لها، بل يبدو وكأنه مريح لهم، بدليل انه لم تجر محاولات جادة لإقناع او حتى الضغط على الفلسطينيين للحضور والمشاركة.

وهذا الغياب الفلسطيني، لا يبدو انه يؤثر على انعقاد الورشة ولا على مجرياتها، الا في حدود حجم وعدد الدول الممتنعة عن المشاركة، وحدود تصليب مواقف بعض الأطراف المشاركة.

ورشة البحرين ودرجة ومستوى نجاحها ستنعكس بالتوازي على طرح صفقة القرن الكاملة، وتوقيت طرحها وحتى على أهمية وجدوى طرحها.

فما سيبقى من الصفقة بعد ورشة البحرين الاقتصادية، وبعد توسع طرق ومسالك التطبيع هو مكونها السياسي. وهو المكون الذي يجري تطبيقه واقعيا وعمليا بالتفاهم والتواطؤ بين الإدارة الأميركية ودولة الاحتلال لصالح دولة الاحتلال وعلى مقاسها في كل بنوده المفصلية والهامة، ودونما حاجة لصفقة ومفاوضات ودون اي اعتبار لطرف الصفقة الآخر- الطرف الفلسطيني.

بل ان ذلك يتم على حسابه وحساب حقوقه الوطنية والتاريخية التي تقرها كل الشرائع الدولية وقرارات مؤسسات وهيئات المجتمع الدولي.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...